خيارات سوريا في الرد على الضربات الإسرائيلية

خيارات سوريا في الرد على الضربات الإسرائيلية

خيارات سوريا في الرد على الضربات الإسرائيلية

 العراق اليوم -

خيارات سوريا في الرد على الضربات الإسرائيلية

بقلم : عريب الرنتاوي

مسلسل الغارات الإسرائيلية في العمق السوري لا يتوقف ... في كل مرة تُضرب أهدافا عسكرية، ويقال إنها إيرانية، وفي كل مرة تثبت صحة الرواية الإسرائيلية أقله في شقها العسكري، بعد أن يتم نشر صور ملتقطة من الجو أو عبر الأقمار الاصطناعية.

في البدء، كان الرد السوري يأتي غالباً على نسق واحدٍ: سنرد في الزمان والمكان المناسبين ... لكن هذا الرد لم يأت بعد ... اليوم، تنتشر صور لصواريخ سورية مضادة وهي تطارد الصواريخ الإسرائيلية، فتسقط بعضها ويتمكن بعضها الآخر من الوصول إلى أهدافه.

بعد إعلان واشنطن اعترافها بضم الجولان السوري المحتل إلى إسرائيل، وبعد الكشف عن قرار حكومة نتنياهو «زرع» ربع مليون مستوطن في الهضبة خلال السنوات العشر القادمة، ظننا أن الرد السوري سيكون مختلفاً، لم نتوقع قيام سوريا بشن حربٍ على إسرائيل، لكننا لم نستبعد ضربات اعتراضية، أقله في محيط الجولان، وأقله من باب دفع حكومة اليمين المتطرف للتفكير أكثر من مرة، قبل اتخاذ القرار بشن عدوان جديد ... كل هذا لم يحصل.

الغارات تنطوي على رسائل محرجة لأطراف عديدة: محرجة لسوريا التي تعيش ما يشبه الاستباحة الإسرائيلية لأجوائها ... محرجة لإيران وحزب الله و»محور المقاومة والممانعة»، الذين يتلقون الضربات تباعاً من دون أي رد فعل جدي يذكر ... محرجة لأصحاب نظرية «المحور» الذي يحارب كمحور، ويهاجم كمحور، ويدافع كمحور، فإن مرض منه عضو، تداعى له جسد المحور بالسهر والحمى .... محرجة لروسيا المعرضة لتهميش وتهشيم صورتها الردعية كقوة عظمى ضامنة لأمن سوريا واستقرارها، ولكن ليس في مواجهة إسرائيل على ما تأكد.... والمفروض أنها محرجة لكثير من القادة العرب.

 نعرف أن جميع الأطراف المذكورة، ليس لديها الكثير لتفعله، في ظل ما تعيشه من تحديات وأولويات ضاغطة: إيران يعتصرها الحصار وتخنقها العقوبات ... حزب الله موغل في أجندة محلية، والاستقرار بالنسبة له ولبيئته الاجتماعية حاجة وجودية ... ودمشق، لم تبرأ بعد، وقد لا تبرأ في غضون سنوات وعقود من الجراح التي أثخنتها بها حرب السنوات الثماني الدائرة فيها وعليها.

أما روسيا، فهي لم تزعم يوماً أنها جاءت لسوريا لحمايتها من إسرائيل ... وهي على تفاهم مع الدولة العبرية في كثير من الملفات، أهمها أمن إسرائيل وتفوقها ... وروسيا – ربما – تستخدم العدوانات الإسرائيلية المتكررة على مواقع إيرانية لتحجيم دور طهران على الأرض السورية، وتلكم مصلحة روسية تتعاظم كلما تراجعت الحاجة لخوض معارك برية كبرى ضد جماعات إرهابية.

نعرف كل هذه الحقائق ونقدرها، بيد أن لا ذلك لا يوقف مسلسل «التآكل» الذي تعيشه هذه الأطراف الحليفة جراء الفعل الإسرائيلي المنفلت من كل عقال ... وهو مسلسل يهدد فكرة «المقاومة والممانعة» من أصلها وجذورها ... ويضع هذه الأطراف في مواجهة مباشرة مع خطابها وشعاراتها، ويعرض صدقيتها لخطر ماحق.

وإذا كان خيار شنّ حرب شاملة ضد إسرائيل غير ممكن وغير واقعي في هذه المرحلة، مع أن الكثيرين من قادة هذا المحور، لا يكفون عن التهديد والوعيد، وإبداء عدم الخشية من اندلاعها، بل والتعهد بجعلها «آخر حروب الكيان»، لكن ليس أقل من «تعرّض خشن» لإسرائيل في كل مرة يحدث فيها العدوان، أقله لحفظ ماء الوجه وصون الصدقية واستعادة المبادرة.

قد يقال إن أحداً لن يضمن بقاء المواجهة في حدود «التعرض الخشن»، وإنها قد تتطور إلى مواجهة شاملة ... هذا الاحتمال لا يجوز استبعاده نهائياً، ولكن أثبتت إسرائيل المرة تلو الأخرى، أنها ليست بوارد التورط في حرب شاملة، لا شمالاً ولا على الجبهة الجنوبية ... «التعرض الخشن» يمكن أن يفضي إلى تجديد «التهدئة» و»الهدنة»، وتجربة حماس في غزة وحزب الله في لبنان، تقدمان الدليل على ذلك.

وقد يقال أن سوريا، دولة وحكومة ونظام ومؤسسات، وليست كحزب الله أو حركة حماس، وهذا صحيح ...لكن إحساس إسرائيل بأن أفعالها لن تكون بلا ردود أفعال مقابلة، سيجعلها تفكر قبل أن تقدم على اتخاذ قرار أهوج باستهداف مواقع قيادية واستراتيجية سورية، ولدى سوريا وحلفائها على أية حال، ما يكفي لاستعادة المكانة الردعية لدمشق، إن لم نقل تعزيزها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيارات سوريا في الرد على الضربات الإسرائيلية خيارات سوريا في الرد على الضربات الإسرائيلية



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

GMT 01:25 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار متجددة وراقية لديكورات مداخل حفلات الزفاف

GMT 02:14 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة سيريفوس في سيكلاديز من أفضل جزر اليونان

GMT 21:26 2019 السبت ,10 آب / أغسطس

تعرفي علي مكونتات أغلى عطر في العالم

GMT 21:13 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

ناصر الخليفي يضع زين الدين زيدان على رأس قائمة المدربين

GMT 00:38 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

منال سلامة تقدم شخصية شريرة في " عائلة الحاج نعمان "

GMT 19:46 2019 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ختام النسخة 11 لمهرجان منصور بن زايد للخيول العربية الأصيلة

GMT 09:36 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

شركة هيونداي تعلن طرح سوناتا 2018 بمواصفات مذهلة

GMT 02:53 2017 الثلاثاء ,04 تموز / يوليو

العلماء يخترعون ستائر تخزن الطاقة الشمسية

GMT 13:43 2019 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

"Jacquemus" تكشف عن حقائب صغيرة ليس كالتي نتخيلها

GMT 15:15 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

تدريبات خاصة للاعبي يد النادي الأهلي المصري الدوليين

GMT 21:42 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة إعداد كرات الشوكولاتة بجوز الهند والشوفان

GMT 20:06 2016 الأربعاء ,22 حزيران / يونيو

لاعب "الريان" القطري حامد اسماعيل يتعرَّض لحادث سير

GMT 11:12 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

المصمم نجا سعادة من عالم الطبّ إلى تصميم الأزياء
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq