ترامب يترجم «صفقته» قبل أن يعلن رسميًا عنها

ترامب يترجم «صفقته» قبل أن يعلن رسميًا عنها

ترامب يترجم «صفقته» قبل أن يعلن رسميًا عنها

 العراق اليوم -

ترامب يترجم «صفقته» قبل أن يعلن رسميًا عنها

بقلم - عريب الرنتاوي

لا معنى لتأجيل الكشف عن «صفقة القرن» أو تعجيله ... فالمبادرة ليست مطروحة للتفاوض، وهي لم تكن كذلك منذ أن بدأ الحديث عنها ... هي من نوع «take it or leave it»، خذها أو اتركها ... وهنا تتضاءل أهمية مواقف الأطراف منها، بما فيها الأطراف صاحبة العلاقة ... اليوم، يجري وضع المبادرة على سكة أخرى، يجري تنفيذها على مراحل متتالية، حتى قبل الكشف عنها، من جانب واحد، ومن دون انتظار مواقف الأطراف، وبدءاً بملفاتها الأكثر خطورة وحساسية على الإطلاق.
في ديسمبر الفائت، أحدث قرار الرئيس ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها، زلزالاً ما زالت تداعياته تضرب في غزة ورام الله ... الرئيس لا يكف عن «المفاخرة» بأنه جاء بما عجز عن فعله كل من سبقه من رؤساء أمريكيين، وهو يزعم بأنه نجح في إخراج ملف القدس الشائك والمعقد، والمسؤول عن فشل جولات تفاوضية متعاقبة، من جدول أعمال المفاوضات ومن على مائدتها.
بعدها بفترة وجيزة، فتح الرئيس وصهره وأركان إدارته النار على «الأونروا» بوصفها رمزاً أممياً لملف اللجوء الفلسطيني، وشاهداً دولياً على مفاعيل «النكبة» ... أوقف دعمه المالي للمنظمة الدولية، وشرع أنصاره في الكونغرس في الترويج لمشروع قانون يحصر اللاجئين الفلسطينيين بالجيل الأول منهم، ويجحب صفة اللجوء عن أبنائهم وأحفادهم، ما يعني أن عامل الزمن وحده، وليس المفاوضات أو مقررات الشرعية، وحده كفيل بحل هذه المشكلة بعد سبعين عاماً مرت عليها، لم تُبق سوى عدد قليل من أبناء ذلك الجيل.
اليوم، تسرب صحف إسرائيل وقنواتها التلفزية، معلومات عن توجه لدى إدارة ترامب، وليس لوبي أصدقاء إسرائيل في الكونغرس فحسب، لإسدال الستار عن «الأونروا» رسمياً، ومنع أي دول من أن تحل محل الولايات المتحدة في تقديم العون المالي لها ... وإعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني، بما يعني إخراج قضية اللجوء من أجندة المفاوضات والحل النهائي، وبصورة لم يجرؤ مسؤول إسرائيلي طوال ربع قرن من المفاوضات، على طرحها.
خلال هذه الفترة، استيقظت الإدارة على «أولوية أخرى»، تدور حول إضعاف منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وعزلهما، بل وخنقهما إن تطلب الأمر، طالما أن هذا الفريق الفلسطيني ما زال على موقفه المتصلب من المبادرة، وطالما أن  «حل الدولتين» ليس أثيراً على قلب هذه الإدارة اليمينية، ورأينا تحرشات متكررة بالرئيس ومكتب المنظمة في واشنطن، ورواتب الأسرى والشهداء، وكل ما يمكن أن يشكل أيقونات وأقانيم للعمل الوطني الفلسطيني وللهوية الوطنية للشعب الفلسطيني.
خنق السلطة، لم يقتصر على تقليص الدعم المقدم لموازنتها، بل وإيقاف المساعدات الاقتصادية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال في الضفة وغزة ... فالقرار الأخير بوقف صرف 223 مليون دولار مساعدات اقتصادية للسلطة، لا يعني شيئاً سوى معاقبة الشعب الفلسطيني برمته، وأخذه بجريرة موقف قيادته الرافض لصفقة القرن، والمتمنع حتى الآن عن إجراء اتصالات مع إدارة ترامب على خلفية موقفها من القدس وقرار نقل السفارة.
لا دولة ولا عودة ولا عاصمة ولا تواصل واتصال جغرافيين، لا سيادة ولا استقلال ولا تقرير مصير ... هذا الحشد من «اللاءات» هو الذي يختصر مآلات صفقة القرن ونتائجها الختامية... ولا شك أن الفلسطيني الذي سيقبل بها، لم يولد بعد، لكن من قال إن ترامب ينتظر قبول الفلسطينيين بمبادرته؟ من قال إنه يحتاج توقيع السلطة أو حماس عليها؟ ما يفعله ترامب وإدارته، هو ترجمة يومية لهذه المبادرة، بدءاً من ملفاتها الشائكة والأكثر خطورة، وهو أمر يجد ترحيباً متحمساً من جانب حكومة اليمين واليمين المتطرف في إسرائيل، التي رفعت وتيرة اعتداءاتها على غزة، وكثفت برامجها الاستيطانية والتوسعية في الضفة والقدس، وتحث الخطة لنقل «يهودية الدولة» إلى منظومة تشريعية – دستورية، ونمط حياة وحقائق على الأرض، داخل الخط الأخضر وخارجه.
صفقة القرن، أيها السادة، تتوالى ترجمتها فصولاً أمام ناظرينا، وعلى الأرض، وإن ظل الحال على هذا المنوال، فلن يتبقى لنا الكثير لنفعله غير الغرق في بحث عقيم: هل يعلنها ترامب أم يتراجع عنها ... والأكثر سذاجة من بين جميع الطروحات الفلسطينية والعربية والإقليمية حول هذه الصفقة، تلك التي تصور التأخير في الكشف رسمياً عن محتوياتها، بوصفه انتصاراً للمقاومة، تارة في غزة وأخرى في لبنان، وثالثة في عموم المنطقة.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب يترجم «صفقته» قبل أن يعلن رسميًا عنها ترامب يترجم «صفقته» قبل أن يعلن رسميًا عنها



GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

GMT 09:45 2021 السبت ,20 شباط / فبراير

سياحة إفتراضية على متن مركب شراعي في أسوان

GMT 20:47 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتسرّع في خوض مغامرة مهنية قبل أن تتأكد من دقة معلوماتك

GMT 21:28 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 22:02 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 15:16 2020 الأحد ,12 إبريل / نيسان

لا رغبة لك في مضايقة الآخرين

GMT 11:00 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

حفل توقيع المجموعة القصصية "عود بخور" بمكتبة "ألف"

GMT 09:51 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

تفاصيل " المندرة " عمل مسرحي عن "كورونا"

GMT 12:06 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

"الغارديان" تكشف عن وقائع الاغتصاب في سجن أبو غريب

GMT 04:41 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

ريهانا تثير الجدل مجددًا بإطلالة غريبة تظهر رشاقتها

GMT 06:19 2017 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

هديل العزاوي تنصح الفتيات بالخروج دون "ميك آب"

GMT 08:42 2017 الجمعة ,27 كانون الثاني / يناير

استمتع بقضاء شهر عسل في مدينة التسلية والتسوق ميامي

GMT 22:30 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

قصات شعر للوجه المثلّث..

GMT 06:50 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

عواصف شتوية عاتية تضرب خمسة ولايات أميركية الأحد

GMT 17:58 2019 الأحد ,06 كانون الثاني / يناير

منتخب يد تونس يهزم اليابان في بطولة يالو كاب السويسرية

GMT 15:14 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

7 علامات من السنّة تعرف بها "ليلة القدر"
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq