كفر عقب؛ هل للسابقة لواحقها

كفر عقب؛ هل للسابقة لواحقها؟

كفر عقب؛ هل للسابقة لواحقها؟

 العراق اليوم -

كفر عقب؛ هل للسابقة لواحقها

حسن البطل
بقلم : حسن البطل

حصل لي، أنا المواطن العائد، أن «انسطلت» في عناتا، وأن «تمرمرت» في الرام. لي ذاكرة ما قبل المعابر والجدار، ولناس البلاد ذاكرة ما قبل الاحتلال وما بعد السلطة الوطنية.

في عناتا القرية استوقفني زميلي أحمد عبد الحق، وهو مولود هنا وعائد أوسلوي معنا، كأنني وقفت على خط توقيت «غرينتش» الوهمي لخطوط الطول. قال: هنا عناتا الضفة، وهنا عناتا القدس. لم تعد عناتا كما كانت.

عناتا عريقة في التاريخ، ومثلها الرام، وفي الرام حصل أن «تمرمرت»، لا لأنها كانت أول بيت لي في الجزء المتاح من الوطن، بل لأن هويتي الخضراء الأولى كمواطن، سقطت من جيب قميصي. تفحّصها صاحب دكان، ثم لوّح لي بهويته الزرقاء المقدسية الإسرائيلية.

يستطيع زميلي عبد الناصر النجار أن يحكي أحسن مني عن الرام بعد الاحتلال وبعد أوسلو، فهو من الفالوجة قبل النكبة، وصار لاحقاً من سكان الضفة. يستطيع بسام أبو شريف، القيادي الفصائلي السابق، أن يحكي أحسن مني عن أحوال قريته كفر عقب، وكيف كانت في الحقبة الأردنية، وكيف صارت في الحقبة السلطوية، فقد ولد فيها وإليها عاد بعد أوسلو.

شارع البيرة ـ القدس صار يوصلك إلى معبر قلنديا والجدار، لكنه مقسوم وهمياً، كما خط طول «غرينتش» العالمي، بين فلسطين السلطوية المرتّبة عمرانياً، وبين إطلالة كفر عقب، المعتبرة قدس إسرائيلية ما وراء الجدار.. والفوضوية عمرانياً بأبراجها المتقاربة.

صارت الرام منطقة موصوفة بأنها «باء»، وأقيم فيها استاد فيصل الحسيني، وغالبية ناسها يحملون الهوية الزرقاء، والبعض الآخر يحملون الهوية الخضراء، لكنها بقيت فوضوية العمران في زمني الاحتلال والسلطة الإدارية الفلسطينية.

بقيت جارتها كفر عقب موصوفة بأنها منطقة «سي» ومعظم سكانها يحملون الهوية الزرقاء، وخير من يعبر عن حالتها الغريبة قصة مواطن مقدسي يعمل في القدس وينام في كفر عقب، وفي الصباح يجتاز معبر قلنديا إلى قدس وراء الجدار، وفي المساء يجتازه إلى قدس خارج الجدار، والسبب الفارق في كلفة المعيشة والسكن، والتضييق الإسرائيلي على المقادسة لإجلائهم.

حصل، الأسبوع الماضي، أن شجاراً أو «طوشة عائلية» صارت سابقة في هذا «التنسيق الأمني» المذموم، حيث قامت قوات الأمن الفلسطينية بضبط الحال، بعد تنسيق أمني، وكذا تنسيق طبي، لنقل الموتى والجرحى إما إلى القدس، وإما إلى رام الله.

قبل الجدار والمعابر، وخصوصاً بعد ذلك، تعمل إسرائيل على خطة مزدوجة بعيدة المدى، لتوسيع القدس اليهودية، وفي إجلاء المقادسة عن القدس العتيقة، بدعوى استعادة منازل يهودية كانت قبل النكبة.

التضييق والإجلاء التدريجي يفسران كيف زاد سكان القدس في الرام وفي كفر عقب، وأيضاً إلى حد ما في شعفاط المقسومة بين داخل الجدار وخارجه.

صارت كفر عقب فوضوية العمران والسكن، وقيل إن سكانها يناهزون، الآن، المائة ألف، وتفكر إسرائيل في فرصة للانسحاب من كل قدس خارج الجدار، لتقليل عدد حَمَلَة الهوية الزرقاء من ثلث سكان القدس إلى 20% فقط، أي كما هي حال نسبة الفلسطينيين من رعاياها، الذين تقسمهم إسرائيل إلى مسلمين ومسيحيين ودروز مع ذلك، بينما تعتبرهم القائمة المشتركة فلسطينيين في دولة إسرائيل.

قدس ـ القدس العتيقة هي كيلومتر واحد تتطلع إسرائيل إلى تهويده، كما هوّدت القدس الغربية، وكما تخطط لتهويد القدس الكبرى، بضم الأحياء اليهودية في القدس الشرقية، وفي ضواحيها: «معاليه أدوميم» و»غوش عتصيون»، ولاحقاً ضم ما يمكن من المنطقة «سي» حيث صار المستوطنون الغالبية السكانية.

دخلنا العقد الثالث من الألفية الثالثة، بينما يقول الميزان الديمغرافي، إن هناك تعادلاً في نسبة عديد الفلسطينيين إلى اليهود الإسرائيليين في هذه «الأرض المقدسة».. المكدّسة، وتصرّ السلطة على عاصمة لها في القدس الشرقية، وتعمل إسرائيل على عاصمة فلسطينية خارج القدس الشرقية. مع ذلك، لا يتحقق شعار إسرائيلي يقول: نحن هنا، وهم هناك لا في القدس الصغيرة ولا في القدس المكبّرة، لا في إسرائيل ولا في فلسطين السلطوية، لا في دولة إسرائيل ولا في دولة فلسطين المعلنة والمزمعة.

حسب خطوط الطول للكرة الأرضية، بدءاً من «غرينتش» الوهمية، فإن فلسطين موحّدة في خط طول، لكن ملأى بخطوط تقسيم وهمية ديمغرافية، وإلى حد ما سياسية وبالذات دينية!

حسب مشروع أوّلي كان لتقسيم فلسطين، كانت رام الله جزءاً من القدس ككيان منفصل، وبعد النكبة كان سكانها أردنيين من حيث الهوية، وبعد الاحتلال كانوا يذهبون إلى القدس للعمل، وبعد أوسلو صار المقادسة يأتون إلى رام الله للسكن والعمل.. ونمرة إسرائيل الصفراء على سياراتهم.

إسرائيل لفظت الرام، فاضطرت السلطة إلى إدارتها، وقد تلفظ إسرائيل مخيم شعفاط، ثم كفر عقب، فتضطر السلطة إلى إدارتهما، أيضاً؟

أين سيصوت المقادسة في الانتخابات الفلسطينية الثالثة؟ ربما ليس في القدس الشرقية، بل في القدس ـ خارج القدس.

فلسطين بسيطة جداً في انسيابها الجغرافي الطولاني، لكن معقّدة جداً: تاريخياً وسياسياً وديمغرافياً.

في عناتا القرية استوقفني زميلي أحمد عبد الحق، وهو مولود هنا وعائد أوسلوي معنا، كأنني وقفت على خط توقيت «غرينتش» الوهمي لخطوط الطول. قال: هنا عناتا الضفة، وهنا عناتا القدس. لم تعد عناتا كما كانت.

عناتا عريقة في التاريخ، ومثلها الرام، وفي الرام حصل أن «تمرمرت»، لا لأنها كانت أول بيت لي في الجزء المتاح من الوطن، بل لأن هويتي الخضراء الأولى كمواطن، سقطت من جيب قميصي. تفحّصها صاحب دكان، ثم لوّح لي بهويته الزرقاء المقدسية الإسرائيلية.

يستطيع زميلي عبد الناصر النجار أن يحكي أحسن مني عن الرام بعد الاحتلال وبعد أوسلو، فهو من الفالوجة قبل النكبة، وصار لاحقاً من سكان الضفة. يستطيع بسام أبو شريف، القيادي الفصائلي السابق، أن يحكي أحسن مني عن أحوال قريته كفر عقب، وكيف كانت في الحقبة الأردنية، وكيف صارت في الحقبة السلطوية، فقد ولد فيها وإليها عاد بعد أوسلو.

شارع البيرة ـ القدس صار يوصلك إلى معبر قلنديا والجدار، لكنه مقسوم وهمياً، كما خط طول «غرينتش» العالمي، بين فلسطين السلطوية المرتّبة عمرانياً، وبين إطلالة كفر عقب، المعتبرة قدس إسرائيلية ما وراء الجدار.. والفوضوية عمرانياً بأبراجها المتقاربة.

صارت الرام منطقة موصوفة بأنها «باء»، وأقيم فيها استاد فيصل الحسيني، وغالبية ناسها يحملون الهوية الزرقاء، والبعض الآخر يحملون الهوية الخضراء، لكنها بقيت فوضوية العمران في زمني الاحتلال والسلطة الإدارية الفلسطينية.

بقيت جارتها كفر عقب موصوفة بأنها منطقة «سي» ومعظم سكانها يحملون الهوية الزرقاء، وخير من يعبر عن حالتها الغريبة قصة مواطن مقدسي يعمل في القدس وينام في كفر عقب، وفي الصباح يجتاز معبر قلنديا إلى قدس وراء الجدار، وفي المساء يجتازه إلى قدس خارج الجدار، والسبب الفارق في كلفة المعيشة والسكن، والتضييق الإسرائيلي على المقادسة لإجلائهم.

حصل، الأسبوع الماضي، أن شجاراً أو «طوشة عائلية» صارت سابقة في هذا «التنسيق الأمني» المذموم، حيث قامت قوات الأمن الفلسطينية بضبط الحال، بعد تنسيق أمني، وكذا تنسيق طبي، لنقل الموتى والجرحى إما إلى القدس، وإما إلى رام الله.

قبل الجدار والمعابر، وخصوصاً بعد ذلك، تعمل إسرائيل على خطة مزدوجة بعيدة المدى، لتوسيع القدس اليهودية، وفي إجلاء المقادسة عن القدس العتيقة، بدعوى استعادة منازل يهودية كانت قبل النكبة.

التضييق والإجلاء التدريجي يفسران كيف زاد سكان القدس في الرام وفي كفر عقب، وأيضاً إلى حد ما في شعفاط المقسومة بين داخل الجدار وخارجه.

صارت كفر عقب فوضوية العمران والسكن، وقيل إن سكانها يناهزون، الآن، المائة ألف، وتفكر إسرائيل في فرصة للانسحاب من كل قدس خارج الجدار، لتقليل عدد حَمَلَة الهوية الزرقاء من ثلث سكان القدس إلى 20% فقط، أي كما هي حال نسبة الفلسطينيين من رعاياها، الذين تقسمهم إسرائيل إلى مسلمين ومسيحيين ودروز مع ذلك، بينما تعتبرهم القائمة المشتركة فلسطينيين في دولة إسرائيل.

قدس ـ القدس العتيقة هي كيلومتر واحد تتطلع إسرائيل إلى تهويده، كما هوّدت القدس الغربية، وكما تخطط لتهويد القدس الكبرى، بضم الأحياء اليهودية في القدس الشرقية، وفي ضواحيها: «معاليه أدوميم» و»غوش عتصيون»، ولاحقاً ضم ما يمكن من المنطقة «سي» حيث صار المستوطنون الغالبية السكانية.

دخلنا العقد الثالث من الألفية الثالثة، بينما يقول الميزان الديمغرافي، إن هناك تعادلاً في نسبة عديد الفلسطينيين إلى اليهود الإسرائيليين في هذه «الأرض المقدسة».. المكدّسة، وتصرّ السلطة على عاصمة لها في القدس الشرقية، وتعمل إسرائيل على عاصمة فلسطينية خارج القدس الشرقية. مع ذلك، لا يتحقق شعار إسرائيلي يقول: نحن هنا، وهم هناك لا في القدس الصغيرة ولا في القدس المكبّرة، لا في إسرائيل ولا في فلسطين السلطوية، لا في دولة إسرائيل ولا في دولة فلسطين المعلنة والمزمعة.

حسب خطوط الطول للكرة الأرضية، بدءاً من «غرينتش» الوهمية، فإن فلسطين موحّدة في خط طول، لكن ملأى بخطوط تقسيم وهمية ديمغرافية، وإلى حد ما سياسية وبالذات دينية!

حسب مشروع أوّلي كان لتقسيم فلسطين، كانت رام الله جزءاً من القدس ككيان منفصل، وبعد النكبة كان سكانها أردنيين من حيث الهوية، وبعد الاحتلال كانوا يذهبون إلى القدس للعمل، وبعد أوسلو صار المقادسة يأتون إلى رام الله للسكن والعمل.. ونمرة إسرائيل الصفراء على سياراتهم.

إسرائيل لفظت الرام، فاضطرت السلطة إلى إدارتها، وقد تلفظ إسرائيل مخيم شعفاط، ثم كفر عقب، فتضطر السلطة إلى إدارتهما، أيضاً؟

أين سيصوت المقادسة في الانتخابات الفلسطينية الثالثة؟ ربما ليس في القدس الشرقية، بل في القدس ـ خارج القدس.

فلسطين بسيطة جداً في انسيابها الجغرافي الطولاني، لكن معقّدة جداً: تاريخياً وسياسياً وديمغرافياً.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كفر عقب؛ هل للسابقة لواحقها كفر عقب؛ هل للسابقة لواحقها



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

GMT 21:08 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 12:09 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

7 منتخبات في البطولة العربية للكرة الطائرة في القاهرة

GMT 17:33 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تيم حسن ينفى مشاركته في فيلم حالي لي

GMT 11:10 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

الأرصاد السعودية تُحذّر أهالي نجران من "طقسٍ سيئ"

GMT 14:20 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

وصول الوليد بن طلال إلى برج المملكة بعد إطلاق سراحه

GMT 01:29 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

كورسو يؤكّد أنّ “دو” تدرس دخول السوق السعودية

GMT 08:37 2017 السبت ,16 أيلول / سبتمبر

من جيوب الأغنياء لا الفقراء

GMT 06:27 2016 السبت ,03 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أوباما تغيب عن إضاءة شجرة عيد الميلاد

GMT 05:06 2017 السبت ,10 حزيران / يونيو

ناسا تكشف عن طرق لتخيل العالم الغريب

GMT 05:56 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

مونروفيا من أجمل الوجهات السياحية لقضاء وقت ممتع

GMT 23:36 2017 الأربعاء ,28 حزيران / يونيو

اصطدام فيتيل بهاميلتون يمنح ريتشاردو لقب فورمولا-1

GMT 23:29 2016 الخميس ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"العرب اليوم" يرصد أشهر خطوبات الوسط الفني التي لم تكتمل

GMT 09:35 2016 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

عمر السومة عريس في الكويت الشقيقة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq