سؤال الأسئلة لماذا جاء «ترامب» للحكم

سؤال الأسئلة: لماذا جاء «ترامب» للحكم؟

سؤال الأسئلة: لماذا جاء «ترامب» للحكم؟

 العراق اليوم -

سؤال الأسئلة لماذا جاء «ترامب» للحكم

بقلم - عماد الدين أديب

ما الدور الوظيفى التاريخى الذى جاء به الرئيس الأمريكى دونالد ترامب؟

كل رئيس أمريكى، سواء كان ينتمى للحزب الديمقراطى أو الجمهورى يأتى بدور رئيسى يميز فترة رئاسته.

الرئيس روزفلت جاء لإنقاذ الاقتصاد ودخول الحرب العالمية الثانية، الرئيس أيزنهاور جاء لدور أمريكى عالمى وحماية الاقتصاد، الرئيس جون كيندى جاء للمساواة فى الحقوق المدنية ومواجهة الشيوعية، الرئيس نيكسون جاء لإنهاء حرب فيتنام ومحاورة الصين وبدء سياسة الانفراج مع الاتحاد السوفيتى ورفع غطاء الذهب عن الدولار الأمريكى، والرئيس رونالد ريجان جاء لمواجهة الشيوعية، وإسقاط الاتحاد السوفيتى من الداخل والخارج.

وكل رئيس له «قوة رئيسية» داخل النظام، والحزب المرشح له، هى الدافعة له، وهى تعتبر القوى المتحكمة فى صناعة قرار اختياره وتمويل حملته ودعمه بكل الوسائل حتى ينجح.

هذه القوى الداعمة أحياناً تكون علنية وأحياناً تكون بمثابة «الحكومة الخفية» التى تدير القرارات الرئيسية وتؤشر إلى اتجاه بوصلة السياسات الأساسية.

ويعيش الرئيس الأمريكى طوال فترتى الرئاسة مخلصاً لهذه القوى، ساعياً بشكل دائم إلى سداد فاتورة الولاء الكامل لهذه القوى التى تكون عادة من نخبة رجال الأعمال، والمصارف، ورجال التجارة، ورؤساء القوى الرئيسية وأقطاب الحزب وحكام الولايات وكبار رجال مجلسى الشيوخ والنواب، ونخبة رجال الأجهزة الأمنية وهيئة أركان القوات المسلحة، وقدامى السياسيين المؤثرين، وأصحاب الشركات الإعلامية العملاقة.

إذن، الرئيس الأمريكى يعيش مديناً لهؤلاء ويعيش طوال فترة رئاسته يتخذ قرارات هى فى حقيقة الأمر سداد لفاتورة هذا الدين.

بعد هذه المقدمة، وبناء على ما سبق، نسأل لماذا جاء ترامب إلى الحكم، ولماذا هو - دون غيره- تم دعمه للفوز بالذات؟

وحتى ننعش الذاكرة، نقول إن «ترامب» لم يفز بالصوت الشعبى الانتخابى، فالأرقام تقول إن منافسته السيدة هيلارى كلينتون فازت بـ3٫5 مليون صوت شعبى صحيح، لكن الرجل فاز بما يعرف بصوت المجمع الانتخابى وهو صوت يتأثر بالدرجة الأولى بالقوى الفاعلة والداعمة والممولة للحزب التى تؤمن بأن الحزب الديمقراطى يسيطر عليه أصحاب «أيديولوجية اشتراكية»!

ونذكر أيضاً أن «ترامب» خاض معركة أشد وأعقد من معركته مع السيدة كلينتون وهى معركة اختيار الحزب الجمهورى له، حيث إنه فاز على 17 منافساً جمهورياً من أفضل عناصر الحزب التى تفوقه خبرة فى مجال السياسة، والحكم، والعمل العام.

إذن، القوى الفاعلة فى الحزب الجمهورى دعمت «ترامب» فى انتخابات الحزب، ثم فى المجمع الانتخابى دون غيره.

السؤال، مرة ثانية: لماذا يدعمون رجلاً كل خبرته تتمركز فى المقاولات والعقارات ورئاسته مسابقة ملكة جمال أمريكا، وتقديم برنامج تليفزيونى ورعاية مباريات المصارعة الحرة؟

باختصار: لقد تضررت القوى الفاعلة فى الحزب الجمهورى من سياسات حكم الجمهوريين فى عهدى: بيل كلينتون، وباراك أوباما (أى 16 عاماً) اتخذا فيها مجموعة من القرارات والاتفاقات والمعاهدات المضادة تماماً لجوهر فكر وصالح اليمين الجمهورى.

كان «كلينتون» يعبر عن سياسات ما يعرف بالطريق الثالث، وهى سياسة تجمع بين الاقتصاد الحر والرؤية الاجتماعية، بينما وصل باراك أوباما إلى سياسة شبه اشتراكية ذات مضمون اجتماعى تجلت فى أوجها فى مشروعه المعروف باسم «أوباما كير» أى مشروع العلاج الصحى، الذى يؤمن العلاج لملايين الأمريكيين بشكل قريب لنظام اشتراكية شمال أوروبا ذات المضمون القائم على الرعاية الاجتماعية.

فى العهد الديمقراطى أيضاً دخلت أمريكا بقوة فى معاهدات العولمة، مثل اتفاقات النافتا والتجارة فى اليابان والصين وكوريا الجنوبية وزادت من برامج المساعدات الشهيرة لدول كثيرة فى العالم الثالث، وقدمت هبات ووقعت على اتفاقات دولية فى مجالات البيئة والسكان والتجارة، كلها فيها «صيغة التعاون» أو ما رآه «ترامب» وحلفاؤه «تفريطاً وخيانة» فى حقوق ومصالح واشنطن والشعب الأمريكى.

هنا يأتى السؤال: كيف يمكن الخروج من اتفاقات ومعاهدات ملزمة، وافقت عليها الولايات المتحدة بعد نقاش ووقعت عليها وأودعتها فى الأمم المتحدة كوثائق تاريخية؟

كان لا بد أن يأتى «بلدوزر سياسى» لا تعنيه أخلاقية الالتزام التعاقدى ولا قيمة المعاهدات الثنائية، ولا يخجل أبداً من أن يخرج للعالم ويقول: «فلتذهب هذه المعاهدة إلى الجحيم، ولا يعنينى احترام ما وقع عليه أى رئيس أمريكى سبقنى».

باختصار جاء «ترامب» كى يخرج وينسحب من كل الاتفاقات والمعاهدات التى أضرت بمصالح اليمين الجمهورى فى عهد اليسار الديمقراطى، ويكفى أن الرجل قال فى كلمته أمام مجلسى الشيوخ والنواب: «بلادنا لن تصبح دولة اشتراكية».

جاء «ترامب» كى يعيد صياغة مواقف الرئاسة فى الداخل الأمريكى، وفى الخارج العالمى بما يتفق مع مصالح القوى التى صعّدته بصرف النظر عن حرج أو إشكاليات لنسف وتفجير الالتزامات السابقة.

لذلك كله لم يكن غريباً أن يخرج «ترامب» من اتفاق النافتا مع كندا والمكسيك، ومن اتفاقات التجارة مع الصين وكوريا الجنوبية واليابان والاتحاد الأوروبى، وأن يهدد بالخروج من حلف الأطلنطى، وأن ينسحب فعلاً من اليونيسكو والأونروا واتفاقية باريس للبيئة.

ولم يكن غريباً أن يخرج من سوريا، وأن ينسحب من اتفاق «خمسة زائد واحد» مع إيران، وأن ينقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة.

لهذه الأسباب جاء «ترامب»، والآتى منه تجاه العرب والشرق الأوسط أخطر.

هذا كله يتم تحت ضغط التحقيق معه على مشارف الفترة الثانية من مدته الرئاسية المقبلة.

ومن شاهد الرجل فى خطاب الاتحاد فى الكونجرس سوف يدرك حال «الضغط السياسى» و«الحصار النفسى» الذى يعيشه «ترامب» جراء الأغلبية الديمقراطية ومخاوف تقرير لجنة التحقيق المعروفة بـ«لجنة موللر».

عام 2019 هو أسوأ أعوام «ترامب»، وأسوأ أعوامه مع الشرق الأوسط.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سؤال الأسئلة لماذا جاء «ترامب» للحكم سؤال الأسئلة لماذا جاء «ترامب» للحكم



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

GMT 21:09 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 17:33 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

تتحدى من يشكك فيك وتذهب بعيداً في إنجازاتك

GMT 13:45 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

أبرز صيحات موضة بدلات ملونة بستايل عصري وجديد

GMT 13:25 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

مجموعة من مجوهرات عروس فخمة من وحي أهم النجمات

GMT 01:30 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مايكروسوفت تجعل متصفح Edge أسرع وأكثر عملية

GMT 13:00 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

طريقة إعداد حلوى "تشيز كيك اللوتس" الشهية

GMT 19:38 2017 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

واتساب تعلن عن خاصية مشاركة المكان بشكل مباشر

GMT 22:26 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

الشباب يواصل تدريباته على ملعب الأمير خالد بن سلطان

GMT 19:36 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

تحذير أممي من تعرض اليمن لأكبر مجاعة يشهدها العالم

GMT 01:22 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

صيحات مميّزة للحقائب باللون الأبيض لصيف 2018

GMT 21:44 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

زياد نكد يطبع بصمة ملفتة في عالم هوت كوتور

GMT 13:51 2021 السبت ,02 كانون الثاني / يناير

توقعات ماغي فرح للأبراج في عام 2021

GMT 00:20 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 20:57 2019 الثلاثاء ,16 تموز / يوليو

"شانيل" تطلق مجموعة مجوهرات راقية جديدة

GMT 05:34 2019 السبت ,06 إبريل / نيسان

طحنون بن محمد يعزي بوفاة سيف عبيد المنصوري
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq