من نظرية «الفراغ» إلى ترتيب «الفوضى الخلّاقة»

من نظرية «الفراغ» إلى ترتيب «الفوضى الخلّاقة»؟

من نظرية «الفراغ» إلى ترتيب «الفوضى الخلّاقة»؟

 العراق اليوم -

من نظرية «الفراغ» إلى ترتيب «الفوضى الخلّاقة»

حسن البطل
بقلم - حسن البطل

«سنحارب الاستعمار في قصور الرجعية؛ وسنحارب الرجعية في أحضان الاستعمار»، كذا قال زعيم العروبة الناصرية، بعد عام من انقلاب الانفصال السوري عن الوحدة مع مصر، في أيلول 1961، وبعد انقلاب العقيد اليمني، العام 1962 عبد الله السلّال على عرش آل حميد المتحجّر، والمملكة المتوكلية اليمنية.

خمس سنوات من العام 1956 إلى العام 1961، كانت سنوات المدّ العروبي، في الجناح الشرقي العربي، وفي بداية المدّ، طرح وزير الخارجية الأميركية، آنذاك، جون فوستر دالاس نظرية «الفراغ» الأيديولوجي في المنطقة، ونجح شقيقه ألن دالاس، مدير الاستخبارات المركزية الأميركية، في تشكيل ائتلاف عسكري ـ سياسي، اتخذ شكل «حلف بغداد» في التسمية السياسية العربية ـ الناصرية، وحلف «السنتو ـ المعاهدة المركزية»، وتشكل من: الباكستان، تركيا، العراق.. وأميركا وبريطانيا، باعتباره الجناح الإقليمي لحلف «الناتو»، وقال ناصر، إن أيديولوجية القومية العربية هي التي ستملأ «الفراغ».
كان الأخوان جون وألن محافظين كارهَين للشيوعية والاشتراكية، ولانحياز العروبة الناصرية إلى ما كان «المعسكر الاشتراكي» بما يذكر بالإدارات الأميركية المحافظة، بدءاً من الرئيس رونالد ريغان، إلى قمة المحافظة مع إدارة الرئيس ترامب، وتحالف الإنجيليين الأميركيين مع التوراتيين الإسرائيليين.
حاول هذا «السنتو» احتواء لبنان في رئاسة كميل شمعون، وأيضاً الأردن لما كان غلوب باشا قائداً للجيش، لكن الوحدة المصرية ـ السورية في العام 1958 شكلت سدّاً عروبياً، وساعدت في منع لبنان والأردن من الانحياز إلى الحلف، وما لبث المشروع أن أصيب بمقتل مع انقلاب عراقي في العام 1958 بقيادة ضابطين شاركا في الحرب الفلسطينية 1948 وهما: عبد الكريم قاسم، وعبد السلام عارف، الذي أسقط النظام الملكي العراقي وأنهاه بأسلوب دموي.
كانت القرارات الاشتراكية الناصرية العام 1960 في التأميم والإصلاح الزراعي، باعثاً لما كان للرجعية العربية الخليجية وبقايا «السنتو» في تدبير الانفصال السوري، بداية انحسار المد العروبي الناصري، وتيار الوحدة العربية.
بعد خمس سنوات من انفصال العام 1961، حصلت هزيمة العام 1967، التي كانت نقطة انكسار الأنظمة الراديكالية، وكانت سنوات الفوضى في سورية من الانقلابات المتتالية، التي أضعفت الجيش السوري، بسبب سياسة «تبعيث» الجيش وإقصاء الكفاءات العسكرية المعارضة، وتحطّمت «الكمّاشة» السورية ـ المصرية.
إلى ذلك ارسل ناصر خيرة ألوية جيشه إلى حرب استنزاف في اليمن لدعم النظام الجمهوري الناشئ، مع معارضة السعودية ودعمها لبقايا النظام الإمامي الظلامي في اليمن. ومن ثم، جاءت حرب «النكسة» وهزيمتها المدوّية، بينما سحب ناصر أذيال جيوش التدخل في اليمن، بعد صلحته مع السعودية ومؤتمر اللاءات الثلاث في الخرطوم: لا صلح. لا اعتراف. لا تفاوض، ودفنت «اللاءات» بعد معاهدة كامب ديفيد 1979.
كان الغزو العراقي للكويت بداية انتقال ثقل المركز العروبي من «دول الثورة» الجمهورية الاستبدادية.. إلى دول الخليج ذات الحكم السلالي، ودخل العالم العربي في حالة تناقض بين العروبة والاتجاهات الإسلاموية.
بدلاً من حلف «السنتو» ونظرية «الفراغ» في الجناح الشرقي العربي، وضعت الوزيرة كوندوليزا رايس نظرية «الفوضى الخلّاقة» مع بداية ما يُدعى «الربيع العربي»، ومناهضة الاستبداد العربي في الجمهوريات العربية بالرهان على مناهضة الإسلام السياسي المعتدل للإسلام الراديكالي المحافظ «الثوري» وحتى «الإرهابي».
مع صعود حكم الإنجيليين للولايات المتحدة وإعلان «صفقة القرن» تحاول الإدارة الأميركية الترامبية إقامة تحالف جديد إقليمي باسم مواجهة الخطر الإسلامي الشيعي ـ الإيراني وأذرعه في سورية ولبنان واليمن، وتدخله إسرائيل وما يسمى الدول الإسلامية السنية.
الولايات المتحدة التي جرّبت «فتنمة» الحرب وفشلت مع انهيار نظام فيتنام الجنوبية، وتحاول «أفغنة» الحرب.. وتبحث عن طريق للانسحاب منها، تحاول «أسلمة» حروب إقليمية، في غياب مركز عروبي كانته مصر الناصرية في مرحلة إفشال «حلف السنتو»، وخلافات تركية ـ إيرانية في صراعهما على النفوذ في بلاد احتراب دول «الربيع العربي»، وانشقاقات في دول الخليج.
بدأت مرحلة الانحسار العروبي الناصري في أيلول 1961، وتلتها مرحلة الانكسار العروبي الناصري والبعثي العام 1967، وتحاول أميركا مع سلام ثالث ترتيب نظرية «الفوضى الخلّاقة» إلى سلام عربي مقابل سلام إسرائيلي.
.. أمّا سياسة إسرائيل فصارت «هدوء مقابل هدوء» في غزة ولبنان.. وسورية، أيضاً، وسياستها إزاء فلسطين من «الضم الكبير» إلى «الضم الزاحف».

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من نظرية «الفراغ» إلى ترتيب «الفوضى الخلّاقة» من نظرية «الفراغ» إلى ترتيب «الفوضى الخلّاقة»



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

GMT 21:09 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 17:33 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

تتحدى من يشكك فيك وتذهب بعيداً في إنجازاتك

GMT 13:45 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

أبرز صيحات موضة بدلات ملونة بستايل عصري وجديد

GMT 13:25 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

مجموعة من مجوهرات عروس فخمة من وحي أهم النجمات

GMT 01:30 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مايكروسوفت تجعل متصفح Edge أسرع وأكثر عملية

GMT 13:00 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

طريقة إعداد حلوى "تشيز كيك اللوتس" الشهية

GMT 19:38 2017 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

واتساب تعلن عن خاصية مشاركة المكان بشكل مباشر

GMT 22:26 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

الشباب يواصل تدريباته على ملعب الأمير خالد بن سلطان

GMT 19:36 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

تحذير أممي من تعرض اليمن لأكبر مجاعة يشهدها العالم

GMT 01:22 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

صيحات مميّزة للحقائب باللون الأبيض لصيف 2018

GMT 21:44 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

زياد نكد يطبع بصمة ملفتة في عالم هوت كوتور

GMT 13:51 2021 السبت ,02 كانون الثاني / يناير

توقعات ماغي فرح للأبراج في عام 2021

GMT 00:20 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 20:57 2019 الثلاثاء ,16 تموز / يوليو

"شانيل" تطلق مجموعة مجوهرات راقية جديدة

GMT 05:34 2019 السبت ,06 إبريل / نيسان

طحنون بن محمد يعزي بوفاة سيف عبيد المنصوري

GMT 16:32 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

الفحص الطبي يكشف مدة غياب دي سوزا عن الأهلي

GMT 01:24 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

"أفضل أغنية كريسماس في العالم " ألفها الذكاء الصناعي

GMT 20:21 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

بهاء سلطان يحيي حفل رأس السنة في فندق "Le Passage Cairo"

GMT 14:41 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

أحمد كمال ينفي حذف أي مواطن من بطاقات التموين

GMT 01:23 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

داكوتا جونسون أنيقة خلال حفلة مهرجان مراكش
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq