إدلب  آخر الحرب وأول السلام

إدلب ... آخر الحرب وأول السلام

إدلب ... آخر الحرب وأول السلام

 العراق اليوم -

إدلب  آخر الحرب وأول السلام

بقلم - عريب الرنتاوي

يبدو أن الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية ما زالت بحاجة لمساحة مخصصة لحرب الوكالة، التوافق بينها يبدو بعيد المنال، والاشتباك المباشر بينها، يبدو أمراً مستبعداً للغاية، إن لم نقل ممنوعاً البتّة ... لا بد والحالة كهذه، من البحث عن مساحة يمكن من خلالها ممارسة اللعبة الممتدة منذ سبع سنوات، وبالقواعد ذاتها.
باستعراض خرائط الانتشار والنفوذ للقوى الإقليمية والدولية في سوريا وفوقها، يتضح أن «إدلب» هي المنطقة الوحيدة المتبقية والمؤهلة، لاستئناف لعبة «حرب الوكالة»، حيثما تقتضي الحاجة وتشتد التأزمات... بقية المنطقة، تبدو منذورة لحلول سياسية لم تتضح معالمها بعد ... مناطق شمال – شرق الفرات، تخضع لوجود أمريكي مباشر، مُعزِز لوحدات الحماية الكردية، هنا أي اقتراب عسكري، سوري أو «حليف»، يعني اشتباكاً مباشراً مع الجيش الأمريكي، وهذا خط أحمر روسي.
ومناطق «درع الفرات» و»غصن الزيتون» في الباب وعفرين، تعج بالجنود والآليات التركية ... أي تعرض لهذه المناطق، يعني اشتباكاً مباشراً مع الجيش التركي ... وهذا خط أحمر مزدوج، روسي وإيراني، في ظل التحسن الملموس في العلاقات بين طهران وأنقرة من جهة، وبين موسكو وأنقرة من جهة ثانية، وانخراط الأطراف الثلاثة في رعاية مسار أستانا، وتفاقم حاجة كل منهما للآخر.
إدلب إذا، هي حقل «اختبار القوة» واستعراضها، هنا وهنا بالذات، ثمة من الحجج والذرائع (والأسباب) ما يمكن الأطراف من استئناف عمليات «عض الأصابع» واستعراض العضلات ... وجود قوى إرهابية موصوفة ومقاتلين دوليين، سبب كافٍ لموسكو ودمشق وطهران، للتعرض لإدلب بين الحين والآخر ... تفاهمات سوتشي (أردوغان – بوتين) تبرر للأتراك تدخلهم المباشر وغير المباشر ... «فزّاعة» السلاح الكيماوي جاهزة على الدوام لاستدراج ضربات عسكرية أمريكية – أطلسية  ضد أهداف سورية... إدلب وجوارها، هي المكان المرجح لكي تطل هذه «الفزّاعة» برأسها من جديد.
لا نيّة لدى كثير من الأطراف، خصوصاً المناهضة للنظام السوري، ترك ساحة إدلب لهدوء مستدام وترتيبات نهائية ... ثمة متطلبات سابقة، يتعين توفيرها، قبل الإقرار بحاجة إدلب لحلول نهائية تعيدها إلى حضن الدولة السورية ... منها التوافق على شكل الحل النهائي للأزمة السورية، ومنها أيضاً، حسم مصير الوجود الإيراني في هذه البلاد ... قبل هذا وذاك، يصعب التكهن بحل لإدلب وفيها.
بالطبع، ليست إدلب وحدها، هي ساحة الاشتباك الوحيدة أو»الورقة» الأخيرة التي تلعب الأطراف أو تلوّح بها ... هناك ملف إعادة اللاجئين السوريين إلى ديارهم الذي بدا واضحاً أنه دخل بازار المساومات والمقايضات الدولية والإقليمية ... وهناك أيضاً ملف «إعادة إعمار سوريا»، الذي يبدو أن اللاعبين على مساحته أكثر عدداً ... لكن إدلب مع ذلك، لا تفقد «قيمتها» أو «وظيفتها» كساحة لاستئناف التعرض الخشن بين الأطراف، ومكاسرة الإرادات فيما بينها، واستئناف حروب الوكالة.
قبل أيام، بدا أن إدلب دخلت على خط التفجير والانفجار ... قوات النظام ضربت مواقع لفصائل متشددة، والأخيرة استخدمت «الكلور» لضرب أحياء في حلب ... بدا أن تفاهمات سوتشي الخاصة بإدلب قد انهارت، ليتضح بعدها، أنها تترنح ولم تسقط، وفقاً لتعبير صحيفة الأخبار اللبنانية ... يبدو أن كل من موسكو وأنقرة، ما زالتا تحتاجان لهذه التفاهمات المُؤيّدَة من قبل عواصم دولية عديدة ... لا حرب شاملة في إدلب، ولا سلام نهائياً لها أو عليها، إدلب مرشحة لأن تكون «آخر خطوط التماس» بين فرسان حرب الوكالة، وستبقى كذلك حتى إشعار آخر.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إدلب  آخر الحرب وأول السلام إدلب  آخر الحرب وأول السلام



GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

GMT 09:45 2021 السبت ,20 شباط / فبراير

سياحة إفتراضية على متن مركب شراعي في أسوان

GMT 20:47 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتسرّع في خوض مغامرة مهنية قبل أن تتأكد من دقة معلوماتك

GMT 21:28 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 22:02 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 15:16 2020 الأحد ,12 إبريل / نيسان

لا رغبة لك في مضايقة الآخرين

GMT 11:00 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

حفل توقيع المجموعة القصصية "عود بخور" بمكتبة "ألف"

GMT 09:51 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

تفاصيل " المندرة " عمل مسرحي عن "كورونا"

GMT 12:06 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

"الغارديان" تكشف عن وقائع الاغتصاب في سجن أبو غريب

GMT 04:41 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

ريهانا تثير الجدل مجددًا بإطلالة غريبة تظهر رشاقتها

GMT 06:19 2017 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

هديل العزاوي تنصح الفتيات بالخروج دون "ميك آب"

GMT 08:42 2017 الجمعة ,27 كانون الثاني / يناير

استمتع بقضاء شهر عسل في مدينة التسلية والتسوق ميامي

GMT 22:30 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

قصات شعر للوجه المثلّث..

GMT 06:50 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

عواصف شتوية عاتية تضرب خمسة ولايات أميركية الأحد

GMT 17:58 2019 الأحد ,06 كانون الثاني / يناير

منتخب يد تونس يهزم اليابان في بطولة يالو كاب السويسرية

GMT 15:14 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

7 علامات من السنّة تعرف بها "ليلة القدر"
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq