قوات عربية إلى سوريا أية مغامرة

قوات عربية إلى سوريا... أية مغامرة؟!

قوات عربية إلى سوريا... أية مغامرة؟!

 العراق اليوم -

قوات عربية إلى سوريا أية مغامرة

بقلم :عريب الرنتاوي

واشنطن طلبت، وبعض العواصم العربية استجابت، نشر قوات عربية في سوريا، تحل محل القوات الأمريكية، فضلاً عن تسديد فواتير الوجود العسكري الأمريكي، الآن وفي المستقبل ... فهل هذا خيار ممكن، وأية عقبات وعواقب ستترتب عليه، وما هي انعكاسات “سيناريو” كهذا على مسار الصراع الإقليمي – الدولي، في سوريا وعليها؟

تحتفظ الولايات بوجود عسكري على الأرض السورية، يقدر حجمه ما بين 2 – 4 آلاف جندي، موزعين على عدد من القواعد والبؤر، تسندهم قواعد أمريكية في سوريا والعراق وتركيا، فضلاً عن قواعدها في الخليج وأساطيلها المنتشرة في “الأبيض” و”الأحمر” ومياه الخليج ... ولنا أن نقدر بأن القوة المطلوب نشرها، لن تقل عن هذا العدد، بل قد تبلغ ضعفه أو يزيد، شريطة أن تتكفل واشنطن، بتوفير الغطاء الجوي لهذه القوات، وأن تسهم ولو رمزياً، بوحدات على الأرض.

لدى الدول العربية المخاطبة بالقرار الأمريكي (مصر، السعودية، الإمارات وقطر)، جيوشاً جرارة، مزودة بأحدث الأسلحة البرية والجوية والبحرية، وهي نظرياً على الأقل، قادرة على إنجاز المهمة، بل أن جنرالات هذه الجيوش، لا يترددون في القول بأنهم متفوقون على إيران، وقادرون على إلحاق هزيمة مدوية بها، في حال اندلعت “حروب الأصالة” معها.

لكن الاختبارات العملية لهذه الجيوش أظهرت ما يعاكس هذه الحقيقة ... فالحرب في اليمن وعليه، والتي كان مقرراً أن تنجز أهدافها في غضون أسابيع ثلاثة، تدخل عامها الرابع من دون حسم، بل أن ميدانها اتسع ليشمل دولاً وساحات أخرى، غير اليمن، سيما بعد الاستخدام الكثيف للصواريخ الباليستية الحوثية، التي طاولت الرياض وعددا من المدن السعودية.

والجيش المصري، ما زال يخوض غمار حرب حقيقية في سيناء، ضد الجماعات الإرهابية، وكلما قيل أن هذه الحرب أوشكت على وضع أوزارها، فاجأتنا الجماعات الإرهابية بمجازر وجرائم، تطال الجنود والمدنيين على حد سواء، فيما التهديد الإرهابي يطاول مصر، من جهاتها الأربع، المفتوحة على الصحاري والبوادي والبحار.

واشنطن تريد للقوات العربية أن تنجز جملة أهداف منها: (1) احتواء النفوذ الإيراني، وتقطيع طرق طهران وممراتها البرية الواصلة بين بحري قزوين والمتوسط ... (2) منع عودة “داعش” الذي تقول التقارير الأمريكية – والأردنية بالمناسبة) بأنه يحتفظ بقوة بشرية جنوب الفرات والبادية الشرقية، تراوح ما بين 5 – 12 ألف مقاتل مجرب ... (3) إضعاف النظام السوري والمليشيات الموالية له، من باب أضعف الإيمان، وضمان خروجه من المعادلة إذا ما أمكن للعملية السياسية أن تنتهي بإنهائه.

الدول المستهدفة بالطلب الأمريكي، لا تشاطر واشنطن الأولويات ذاتها، بل ولا تتشاطر هذه الأولويات فيما بينها ... القاهرة، تحتفظ بعلاقات عمل مع دمشق، وعلاقتها بموسكو وطيدة للغاية، وثمة ما يشي بأن مواقفها من إيران، تندرج في سياق مجاملة “الأشقاء الخليجيين” ... بين قطر وكل من مصر والسعودية، حرب شعواء، وعقوبات وحصار ... وبين مصر والسعودية، سيقع خلاف على قيادة هذه القوة العربية، في حال تمت الاستجابة لتشكيلها لتكون بديلاً عن القوات الأمريكية


إن وجود هذه القوة، وعلى مقربة من الحدود التركية السورية، سيشعل الأضواء الحمراء في أنقرة، التي يتردد في أوساطها القيادية أن واحدة من الدولة المستهدفة، كانت متورطة في المحاولة الانقلابية الفاشلة في تموز 2016، وأن كل من الإمارات والسعودية ومصر، تناصب أنقرة العداء، بل وتدينها علنا، وبعض هذه الدول يدعم الحركات الكردية الانفصالية في سوريا ... لا شيء سيمنع “حرب وكالة” مدعومة تركياً ضد القوة العربية.

إيران بدورها، ومعها مروحة واسعة من الحلفاء، ربما ستجد في نشر هذه القوة، فرصة لتسوية الحساب مع دول الخليج، أقله السعودية والإمارات، وليس ثمة ضمانة من أي نوع، بأن “حرب وكالة” مدعومة من إيران قد تندلع في وجه هذه القوة كذلك.

ثم ماذا عن المشكلات اللوجستية، فهذه القوات بعيدة عن مراكزها، ومرور الدعم والإسناد لها سيحتاج إلى اختراق العراق، أو تواطؤ تركيا، أو تعاون الأردن، ومع ذلك، ستظل خطوط الإمداد طويلة وبعيدة وغير آمنة في كل الحالات، فكيف لها أن تحقق مراميها في سوريا، و”التجربة المرة” ما زالت ماثلة في اليمن وسيناء.

المصدر : جريدة الدستور

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قوات عربية إلى سوريا أية مغامرة قوات عربية إلى سوريا أية مغامرة



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

GMT 21:48 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 03:36 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

هبة القواس تحيي أول حفلة أوبرا في السعودية

GMT 22:47 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

نوح الموسى يؤكّد أنّ التعادل مع الإمارات نتيجة مرضية

GMT 22:50 2018 الجمعة ,13 إبريل / نيسان

افتتاح فندق "روف مرسى دبي" بسعة 384 غرفة

GMT 12:39 2015 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الأخطبوط يلجأ إلى حيل مثيرة للدهشة للإيقاع بالفريسة

GMT 23:43 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يجعلك هذا اليوم أكثر قدرة على إتخاذ قرارات مادية مناسبة

GMT 08:08 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

إردوغان يحذّر من تغلغل "حركة غولن" في أجهزة الدولة والمجتمع

GMT 07:47 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

حوار خاص مع جميل راتب داخل أحد المستشفيات قبل وفاته

GMT 03:55 2018 الجمعة ,14 أيلول / سبتمبر

مواصفات هائلة في سيارة الدفع الرباعي مازدا CX5

GMT 10:44 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

إدراج "أبو تريكة" ضمن قرار مصادرة أموال 1589 إخوانيًا

GMT 18:45 2018 الجمعة ,03 آب / أغسطس

المغرب يطلق 23 مهرجانًا للاهتمام بالموروث
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq