سيناريو متخيّل بين التشاؤم والواقعية

سيناريو متخيّل... بين التشاؤم والواقعية

سيناريو متخيّل... بين التشاؤم والواقعية

 العراق اليوم -

سيناريو متخيّل بين التشاؤم والواقعية

بقلم - عريب الرنتاوي

سينتهي المخاض الفلسطيني إلى «كيان هجين»، لا هو دولة ولا حكم ذاتي، وسيأتي تشكله كنتيجة لخطوات إسرائيلية أحادية الجانب، وليس كثمرة لمسار تفاوضي أو كنتيجة لاتفاق مبرم بين فريقين ... ستظل إسرائيل صاحبة القول الفصل في كل ما يتصل بالأمن والسيادة، وسيضم هذا الكيان المناطق الفلسطينية المأهولة بالسكان، بما فيها أحياء عربية في القدس الشرقية ... لن يشتمل على غور الأردن ولا على المستوطنات و»مجالها الحيوي»، فتلكم ستظل جاثمة على صدور الفلسطينيين ... ستعيد إسرائيل انتشار جيشها وقواتها الأمنية، وستحتفظ بـ»حق» التدخل عند كل طارئ أمني في كل مكان وزمان ... لن يكون هناك تواصل جغرافي بين «كانتونات» هذا الكيان ولا حدود خارجية له خارج سيطرة إسرائيل ... وسيُنظر وفقاً للظروف والتطورات، في علاقة شطرية «الضفاوي» و»الغزاوي» أحدهما مع الآخر، لكن فكرة «الممر الآمن»، يبدو أنها سقطت بدورها، كل شيء سيكون تحت إشراف إسرائيل وسيطرتها.
لا مطرح لقضية اللاجئين في هذا السيناريو ... حق العودة لن يكون مطروحاً للنقاش والتفاوض، لا من حيث ممارسة الحق ولا من حيث الاعتراف به «مع وقف التنفيذ» ... الحق في التعويض قد سقط هو الآخر، فإعادة تعريف اللاجئ من وجهة نظر إسرائيل والولايات المتحدة، تفترض بقاء 30-40 ألف من أبناء الجيل الأول، الذين تبلغ أعمار أصغرهم سناً 71 عاماً، وبالنظر إلى متوسط أعمار سكان هذه المنطقة (74 سنة)، فمن المفترض أن يكون الجيل الأول من اللاجئين قد انقرض مع دخول ترتيبات «الحل الأحادي» المفروض من جانب واحد بعد عدة سنوات، فتطوى برحيلهم هذه الصفحة.
ولا مطرح لقضية القدس في هذا السيناريو ... عاصمة هذا الكيان الوليد ستكون في القدس الشرقية، وليس القدس الشرقية، الأحياء العربية في المدينة يمكن التخلص منها لفائض سكانها، وحرصاً على «يهودية الدولة» وليس إنقاذا لحق أهلها في تقرير المصير ... أما «الأقصى» على وجه التحديد، فمتروك لـ»آلية» دولية تسمح بدخول دول إسلامية لرعايته إلى جانب الأردن والفلسطينيين، أما المقدسات الأخرى من مسيحية ويهودية، فهي خارج «اللعبة»، والسيادة في مطلق الأحوال وعلى جميع هذه المواقع، لإسرائيل.
كيان بخمسة ملايين فلسطيني إن افترضنا وحدة «المسار والمصير» للضفة والقطاع، وكيانان واحد بثلاثة ملايين والثاني بمليوني مواطن، إن افترضنا افتراقهما ... الأول على مساحة تزيد قليلاً عن نصف مساحة الضفة الغربية (حوالي ثلاثة آلاف كيلومتر مربع) والثاني على 365 كيلومتر مربع لا أكثر ولا أقل.
الحديث العابث عن قابلية هذا الكيان / الكيانين على الاستمرار يبدو من «لزوم ما لا يلزم» ... والأرجح أن يلتحقا بما يناظرهما من دول الجوار العربي .
ليس مهماً ما يريده الفلسطينيون والعرب... الضغوط متعددة الأشكال والمصادر، كفيلة بتدوير الزوايا الحادة في مواقف الأطراف، وتليين الخطوط الصلبة، وإعادة تلوين الخطوط الحمراء باللونين البرتقالي توطئة للون الأخضر، وما يبدو مرفوضاً اليوم، قد يصبح مقبولاً في الغد، تلكم هي سيرة الصراع العربي – الإسرائيلي منذ أن اندلع قبل مائة عام.
ليس في الأفق، لا الآن ولا في المدى المنظور، ما يشي بامتلاك العرب والفلسطينيين لخطط وبدائل أخرى ... هم يعرفون تمام المعرفة أن فرص «حل الدولتين» قد تآكلت، وأن قيام دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة لم يعد خياراً ... لكنهم لا يعترفون بذلك، ولن يفعلوا، لأنهم يتحاشون سؤال: ما العمل؟ ... هم لا يمتلكون القدرة على القبول بـ»الحل الإسرائيلي»، بيد أنهم لا يمتلكون ترف رفض «المكرمة الإسرائيلية» الأحادية، فتراهم يسعون في إطالة أمد ما يسمونهم «سيناريو الستاتيكو» ... مع أنه لا مطرح لـ»الستاتيكو» في فلسطين، إسرائيل لا تعرف الفراغ ولا تعترف به، كل يوم تضم مساحات جديدة من الأرض وتقضم أجزاء من الحقوق، وكل يوم يتمدد الكيان الإسرائيلي ويتقلص الكيان الفلسطيني، فيما نحن غارقون في خلافاتنا وهواننا وانقساماتنا، فلسطينيين وعرباً... هل أبدو شديد التشاؤم أم شديد الواقعية؟ سؤال برسم كل واحد منكم.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيناريو متخيّل بين التشاؤم والواقعية سيناريو متخيّل بين التشاؤم والواقعية



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

GMT 06:59 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

"الدانتيل" لديكور مذهل في حفل زفافك

GMT 00:21 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

مروان حامد مخرج أول أفلام سلسلة "رجل المستحيل"

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

كم يوم عمل تحتاجه لشراء هاتف أيفون X ؟

GMT 22:44 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العكايشي يقود الاتحاد إلى التعادل في مباراة الفيصلي

GMT 17:22 2013 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

مقتل وإصابة 30 شخصًا في انفجار عبوة ناسفة بمحافظة ديالي

GMT 22:18 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مشاركة عربية قياسية في نهائيات أمم أفريقيا 2019

GMT 07:10 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

نقوش الحيوانات أحدث إطلالة لمواكبة موضة خريف 2018

GMT 16:29 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

كريم هنداوي أفضل لاعب في بطولة كأس تركيا لليد

GMT 00:42 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

سعر الريال السعودي مقابل دينار كويتي الاثنين

GMT 02:19 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

أفغان يعلنون دفن ضحايا ضربة جوية نفذّتها الحكومة

GMT 08:34 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

مرسيدس C43 AMG 4Matic عائلية من الدرجة الأولى

GMT 09:55 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

كليب وقفة ناصية زمان لأحمد مكي يتصدر قائمة top tracks مصر

GMT 20:56 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

هيدي بفستان مثير في العيد الـ20 لمدينة الإنتاج الإعلامي

GMT 21:29 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

هيونداي تخطط لإطلاق سيارتها ذاتية القيادة بحلول 2021
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq