عن «الكيماوي» السوري و«الإستراتيجية» الأمريكية

عن «الكيماوي» السوري و«الإستراتيجية» الأمريكية

عن «الكيماوي» السوري و«الإستراتيجية» الأمريكية

 العراق اليوم -

عن «الكيماوي» السوري و«الإستراتيجية» الأمريكية

بقلم ـ عريب الرنتاوي

يلحظ المتتبع للأزمة السورية، أنه في كل مرة كان فيها النظام وحلفاؤه، يسجلون تقدماً ميدانياً ملحوظاً، كان “ملف الكيماوي” يفتح على أوسع نطاق، وغالباً على نحو مفاجئ، دفعة واحدة، وعلى نحو متناغم بين عواصم إقليمية ودولية عدة، مع أن منطق الحروب وتوازنات القوى الميدانية فيها، يقتضي اللجوء إلى هذا السلاح، في لحظات التأزم والحصار، وربما كخيار أخير، يحمل عادة اسم “خيار شمشون”، وليس في لحظات التقدم والاختراق والانفراج الأمني والعسكري.

حدث ذلك بعد المعارك الكبرى في القصير وحمص وحلب والبادية الشرقية، ويحصل اليوم، فيما قوات النظام، تحقق خرقاً سريعاً على جبهات أرياف حلب وحماة وإدلب، مسترجعة سيطرتها على أكثر من مائة بلدة وقرية وموقع، في عضون أسابيع قلائل، وهو تقدم تزامن مع عملية “غصن الزيتون” التركية، وحدانا بنا للحديث في هذه الزاوية عن معادلة “عفرين مقابل إدلب”، وهي المعادلة التي نفى وجودها كلية، إبراهيم كالن الناطق الرئاسي التركي.

مصدر التساؤل وسببه، لا يعود فقط إلى تزامن الاتهامات لدمشق باستخدام “الكيماوي” مع نجاحات جيشها وحلفائها في إحراز اختراقات ميدانية واسعة فحسب، بل ثمة سببان ومصدران لشكوكنا وتساؤلاتنا ... أحدهما، يعود إلى انعدام ثقتنا بـ “الآلية الدولية/الغربية” للرقابة والتفتيش والتحقيق، فنحن أبناء منطقة، لطالما كانت هدفاً للتقارير الزائفة الصادرة عن “الخبراء” و”المفتشين”، أمميين وغربيين، لنكتشف بعد حين من الوقت، ليس طويلاً في الغالب، بأن هؤلاء كانوا جزءا من آلة الدعاية الحربية، وأن عملهم يشبه عمل فرق الاستطلاع الأولى التي ترسلها الجيوش عادة، قبل أن تهبط بقواتها الضاربة على أرض المعركة وميادينها.

أما السبب الثاني، فيعود لانعدام ثقتنا بـ “إنسانية” النظام في دمشق، وهو الذي لم يتورع عن القتل والاعتقال خارج القانون، وأظهر دموية في كثيرٍ من المواجهات التي خاضها في سوريا ضد شعبه في سوريا، وفي لبنان، ضد معظم مكوناته، من فلسطينيين وسنة وشيعة وموارنة، حركة وطنية و”انعزاليين” على حد سواء، والتاريخ الحديث، حافل بركام القصص المروعة حول هذه الموضوعات، بدءاً من الحرب الأهلية وانتهاء بآخر حروب المخيمات، مروراً بزحلة وغيرها.

نحن لا نثق بهؤلاء جميعاً ... لا النظام موضع ثقتنا، ولا الولايات المتحدة وحلفاؤها وأتباعها، لديهم سجل موثوق في الصدقية، بل على العكس من ذلك تماماً، وحكاية كولن باول في مجلس الأمن وأسلحة الدمار الشامل العراقية، ما زالت حاضرة بقوة في الأذهان ... كما أن دور رئيس الوزراء البريطاني، طوني بلير، في أثناء ولايته وبعد، أظهر كم هو كاذب ومخادع، بل وكم على أتم الجاهزية والاستعداد، لتلقي الرشي من الدول المقتدرة، تحت أسماء ومسميات عديدة، وكم هو “باطني” فيما يتعلق بحقوق الفلسطينيين والعرب، يظهر خلاف ما يعلن، في كل مرة، ومن دون أن يرف له جفنٌ واحدٌ.

ولأننا لا نتوافر على مصادر موثوقة للمعلومات، ولا نمتلك آلية تحقق، في غياب أي جهد نزيه، موضوعي، عملي، مهني ومحايد، فإن سؤال “التزامن” بين الاتهامات لدمشق باستخدام الكيماوي والنجاحات الميدانية للجيش السوري وحلفائه، يظل مصدراً للشك والتشكيك والتساؤل، دائماً وفي كل مرة يفتح فيها هذا الملف.

على أننا هذه المرة، نتوافر على سبب إضافي للشك والتشكيك، فواشنطن التي تزعم أنها تتوافر على استراتيجية جديدة لسوريا، هي في واقع الحال، ليست استراتيجية وليست جديدة، وكل ما في الأمر، أنها قررت على ما يبدو، رفع كلفة “الانتصار” الروسي في سوريا، ورفع كلفة البقاء الروسي في سوريا، والتعطيل على محاولات الكرملين صياغة حل نهائي للأزمة السورية، بشروطه ووفقاً لمصالحه.

لواشنطن سياسات وإجراءات، دبلوماسية وميدانية، اعتراضية على النجاحات التي حققها “القيصر”، فهي تستبق “سوتشي” بوثيقة الدول الخمس ومؤتمر فيينا، وهي تقطع الطريق على التقدم الميداني للجيش السوري بتدريب مئات المقاتلين الجدد، والتفكير بإنشاء قوة حدودية، وعندما تفشل كل هذه المحاولات في إفقاد النجاحات الروسية لزخمها، يستحضر الكيماوي، ويستحضر معه التلويح بخيار القوة ضد نظام الأسد، وثمة “جوقة “ جاهزة، سياسياً وإعلامياً، لتخطي خلافتها وصراعاتها  لفتح النار إعلامياً على موسكو ودمشق، وتخصيص ساعات بث لا تتوقف لتغطية المشاهد المروعة لجريمة الكيماوي، من دون أدنى مهنية، يقتضيها واقع الحال.

ثمة ما يؤكد أن واشنطن في استراتيجياتها الجديدة، بما فيها النووية، ترفع قفاز التحدي في وجه موسكو، التي وضعت إلى جانب الصين، في مصاف الدول المعادية للولايات المتحدة، وثمة ما يشي بأن واقعة إسقاط طائرة السوخوي 25 فوق إدلب، بصاروخ حراري، تسترجع بطريقة أو أخرى، فصولاً من تجربة “الستينغر” في أفغانستان، عندما كان “مجاهدو القاعدة” يوصفون بمقاتلي الحرية في الإعلام العربي والأمريكي والغربي عموماً ... وثمة ما يؤكد أن الرد الأفضل والأقل كلفة على موسكو ونجاحاتها السورية، سيكون بضرب أهداف تابعة للنظام، وربما بطريقة تعيد سيناريو الضربة الصاروخية لمطار الشعيرات العام الفائت.

المصدر : جريدة الدستور

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن «الكيماوي» السوري و«الإستراتيجية» الأمريكية عن «الكيماوي» السوري و«الإستراتيجية» الأمريكية



GMT 22:45 2021 الخميس ,18 شباط / فبراير

عن دلالات «واقعة أربيل» وتداعياتها

GMT 23:42 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

مخاوف مشروعة

GMT 00:49 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

5 إطلالات ساحرة لـ "جنيفر لوبيز" حملت توقيع زهير مراد

GMT 12:41 2019 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 03:30 2017 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

"شيرون بوغاتي" أقوى وأسرع وأغلى سيارة في العالم

GMT 23:23 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

إليسا تبعث برسالة نارية لحسن نصر الله

GMT 18:53 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

دزيري يؤكد أن الحظ خان فريقه أمام مولودية الجزائر

GMT 10:46 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

تحذيرات من أزمة مالية عالمية جديدة بحلول 2019

GMT 11:30 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عرض فيلم "Vitamin" على "MTV" مساء السبت

GMT 19:28 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تشيد بموهبة وفاء عامر في مسلسل "الطوفان"

GMT 01:29 2015 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

10 دروس تعلمها مرشحو البرلمان من "الجردل والكنكة"

GMT 20:10 2017 الأحد ,29 كانون الثاني / يناير

7 مشتركين يتأهلون للتصفيات المباشرة من "أرب ايدول"

GMT 08:11 2016 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

كيف تحمين طفلك من الابتزاز الالكتروني؟

GMT 13:54 2014 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

عبارات حماسية فعالة تحفزك لأداء تمارين اللياقة

GMT 18:01 2016 الأحد ,02 تشرين الأول / أكتوبر

قناة شنبو تعرض مسلسل "الأسطورة" كفيلم سينمائي حصريًا

GMT 14:13 2015 الأربعاء ,03 حزيران / يونيو

صراع إكوادوري على لاعب "النصر" أرماندو ويلا
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq