هل ستدرك أنقرة ما تتمناه في شمال سورية

هل ستدرك أنقرة ما تتمناه في شمال سورية؟

هل ستدرك أنقرة ما تتمناه في شمال سورية؟

 العراق اليوم -

هل ستدرك أنقرة ما تتمناه في شمال سورية

عريب الرنتاوي
بقلم- عريب الرنتاوي

تسود في أوساط عدد من المراقبين، عرباً وروس وغربيين، قناعة راسخة، بأن تركيا تتوعد لفظياً بإنهاء إرهاب داعش، فيما هي تقصد فعلياً إنهاء الحركة الكردية المسلحة (وحدات الحماية وقوات سورية الديمقراطية)، ويعزز هؤلاء مواقفهم بالقول، إن تركيا لم تخض معركة كبرى واحدة ضد التنظيم الإرهابي، وإنها على العكس من ذلك، هي من سهّلت عبور عناصره بأعداد غفيرة إلى العمق السوري، وأنها «تورطت» في مراحل معينة في إقامة «روابط تجارية وأمنية وعسكرية» مع «دولة الخلافة»... والأهم من كل هذا وذاك، أن أنقرة تعرف تمام المعرفة أن لهذا التنظيم من «الأعداء» ما يكفي لاستئصاله في نهاية المطاف، بخلاف الحال مع الحركة الكردية التي تتمتع بقدر وافر من «المشروعية» «والأصدقاء»، في كل من موسكو وواشنطن وبروكسل وعدد آخر من عواصم الإقليم.

وثمة قناعة ثانية آخذة في التبلور في أوساط هؤلاء، بدءاً من جرابلس – إدلب مروراً بـ»عفرين» وجوارها، وانتهاء بمناطق شرق الفرات، ومؤدّاها أن الحزب الحاكم في تركيا الذي اعتاد أن يسبق كل انتخاب واستفتاء في السنوات الأخيرة، بمعركة واسعة مع أكراد بلاده والجوار، إنما يتطلع لمعركة أخرى، يبدو بحاجة إليها لشد العصبين القومي والإسلامي للناخبين، عشية الانتخابات البلدية والمحلية، التي سيخوضها منفرداً، بعد أن فكّت الحركة القومية عرى الشراكة مع الحزب الذي يحكم البلاد منذ العام 2002.

أما القناعة الثالثة: فمفادها أن تركيا تتخذ من «الكيان الكردي الإرهابي» الذي أدرجته على لوائحها السوداء، مدخلاً لـ «تأبيد» وجودٍ مستدام لها في مناطق شمال سورية على اتساعها، باعتبارها «مجالاً حيوياً» لتركيا ونفوذها ودورها الإقليمي عبر البوابة السورية، حتى لا نقول امتداداً لأطماع توسعية تاريخية، أو تعبيراً عن «عثمانية جديدة».

التقارير عمّا يجري في مناطق عمليات «درع الفرات» و»غصن الزيتون» لا تشي بأننا أمام ترتيبات تركية مؤقتة، هدفها إبعاد «الجماعات الإرهابية» لمسافة أمان عن حدودها ... وحديث الرئيس التركي عن «جيش جديد» يمثل مختلف المكونات السورية في شمال – شرق سورية، ما يعني أن تركيا لن تسمح – طالما كان الأمر بيدها – للجيش السوري وللدولة السورية أن تمد نفوذها إلى شرق الفرات وأن تبسط سيطرتها عليها.

لكن ليس كل ما تتمناه أنقرة ستدركه، فالولايات المتحدة، وفقاً لخرائط جيمس جيفري «الملونة» لتلك المنطقة، قد لا تسمح لأنقرة التمدد في عمق المناطق الكردية، برغم الضمانات الشفهية التي قدمها أردوغان وكبار أركان حكومته، بحفظ حياة وأرواح «من قاتلوا معنا»، في استعارة للجملة الأميركية، ولا أدري في أي مرحلة قاتلت وحدات الحماية و»قسد» إلى جانب تركيا؟ ... ثم أن روسيا لن تمكّن أنقرة من السيطرة على 30 بالمائة من أراض سورية في الشمالين الشرقي والغربي ... ودمشق مدعومة بإيران وحلفائها، لن تقف مكتوفة الأيدي حيال أنقرة ومشاريعها، سيما وهي تبني لنفسها «منازل كثيرة» في سورية ... والأرجح أن دولاً عربية عديدة (مصر، الإمارات والسعودية) لن ترضيها نتيجة كهذه، ولذلك رأيناه تعود إلى دمشق، وإن كانت عودتها بخطى بطيئة ومترددة، ولأسباب إيرانية أساساً.

أغلب الظن، أن كافة الأطراف في سعيها لـ»ملء الفراغ» الأميركي، لن تسمح لقواتها أن تصطدم بعضها مع بعض، والأرجح أن سورية ستشهد المزيد من التسويات والترتيبات الانتقالية للالتفاف حول العقد والحساسيات والحسابات والمصالح المعقدة والمتشابكة ... أغلب الظن، أن تركيا سترتضي بشريط حدودي، شريطة أن تظل تكرر التزامها بوحدة سورية واستقلالها وسيادتها، ولو لفظياً على أقل تقدير ... أغلب الظن، أن جولات قادمة، سياسية ودبلوماسية، وربما عسكرية وأمنية، ستندلع من دون أن ندري متى وكيف، ولكنها على الأرجح ستظل في إطار حروب الوكالة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل ستدرك أنقرة ما تتمناه في شمال سورية هل ستدرك أنقرة ما تتمناه في شمال سورية



GMT 13:45 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلام والدولة.. الصحافة الورقية تعاني فهل مِن منقذ؟!

GMT 12:41 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

نحن وفنزويلا

GMT 12:39 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

رحلة لمعرض الثقافة

GMT 12:37 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

ذكرى 25 يناير

GMT 12:35 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

فى الصراع الأمريكى - الإيرانى: حزب الله فى فنزويلا!

GMT 09:45 2021 السبت ,20 شباط / فبراير

سياحة إفتراضية على متن مركب شراعي في أسوان

GMT 20:47 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتسرّع في خوض مغامرة مهنية قبل أن تتأكد من دقة معلوماتك

GMT 21:28 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 22:02 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 15:16 2020 الأحد ,12 إبريل / نيسان

لا رغبة لك في مضايقة الآخرين

GMT 11:00 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

حفل توقيع المجموعة القصصية "عود بخور" بمكتبة "ألف"

GMT 09:51 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

تفاصيل " المندرة " عمل مسرحي عن "كورونا"

GMT 12:06 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

"الغارديان" تكشف عن وقائع الاغتصاب في سجن أبو غريب

GMT 04:41 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

ريهانا تثير الجدل مجددًا بإطلالة غريبة تظهر رشاقتها

GMT 06:19 2017 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

هديل العزاوي تنصح الفتيات بالخروج دون "ميك آب"

GMT 08:42 2017 الجمعة ,27 كانون الثاني / يناير

استمتع بقضاء شهر عسل في مدينة التسلية والتسوق ميامي

GMT 22:30 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

قصات شعر للوجه المثلّث..

GMT 06:50 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

عواصف شتوية عاتية تضرب خمسة ولايات أميركية الأحد

GMT 17:58 2019 الأحد ,06 كانون الثاني / يناير

منتخب يد تونس يهزم اليابان في بطولة يالو كاب السويسرية

GMT 15:14 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

7 علامات من السنّة تعرف بها "ليلة القدر"
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq