عن دلالات «واقعة أربيل» وتداعياتها

عن دلالات «واقعة أربيل» وتداعياتها

عن دلالات «واقعة أربيل» وتداعياتها

 العراق اليوم -

عن دلالات «واقعة أربيل» وتداعياتها

عريب الرنتاوي
بقلم : عريب الرنتاوي

في الهجوم الصاروخي على مطار أربيل، ثمة ما هو «مُتفق» مع هجمات مماثلة سابقة، وثمة ما هو «مُفترِق» عنها جميعها...المشترك بين هذه الهجمات، أنها من فعل «فاعل واحد»: مليشيات الحشد الشعبي، المعلومة منها، وتلك التي تظهر على حين غرة...وأنها تندرج في سياق «الرد الاستراتيجي» لإيران على مقتل قاسم سليماني، حيث وضعت طهران إخراج القوات الأمريكية من العراق، ثمناً لرأسه...أما المُختلف، فكونها ضربت في قلب عاصمة «الإقليم» هذه المرة، ما سيتسبب في تعميق الأزمة بين أربيل وبغداد، رسمياً وعلى مستوى «المكونات» العراقية كذلك.

كدأبها دوماً، لم تبق جهة رسمية واحدة في العراق، لم تستنكر الهجوم، وتصفه بالإرهابي، من رأس الدولة إلى رأس الحكومة، مروراً بمروحة واسعة من كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين والعسكريين...وكدأبها في كل مرة، لم تتوان الحكومة العراقية عن تشكيل «لجنة تحقيق» لمعرفة ملابسات الاعتداء ومحاسبة المسؤولين عنه...بيانات استنكار، سرعان ما تفقد مفاعليها بعيد صدورها، ولجان تحقيق لا تصل إلى نتيجة.

إيران، غالباً ما تتنصل من ضلوعها في أحداثٍ من هذا النوع، توجيهاً أو تدبيراً...هذه المرة، جاء تعقيب إيران مُترعاً بالشجب والاستنكار، نافياً أية صلة لها بالعملية أو علمٍ بهوية منفذيها...الشجب والنفي، من مستلزمات «حرب الوكالة»، وإلا لما أسميت بهذا الاسم، وقِلّة فقط، أخذت البيان الإيراني على محمل الجد، لكن كثرة العواصم والأجهزة والمراقبين، لا تصدق طهران حين تستنكر وتنفي مسؤوليتها، ومن يصدقها، يعتقد بأن «المصيبة أعظم» عندما تكون طهران غافلة عمّا تفعله جيوش المليشيات التي أنشأتها في العراق، لكأنها أطلقت «وحشاً» ولم تعد تستطيع التحكم بسلوكه وردات أفعاله.

اليوم، وفي أربيل، وأكثر من أي وقت مضى، تسقط «أكذوبة» أن «الحشد» مؤسسة أمنية – عسكرية أمنية «رسمية»، تتبع «القائد العام»، الذي هو رئيس الحكومة بالمناسبة...هؤلاء ليسوا من ضمن مؤسسات الدولة، هؤلاء هم القاعدة العسكرية لقوى تمارس «السلطة»، من داخل المؤسسات ومن خارجها، وغالباً، على قاعدة التبعية التامة لمرجعياتها الأمنية والدينية في طهران.

حين يتصرف «الحشد»، كُلّه أو جُلّه، بالضد من إرادة الحكومة ورئاسة الدولة، بل ويعمد إلى أسلوب «منح» رئيس الحكومة مهلاً زمنية قصيرة ومشروطة، لإخراج القوات الأمريكية من العراق، فهذا شاهد على منطق «الاملاءات» وليس تعبيراً عن الانضباط للمستوى السياسي والالتزام بقرارات وتوجيهات «القائد العام».

بعضهم، من «الحشديين» يستند إلى قرار البرلمان العراقي مطلع العام الفائت، بـ»تنظيف» العراق من الوجود العراقي رداً على مقتل سليماني والمهندس، لكن العراقيين جميعاً يعرفون ملابسات اتخاذ ذاك القرار، وظروفه ومن اتخذه: إنه قرار اللون المذهبي الواحد، في لحظة مشحونة، وعند خط «التوتر العالي» بين طهران وواشنطن...بقية المكونات لم تكن شريكة في اتخاذ القرار، وعملية أربيل ستزيد انقسامات حول «كيفية التعامل مع الوجود الأمريكي في العراق.

الدولة العراقية، حكومة ورئاسة وقوى أمنية وعسكرية، لا تتفق مع إيران ولا مع «حشدها الشعبي» حول أولوية خروج أو إخراج القوات الأمريكية من العراق...فهي ترى أنها ضرورية لاستكمال الحرب على داعش، وهي ترى أنها «عامل توازن» مع النفوذ الإيراني في العراق...ولو أن خروج الأمريكيين من العراق جاء في سياق استعادة البلاد لوحدتها وسيادتها، لكان الأمر مقبولاً ومطلوباً، أما أن يكون هدف هذا «الشعار» الإبقاء على العراق في القبضة الإيرانية، ولغاية تعزيزها، فذلك ما لا تريده أغلبية عراقية، مكونات وأفراداً، بدلالة الشعار الذي أطلقته ملايين العراقيين في انتفاضة تشرين 2019 فدعونا أيضاً، لا نُخدع بأكذوبة أن الحشد ينفذ الإرادة الشعبية والرسمية العراقية بطرد الأمريكيين وحدهم من العراق.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن دلالات «واقعة أربيل» وتداعياتها عن دلالات «واقعة أربيل» وتداعياتها



GMT 20:24 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

حزب الله والارتياب والتدويل

GMT 22:43 2021 الخميس ,18 شباط / فبراير

المنسي في وادي الملوك

GMT 10:32 2021 الخميس ,18 شباط / فبراير

تكاملُ اللامركزيّةِ والتدويل في لبنان

GMT 21:48 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 03:43 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

علماء يتوصلون إلى رسم تصوري دقيق لتجسيد أشرس الديناصورات

GMT 21:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

كليب "أضحك أنت" لحميد الشاعري يحقق أكثر من مليون مشاهدة

GMT 12:45 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

إرتفاع أسعار النفط ومؤشر برنت يقفز إلى فوق الـ 56 دولارا

GMT 05:56 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نانسي وحماقي وعاصي في الدعاية الأولى لـ "ذا فويس كيدز"

GMT 04:17 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أنجلينا جولي تتألق بفستان أبيض في عرض فيلم "ملافسينت"

GMT 03:54 2019 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

مضاد حيوي وفيتامين «سي» يعالجان السرطان

GMT 15:03 2019 الإثنين ,04 شباط / فبراير

الهلال يستضيف نظيره الفتح علي ملعب "محيط الرعب"

GMT 23:49 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

سعر الجنية المصري مقابل الدينار الكويتي الجمعه

GMT 18:50 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عمر السومة يفوز بجائزة أفضل لاعب في الجولة الـ14

GMT 19:23 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

فريق الفيصلي يقتنص 3 نقاط من الوحدة ويقرّب المسافات

GMT 00:30 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

سامسونج تعلن تطلق نسخ محدثة من أجهزة "The Frame" و"Serif"
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq