«الجملوكيات» ونظرية «تصفير العداد»

«الجملوكيات» ونظرية «تصفير العداد»

«الجملوكيات» ونظرية «تصفير العداد»

 العراق اليوم -

«الجملوكيات» ونظرية «تصفير العداد»

بقلم - عريب الرنتاوي

تصفير العداد، «سنّة غير حميدة»، استنها الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح ... الرجل الذي حكم اليمن لثلث قرن، وامتهن هواية «الرقص فوق رؤوس الأفاعي» كما قال عن نفسه، كان يبدي حماسة أكثر من غيره، لتقييد ولاية الرئيس بولاية واحدة أو اثنتين، وعندما يحين التنحي والامتناع عن الترشح، لعائق دستوري، يطلب إلى أعوانه وزبانيته، إطلاق المناشدات لتعديل الدستور للسماح له بولاية إضافية، وهكذا، في كل مرة كان يُجري «تصفيراً للعداد» الرئاسي، ليواصل مشواره على سدة الحكم لولاية جديدة ... وعندما أجبر على التنحي في سياق ثورات الربيع، امتهن دور «صانع الرؤساء» وبدأ مسار إعداد نجله لخلافته، إلى أن مات مقتولاً بعد أن أخفق في تنفيذ إحدى رقصاته الشهيرة فوق رؤوس الأفاعي.
الرئيس السوداني عمر حسن البشير، يسير على الدرب نفسه، وهو بدوره حكم السودان لثلاثين سنة، ويمهد من الآن، لـ»تصفير العداد»، حصل على ترشيح حزبه الحاكم لولاية رئاسية جديدة، وسيجري تعديلاً دستورياً للغرض ذاته، وقد تخرج التظاهرات المطالبة ببقاء الرئيس في منصبه، فلا بديل له أو عنه، ولا أحد من أربعين مليون سوداني بمقدوره ملء فراغه، وتستمر الحالة.
ما جرى في البلدين العربيين المنكوبين، ليس أمراً نشازاً، فالمنطقة حكمت طوال عشريات خمس من السنين، بثالوث غير مقدس: التوريث والتمديد والتجديد، وكنا ظننا مع اندلاع ثورات الربيع وانتفاضاته، أن المنطقة غادرت هذا المربع، لكن من الواضح تماماً أن «الثورات المضادة» استعادت زمام المبادرة، وهي تعيد انتاج أنماط الاستبداد والاستعباد والركود و»القائد الرمز/الضرورة»، من جديد، وبصورة أكثر همجية وتخلفاً مما كانت عليه من قبل. 
في مصر، كبرى الدول العربية، وإحدى ساحات وميادين الربيع العربي وتجلياته، وبعد ثورتين شعبيتين عظيمتين، يجري التحضير من الآن، لسيناريو «تصفير العداد»، لا مطرح لولايتين في دستور البلاد الذي يجري إعداده، ودائماً تحت الحجة ذاتها، وبالذريعة ذاتها، لا بد من تصفير العداد، لإفساح المجال أمام ولايات غير محدودة للرئيس /الضرورة، مائة مليون مصري أو يزيد، ليس من بينهم رجل أو امرأة بمقدوره ملء الفراغ «القاتل»... وجرياً على ما جرى في تجارب مماثلة، قد تخرج التظاهرات وتلتئم الاعتصامات «المشروعة» للمطالبة بفتح الدستور وتمديد الولاية و»تصفير العداد».
حال الجزائر يبدو أكثر صعوبة، «تصفير العداد» هناك يبدو أكثر صعوبة وتعقيداً في ضوء مرض الرئيس (شافاه الله وعافاه)، ولكم يبدو المشهد مؤلماً حين ترى الجزائريين يحتفون بحدث أو يقيمون مناسبة، فيما يقعد المرض الرئيس عن المشاركة فيها، ويكتفي بإرسال صورة ضخمة له، تعوض عن غيابه.
وما ينطبق على قادة الدول، ينطبق بالقدر ذاتها على قادة حركات وأحزاب وفصائل، أعرف أمين عاماً لحزب شيوعي عريق بلغ من الكبر على رأس الأمانة العامة، حداً مزرياً، وهو مستميت بموقعه ومكانته قبل أن تحضره العناية الإلهية، وأعرف أمينا عاماً لفصيل يساري، سيحتفل بعد عدة أشهر بمرور نصف قرن على توليه منصبه ... لكأن أرحام نسائنا باتت عاقراً وضروع نسائنا أصابها الجفاف، فلم تعد تنجب قادة وزعماء، على قدر مهمة «ملء الفراغ».

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الجملوكيات» ونظرية «تصفير العداد» «الجملوكيات» ونظرية «تصفير العداد»



GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

GMT 09:45 2021 السبت ,20 شباط / فبراير

سياحة إفتراضية على متن مركب شراعي في أسوان

GMT 20:47 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتسرّع في خوض مغامرة مهنية قبل أن تتأكد من دقة معلوماتك

GMT 21:28 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 22:02 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 15:16 2020 الأحد ,12 إبريل / نيسان

لا رغبة لك في مضايقة الآخرين

GMT 11:00 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

حفل توقيع المجموعة القصصية "عود بخور" بمكتبة "ألف"

GMT 09:51 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

تفاصيل " المندرة " عمل مسرحي عن "كورونا"

GMT 12:06 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

"الغارديان" تكشف عن وقائع الاغتصاب في سجن أبو غريب

GMT 04:41 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

ريهانا تثير الجدل مجددًا بإطلالة غريبة تظهر رشاقتها

GMT 06:19 2017 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

هديل العزاوي تنصح الفتيات بالخروج دون "ميك آب"

GMT 08:42 2017 الجمعة ,27 كانون الثاني / يناير

استمتع بقضاء شهر عسل في مدينة التسلية والتسوق ميامي

GMT 22:30 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

قصات شعر للوجه المثلّث..

GMT 06:50 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

عواصف شتوية عاتية تضرب خمسة ولايات أميركية الأحد

GMT 17:58 2019 الأحد ,06 كانون الثاني / يناير

منتخب يد تونس يهزم اليابان في بطولة يالو كاب السويسرية

GMT 15:14 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

7 علامات من السنّة تعرف بها "ليلة القدر"
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq