أرض المدامع تكشف كنوزها أمام البشر
آخر تحديث GMT05:21:44
 العراق اليوم -

"أرض المدامع" تكشف كنوزها أمام البشر

 العراق اليوم -

 العراق اليوم - "أرض المدامع" تكشف كنوزها أمام البشر

الرباط ـ وكالات

«أرض المدامع» هي الرواية الثانية، بعد أولى هي «سرير الأسرار» للروائي المغربي البشير الدامون (المركز الثقافي العربي). والمدامع، في التاريخ، هي أوانٍ صغيرة مصنوعة من زجاج غير شفاف كان الرومان يجمعون فيها الدموع عند فراق حبيب أو وفاة عزيز. وفي الرواية، هي الأواني التي يعثر عليها سيد القصر في كهف تحت الأرض، بعد مغامرة كلفته حياة زوجته، وفيها دموع الملكة جونيا أورانيا على زوجها بطليموس. وبذلك، تكون «أرض المدامع»، أرض التاريخ والحزن والكنوز والأسرار، هي الفضاء الروائي الذي يجمع بين الحاضر والماضي، بين الواقع والحلم، بين التاريخ والأسطورة. في هذا الفضاء المتخيّل تدور الأحداث، وتتحرّك شخصيات الرواية بحثاً عن كنوز تحلم بها، وتخوض دونها مسارات صعبة ومتعرّجة، فيعثر بعضها على كنزه، ويعود بعضها الآخر من الغنيمة بالإياب، ويصرّ البعض الثالث على متابعة البحث. تدور أحداث الرواية بين مدينتي تطوان وفاس المغربيتين، في الثمانينات من القرن الماضي. وترصد محاولات الشخصيات تغيير الواقع القائم بالفعل المباشر أو بالحلم والسعي لتحقيقه، بالعمل الفردي أو بالعمل الجماعي، ويكون لكل شخصية مخاضها الذي يترتب عليه نتائج معيّنة. فنحن أمام شخصيات قلقة، لوجودها في واقع سفلي، أو لوجودها في واقع جيد لا تكتفي به وتتطلع إلى واقع أفضل. ولكل شخصية حكايتها المتقاطعة مع حكايات الآخرين في شكل أو في آخر، ولكلٍّ كنزها الذي تحلم به وتبحث عنه. الشخصية المحورية في الرواية هي الراوية ثلاثة من فصولها الخمسة، المنخرطة في الأحداث والشاهدة عليها، وهي تنتمي إلى القاع الاجتماعي في ولادتها ونشأتها، وتناضل لتغييره في شبابها، وتدفع دون نضالها ثمناً كبيراً. تبدأ الراوية الرواية بجملة «أعبر بحراً من الليل» (ص 9)، وتنهيها بجملة «إنني ملزمة بمواصلة العبور» (ص 222)، حتى لتبدو حياتها، ما خلا محطات قليلة، عبوراً متواصلاً في الليل، فهي لقيطة نشأت في دار للمومسات، والمفارق أن مديرة الدار ممّا الزاهية تعهّدتها بتربية صارمة، فلا تنزلق إلى أفكار أحمد المتحرّرة، زميلها في الجامعة، ولا تسقط في إغراءات أمير، ابن سيد القصر، وتحفظ جسدها وروحها. تنخرط في النضال مع رفاق الجامعة وآخرين ضد النظام الرأسمالي الحاكم والطبقة الرأسمالية، فتوزّع المنشورات، وتتظاهر حتى إذا ما أخذ النظام يطارد المشاركين لاعتقالهم، تتدبّر ممّا الزاهية إخفاءها في قصر الباشا، هي التي كانت أخفته في شبابه حين مرّ بظروف مشابهة. تلبي دعوة أمير، ابن سيد القصر، لاكتشاف السراديب التي تزعم وصيّة قديمة أنها تحتوي على كنز لكنهما لا يعثران على شيء، ويأتي تدخّل سيدة القصر في اللحظة المناسبة لينقذها من الخوض في سراديب الجسد، وليجهض علاقة عاطفية كانت آخذة في التبلور بينها هي الآتية من القاع الاجتماعي وبين أمير المتحدّر من طبقة السادة. وتكون المفارقة أن الطبقة التي تناضل ضدها تقوم بحمايتها، ما يُسقط روائيّاً طبقيّة الصراع. تُعتقل وتخضع لأبشع أنواع التعذيب، ولا تبوح بأسماء شركائها في توزيع المنشورات والحض على التظاهر، ثم يُطلق سراحها لتردي وضعها الصحي. تقودها خطاها ذات حلم إلى الفردوس غير أنها ترفض كل الإغراءات للبقاء فيه، وتصرّ على العودة والعبور، وتشهد على نفسها أنها أثمن كنز (ص 222). تتهاوى الكنوز التي حلمت بها تباعاً، يسقط كنز التغيير بقمع النظام الحاكم، يسقط كنز الحب والارتباط بأحمد زميلها الجامعي بترفّعها عليه، يسقط كنز الحب مع أمير بخضوعه لإرادة أمه، يسقط كنز السراديب بعدم العثور عليه، يسقط كنز الفردوس بإعراضها عنه، تكتشف في نهاية المطاف أنها، بصبرها ومعاناتها ورفضها الإغراءات وعدم خضوعها للضغوط، هي الكنز الحقيقي.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أرض المدامع تكشف كنوزها أمام البشر أرض المدامع تكشف كنوزها أمام البشر



GMT 01:25 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار متجددة وراقية لديكورات مداخل حفلات الزفاف

GMT 02:14 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة سيريفوس في سيكلاديز من أفضل جزر اليونان

GMT 21:26 2019 السبت ,10 آب / أغسطس

تعرفي علي مكونتات أغلى عطر في العالم

GMT 21:13 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

ناصر الخليفي يضع زين الدين زيدان على رأس قائمة المدربين

GMT 00:38 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

منال سلامة تقدم شخصية شريرة في " عائلة الحاج نعمان "

GMT 19:46 2019 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ختام النسخة 11 لمهرجان منصور بن زايد للخيول العربية الأصيلة

GMT 09:36 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

شركة هيونداي تعلن طرح سوناتا 2018 بمواصفات مذهلة

GMT 02:53 2017 الثلاثاء ,04 تموز / يوليو

العلماء يخترعون ستائر تخزن الطاقة الشمسية

GMT 13:43 2019 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

"Jacquemus" تكشف عن حقائب صغيرة ليس كالتي نتخيلها

GMT 15:15 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

تدريبات خاصة للاعبي يد النادي الأهلي المصري الدوليين

GMT 21:42 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة إعداد كرات الشوكولاتة بجوز الهند والشوفان
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq