الأردن ومؤتمر وارسو

الأردن ومؤتمر وارسو

الأردن ومؤتمر وارسو

 العراق اليوم -

الأردن ومؤتمر وارسو

بقلم - عريب الرنتاوي

على مبعدة أيام من انعقاد مؤتمر وارسو، يتواصل السجال حول مرامي هذه المبادرة الأمريكية وجديتها وجدواها، ويتفرع عن ذلك سؤال حول دوافع دول عربية عدة للمشاركة في أعمال المؤتمر، حيث تتباين حسابات الدول المشاركة وأولوياتها.
لا يستشعر الأردن (ومصر إلى حد كبير) حرجاً من المشاركة في المؤتمر، فالدولتان ترتبطان بإسرائيل بمعاهدتي سلام، تجعل المشاركة في لقاء كهذا من باب تحصيل الحاصل، بخلاف ما هو عليه الحال بالنسبة لدول عربية أخرى .... وبالنسبة للأردن على وجه الخصوص، فإن العلاقة مع الولايات المتحدة، ترتقي باطّراد إلى مستويات استراتيجية، تزداد عمقاً واتساعاً باستمرار، وتعبر عن نفسها بالزيادات المتكررة في أرقام المساعدات الأمريكية للأردن، اقتصادياً ومالياً وأمنياً وعسكرياً ... هامش المناورة الذي تتمتع فيه الدبلوماسية الأردنية، يبدو محدوداً، سيما مع تفاقم ضائقته الاقتصادية، و»تواضع» المساعدات المقدمة من الأهل والأشقاء.
لكن الأردن مع ذلك، لا يشاطر واشنطن الرأي بأن إيران هي التهديد الوحيد، أو حتى التهديد الرئيس للأمن والاستقرار في المنطقة، من دون إغفال التداعيات الخطرة لسياسات طهران وممارساتها على أمن واستقرار بعض الدول والمجتمعات العربية... الأردن، يقف على رأس مجموعة من الدول، التي ما تزال ترى أن إخفاق المجتمع الدولي في حل القضية الفلسطينية، وتفاقم اتجاهات التطرف الديني والقومي في إسرائيل، المفضية حتماً إلى تآكل فرص قيام دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة، هو التهديد الأكبر لأمن المنطقة واستقرارها ومستقبل أجيالها القادمة ... وفي هذا السياق، تجد «الرواية» الأردنية، من يدعمها من دول العالم، شرقاً وغرباً، وتجد من يقف وراءها من دول عربية وأفريقية وآسيوية.
وحدها إسرائيل، لها مصلحة في تقزيم المسألة الفلسطينية، والبرهنة على أن الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي «مجرد تفصيل» أمام الصراعات الكبرى المحتدمة في المنطقة ... ومن أسف، فإن هذه المقاربة تجد من يشجعها في واشنطن ويعمل على ترويجها، بل ويسعى في إعادة هندسة خرائط الأولويات والتحالفات والمحاور، وفقاً لفلسفتها ومنطوقها.
والراهن، أن مؤتمر وارسو الذي بشّر به مايك بومبيو وجون بولتون في جولتيهما على المنطقة الشهر الفائت، يبدو أنه فقد كثيراً من بريقه .... فواشنطن تحت ضغط الاعتذارات والتحفظات على المؤتمر وهدفه الأول والوحيد: مقارعة إيران، اضطرت إلى توسيع جدول أعماله، وعمدت إلى الزجّ بالمسألة الفلسطينية في أجندته التي ازدحمت بكافة قضايا الإقليم وأزماته، ومن دون استعداد أو تحضير، لتوفير أي منصة جدية لحل أي من هذه الأزمات، حتى أن المؤتمر بات مرشحاً لأن يأخذ شكل التظاهرة الاستعراضية، التي تنتهي مفاعيلها بمجرد عودة الوفود المشاركة إلى بلدانها التي جاءت منها.
ومن هنا، يمكن فهم الموقف الفلسطيني الرافض للمؤتمر، رغم المحاولات الأمريكية للزج بها وبقضيتها في دهاليزه، فالقيادة الفلسطينية، ليست معنية بتوفير «غطاء فلسطيني» لمسعى يستهدف إيران ويرضي إسرائيل حصراً، وهي تدرك أن قضيتها وحقوق شعبها لن تبحث جدياً في المؤتمر، وإن جاء ذكرها مقتضباً على ألسنة بعض المتحدثين، فمن باب «صفقة القرن» وعلى لسان جارد كوشنر، وهو أمر يثير قلق الفلسطينيين وتحفظهم، وهذا الموقف مفهوم في عمان تماماً.
لقد وجهت واشنطن الدعوة لأكثر من سبعين دولة للمشاركة في المؤتمر، ولم يستجب لها سوى ما يقرب من نصف هذا العدد، لكن هذا الإخفاق لا ينبغي أن يقلل من مخاطر المحاولات التي سيبذلها بنيامين نتنياهو للظهور بمظهر المنتصر على مسار التطبيع مع العالم العربي ... صحيح أن إسرائيل سجلت نجاحات هامة في الآونة الأخيرة على هذا الطريق، لكن الصحيح أنها ما زالت بعيدة نسبياً عن تسجيل «اختراقات»، وحذار حذار أن يعود نتنياهو من وارسو بمزيد من الصور التي يحتاجها في حملته الانتخابية المجللة بفساده وفضائحه ... حذار حذار، من مزيد من الانهيارات في جدار مقاومة التطبيع مع إسرائيل، أقله من باب الالتزام بنص المبادرة العربية للسلام وروحها.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأردن ومؤتمر وارسو الأردن ومؤتمر وارسو



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

GMT 06:59 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

"الدانتيل" لديكور مذهل في حفل زفافك

GMT 00:21 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

مروان حامد مخرج أول أفلام سلسلة "رجل المستحيل"

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

كم يوم عمل تحتاجه لشراء هاتف أيفون X ؟

GMT 22:44 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العكايشي يقود الاتحاد إلى التعادل في مباراة الفيصلي

GMT 17:22 2013 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

مقتل وإصابة 30 شخصًا في انفجار عبوة ناسفة بمحافظة ديالي

GMT 22:18 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مشاركة عربية قياسية في نهائيات أمم أفريقيا 2019

GMT 07:10 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

نقوش الحيوانات أحدث إطلالة لمواكبة موضة خريف 2018

GMT 16:29 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

كريم هنداوي أفضل لاعب في بطولة كأس تركيا لليد

GMT 00:42 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

سعر الريال السعودي مقابل دينار كويتي الاثنين

GMT 02:19 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

أفغان يعلنون دفن ضحايا ضربة جوية نفذّتها الحكومة

GMT 08:34 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

مرسيدس C43 AMG 4Matic عائلية من الدرجة الأولى

GMT 09:55 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

كليب وقفة ناصية زمان لأحمد مكي يتصدر قائمة top tracks مصر

GMT 20:56 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

هيدي بفستان مثير في العيد الـ20 لمدينة الإنتاج الإعلامي

GMT 21:29 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

هيونداي تخطط لإطلاق سيارتها ذاتية القيادة بحلول 2021
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq