​منحوتة فنية تتربّع في وسط دمشق شاهدة على المأساة السورية
آخر تحديث GMT05:21:44
 العراق اليوم -

​منحوتة فنية تتربّع في وسط دمشق شاهدة على المأساة السورية

 العراق اليوم -

 العراق اليوم - ​منحوتة فنية تتربّع في وسط دمشق شاهدة على المأساة السورية

قلعة دمشق
دمشق- العرب اليوم

تتربّع في وسط دمشق منحوتة صممت من القذائف والمتفجرات انتصبت بالقرب من جدران قلعة دمشق لتبقى شاهدا على المأساة السورية على ارتفاع مقارب لجدران قلعة دمشق.

وخلال شهرين استخدم الفنان مصطفى علي بقايا الأشياء التي يستعملها الإنسان في حياته اليومية كالأدوات الكهربائية والأواني المنزلية وكل شيء مصنوع من الحديد خلفته القذائف ليصنع عملاً فنياً نصبياً بارتفاع تسعة أمتار وسبع طبقات.

يقول "علي" في حديثه لصحيفة "الأيام": "فكرة تحويل الخراب إلى عمل فني من الأسباب المحرضة للعملية الإبداعية لإنتاج فن يعبر عن المأساة التي فعلت فعلها في بلدنا، ويمكن لأي مادة أو أداة أو أشياء خضعت لقسوة الحرب أن تصبح عملاً فنياً بيد فنان مبدع، يستطيع أن يظهر حجم الألم في الذات السورية ومقدار الخيبة التي ألمّت بنا جميعا".

يأخذ العمل شكل التعليب والصندقة، تبهرك للوهلة الأولى سيطرة المعادن الغليظة عليه، كأنه يدعوك لشيء من الحذر، لكنك لا تلبث أن تعذره، راغبا بمعرفة المزيد عنه.

في طبقته الأولى كمية كبيرة من أشياء مختلفة، يصعب تحديدها لكثرة ما طرأ عليها من عجن وضغط، تنتشر على سطوحها الظاهرة تعرجات وانحناءات متداخلة بالأحمر والبنفسجي والأزرق، وهو ما يظهر في الطبقات الأخرى بشكل مختلف.. يطرح العمل تساؤلات عدة: هل يمكن لأحدنا أن يترك جرحه وراءه؟ وإلى متى تجعلنا الحرب أفراداً بهموم لا تتجاوز الموت والحياة؟ أما تعدد طبقاته فهو رمز لسنوات الألم الحي، كلٌ تذوقه بطريقة ما ولسبب معين، وفي كل مرحلة تختلف المعادن "أشرطة، حلقات، كتل، مضغوطات".

ما يمكن التوقف عنده أيضاً طريقة تكوين العمل، وهو ما يركز عليه النحت عادة في استثمار الفراغ في المساحات الواسعة لأنه فن "مديني" أساساً، ومن الأهمية بطبيعة الحال وجود علاقة صحيحة بين الشكل العام للمكان والنحت النصبي مايجعله أكثر قرباً من الناس، من يحلو لهم لمسه والتمعن فيه، واعتباره مكوناً أصيلاً في بيئتهم كالشجرة والبيت والنهر، يستطيع المجاراة في حديث طويل سواء أكان خشباً أم حديداً أم صخراً.

تطويع الحديد، وهو المعدن المستخدم، لإثبات مشاعر بشرية، يتطلب رؤية واضحة ومركزة، فليس من السهل إقناع المتفرج أن المعدن الصلب، والذي يعد مؤشراً على قسوة الآخر وتبلد أحاسيسه بل عجزه عن إدراك فظاعة ما يتسبب به لمن هم حوله، قادر على إعلان موقف إنساني من حرب مستمرة من دون خوف.

هكذا تصرخ منحوتة علي في الساحة وحيدة، غير مبالية بالرفض أو القبول، كأنها تناجي السماء، تخبرها أن قدرتها على الاحتمال ما عادت لها قيمة أمام الأهوال والفظائع.. يضيف النحات: تعمدت أن أترك عليها آثار الحرب وبقاياها لكي يراها الجميع، ويتذكروا من خلالها أن ما تحويه رفوف واجهتها من أشياء، كانت في بيوتهم قبل الدمار والخراب الذي خلفته الحرب مع مكونات أخرى "دراجة طفل، مكيف، غسالة"، وعلى صعيد التكنيك أتاح العمل لنحاته رؤية جديدة، وهو يأخذ محرضاته من محيطه عادة ويتأثر بما يحدث، يعكسه بشكل فني ويعيد صياغته ويقدمه للمشاهد من خلال مشروع فني له تأثير على العين والذاكرة.

بالتأكيد العمل الفني لا يخفف الألم، لكنه يمارس دوراً مختلفاً، من شأنه مثلاً أن يقول للناس "لاتقعوا بالمأزق نفسه مرة ثانية، لا تسمحوا للحرب أن تصل إلى بيوتنا ونفوسنا".

ما يمكن للمنحوتة فعله أيضا مخاطبة الذاكرة، فهي لا تنفصل عما تحتفظ به الثانية من تفاصيل وشموليات لكنها هذه المرة تقابلها بقسوة لتجبرها على التفكير بالقادم، من دون أن ننسى أنها عمل تراكمي صنعته المأساة في دواخلنا وعايشناها بشكل يومي، واختبرنا قسوتها عبر سنوات، لكن كيف يمكن للمتفرجين تقبل منحوتة "بقايا الحرب" بوصفها عملاً نصبياً ضخماً سيكون أمام أنظارهم يوميا؟

يقول علي: "أذكر منذ سنوات طويلة حين بدأنا نشتغل بالنحت، كان شيئاً يشبه المستحيل، لكن إصرار الفنانين على أن يقدموا فناً خلال الحرب أوصلهم إلى تحقيق وجود حقيقي للشكل والفراغ في ثقافة الأعمال النصبية بحيث صار لها حضور قوي في حياتنا العامة، وقبل ذلك بكثير في الـ30 عاما الماضية استطاع النحت أن يثبت وجوده على الصعيد الشعبي والرسمي، ليكون موجوداً في حياة الناس وحدائقهم وأماكنهم العامة والخاصة، كل هذا طوّر الثقافة البصرية تجاه الفن عامة والنحت خصوصا".​

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

​منحوتة فنية تتربّع في وسط دمشق شاهدة على المأساة السورية ​منحوتة فنية تتربّع في وسط دمشق شاهدة على المأساة السورية



GMT 22:21 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 09:19 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

ليونيل ميسي يجرد كريستيانو رونالدو من رقم قياسي

GMT 17:50 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الدكتور عمرو خالد يؤكد أن سورة النور تقهر ظلام الإلحاد

GMT 01:44 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

خطوات تدريب طفلكِ على ترتيب حقيبة المدرسة بنفسة

GMT 12:55 2017 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

رابطة ملاك الخيل في الباحة تنظم سباق القدرة والتحمل الأول

GMT 09:35 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

صندوق النقد الدولي يفكر بخطوة إنقاذية نادرة

GMT 17:02 2014 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ضبط 4 عناصر متشدده بحوزتهم حزام ناسف و4 قنابل في الشرقية

GMT 00:57 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

سجن طالبة روسية سافرت إلى عشيقها الجهادي

GMT 13:31 2016 الأربعاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

30 ألف لاعب "كونغ فو" يشاركون في مهرجان صيني

GMT 10:29 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

ترشيحات جوائز حفل الأوسكار في دورته 91 لعام 2019

GMT 11:26 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

الهند تزيح ألمانيا عن قائمة أكبر ٧ بورصات في العالم‎‎
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq