عن قمة سوتشي وتفكيك النصرة

عن قمة سوتشي وتفكيك النصرة

عن قمة سوتشي وتفكيك النصرة

 العراق اليوم -

عن قمة سوتشي وتفكيك النصرة

بقلم - عريب الرنتاوي

لا أحد يعرف ما الذي يعنيه «تفكيك» جبهة النصرة وعزلها، أو تمييزها عن المعارضة «المعتدلة»، تلك المهمة الغامضة إلى أوكلت إلى تركيا بموجب مسار أستانا، وسيجري بحثها مطولاً غداً في قمة سوتشي بين الرئيس التركي ونظيره الروسي، وربما كانت السبب وراء تأجيل هجوم سوري منسق مع حلفاء دمشق، لاسترداد محافظة إدلب.
هل المقصود أن تعلن النصرة «حل نفسها» وتسريح مقاتليها وتذويبهم في فصائل المعارضة المسلحة؟ ... مثل هذا السيناريو رفض من قبل «شرعيي» النصرة وقادتها على حد سواء، وهو بمثابة شهادة وفاة/انتحار، لأكبر وأقوى فصيل مسلح في إدلب ... هل المقصود تغيير اسمها والاندماج بهياكل المعارضة وأطرها وجبهاتها الموحدة؟ ... مثل هذا السيناريو جُرب غير مرة من قبل، من دون أن تفقد النصرة هويتها «الجهادية»، بل ومن دون أن تقطع حلبها السُري مع «القاعدة الأم»، ومن دون أن ترفع عنها سمة «الإرهاب» المرذولة ... هل المقصود إخراج العناصر الأجنبية من صفوف النصرة، وإبقائها تنظيماً سورياً، متطرفاً نوعاً، ولكنه يبقى سورياً، ويستحق أن يندرج في أية ترتيبات لحل مشكلة إدلب من ضمن الحل الأشمل للأزمة السورية؟ ... مثل هذا السيناريو، تجري ترجمته واقعياً، وبمعزل عن مسار أستانا أو «استعصاء إدلب»، فمعظم العناصر الجهادية الأجنبية، غادرت النصرة إلى «حراس الدين»، الأقرب لأيمن الظواهري، ويبدو أن الأمر يتم برضا أو عدم ممانعة «أبو محمد الجولاني» على أقل تقدير، ومن دون أن تكف النصرة، في نسختها السورية المحسنة، عن أن تكون تنظيماً جهادياً مصنفاً إرهابياً.
المخاوف من سيناريو «تفكيك النصرة» بأشكاله ومندرجاته السابقة، استثار التيار «الجهادي» العالمي، الذي بات يخشى من مغبة الإمعان في «التفكيك»، وفي ظني أن «تكفير أردوغان» في فتوى «أبو محمد المقدسي»، إنما تندرج في سياق «قطع الطريق» على محاولات تركيا، «تفكيك» جبهة النصرة، وتقطيع السبل بتيار داخل النصرة، يسعى للتكيف مع المساعي التركية، وتدبر مستقبل الحركة في إطار التسويات والحلول المنتظرة لأزمة إدلب وسوريا.
وفي المقابل، وبرغم الضغوط الهائلة التي تكثفت على روسيا والكرملين في الأيام والأسابيع القليلة الفائتة، فإن «تفكيك النصرة» من وجهة نظر موسكو، يعني عزلها سياسياً وعسكرياً وجغرافياً عن بقية فصائل المعارضة المسلحة، توطئة لاستهدافها بالحديد والنار ... خيار موسكو الأول، هو أن تنخرط المعارضة المسلحة في الحرب على النصرة، لتكتسب جدارتها في أن تصبح جزءاً من الحل السياسي في إدلب وسوريا، ولكن هذا الأمر لا يلقى صدى واسعاً لدى أنقرة.
من جهتها تحتفظ طهران ودمشق، بوجهات نظر مختلفة حيال الأمر ذاته .... هنا، لا فوارق تذكر بين النصرة وغيرها من الفصائل المسلحة ... هنا، قد تبدو الفصائل المسلحة أشد خطورة من النصرة، بالنظرة لأهليتها من وجهة نظر المجتمع الدولي للشراكة في الحل السياسي ... هنا، يبدو خيار الحسم العسكري هو الخيار المفضل، وإن كانت الدولتان الحليفتان، تدركان صعوبته الكبير وأكلافه العالية، بالنظر لحالة الاستنفار التي تهيمن على عواصم الغرب والإقليم على خلفية المشهد المتأزم في إدلب.
الصورة ستنجلي غداً، بعد قمة سوتشي، فموسكو لا تكف عن تحميل أنقرة مسؤولية الحسم بمصير النصرة ... روسيا لا تمانع في حسم عسكري متدرج، يقضم الأرض تدريجياً من تحت أقدام النصرة ... وروسيا لا تعارض أية ترتيبات بخصوص إدلب، تنخرط بموجبها أنقرة وحلفائها في حل سياسي، يعيد للدولة السورية حضوراً ولو رمزياً في المحافظة، أقله على المدى التكتيكي ... لكن هل تقبل دمشق وطهران بسيناريو كهذا، وما البدائل أمامهما في حال ظل الافتراق قائماً بين أولويات موسكو من جهة وأولويات كل من دمشق وطهران من جهة ثانية.
مشكلة إدلب تعقدت أكثر مع تزايد احتياج إيران لتركيا وهي تواجه نظاماً صارماً للعقوبات الأمريكية المفروضة عليها ... مشكلة إدلب ازدادت تأزماً بعد «الانقلاب» في الموقف الأمريكي من سوريا، من إبداء الاستعداد للانسحاب سريعاً منها وتسليم الملف لروسيا، إلى إبداء الاستعداد للبقاء طويلاً فيها، والعودة لطرح صيغ وشروط تعجيزية للحل النهائي، كما ورد في بيان مجموعة السبع المصغرة من أصدقاء سوريا أمس الأول، وهي الشروط التي لا يمكن فهما إلا بوصفها سبباً إضافياً للتصعيد وتعبيراً جديداً عن مستوى التأزم في العلاقات الأمريكية – السورية.
بيان مجموعة السبع، يعطي أنقرة هامشاً إضافياً للمناورة في مواجهة كل من طهران وموسكو، ويعزز موقفها التفاوضي في إدلب وحولها، وفي ظني أن محصلة كل هذه التطورات في مواقف الأطراف ومواقعها، ستتضح من خلال البيان الختامي لقمة سوتشي يوم غدٍ الاثنين.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن قمة سوتشي وتفكيك النصرة عن قمة سوتشي وتفكيك النصرة



GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

GMT 22:12 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 22:06 2020 الأحد ,12 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 09:45 2021 السبت ,20 شباط / فبراير

سياحة إفتراضية على متن مركب شراعي في أسوان

GMT 13:01 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

دراسة تكشف فوائد وسلبيات حمية البيض لفقدان الوزن

GMT 19:53 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن النقاش والجدال لتخطي الأمور وتجنب الأخطار

GMT 16:08 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

صحيفة بريطانية تكشف عن قاتلي الأميرة ديانا

GMT 22:46 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

​طارق لطفي يبدأ تصوير فيلم "122" السبت المقبل

GMT 02:23 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

فلة الجزائرية تكشف أنها ستغني طالما هناك أنفاس في صدرها

GMT 11:45 2015 الإثنين ,19 كانون الثاني / يناير

مصر تبدء تسليم أراضي القرعة العلنية في "برج العرب"

GMT 03:05 2016 الإثنين ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

مجوهرات "كارتييه" ​Cartier تُكسب المرأة جمالًا ملفتًا للنظر 

GMT 03:37 2017 الجمعة ,06 كانون الثاني / يناير

"البحر المتوسط الغذائي" يمنع انكماش الأدمغة لكبار السن

GMT 00:29 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

ريم مصطفى تخشى الزعيم وترفض تكرار تجربة "هبة رجل الغراب"
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq