متغيرات الحزب، الزعيم والجيش

متغيرات الحزب، الزعيم.. والجيش!

متغيرات الحزب، الزعيم.. والجيش!

 العراق اليوم -

متغيرات الحزب، الزعيم والجيش

بقلم -حسن البطل

«تحالفات جديدة، عداوات جديدة.. فوضى في كل مكان». كانت هذه نبوءة شو آن لاي (1949 ـ 1976)، رداً على سؤال: كيف تتصور العالم بعد نصف قرن؟

في سبعينيات القرن المنصرم، رحل ثلاثة رجال صينيين أسطوريين، الزعيم الأسطوري ـ الكاريزمي ماو تسي تونغ، مؤسس الحزب الشيوعي والصين الشيوعية، ورئيس وزرائه شو آن لاي، ووزير دفاعه لين بياو، صاحب «الكتاب الأحمر» الشهير.

في العقد الأخير من ذلك القرن، بدأ في القارة العجوز، انهيار عالم الانقسام بين المعسكرات الأيديولوجية ـ السياسية وأحزابها الحاكمة في الكتلة الأوروبية الشرقية، وتفسخ الأحزاب الاشتراكية في الكتلة الأوروبية الغربية.

انتهى زمن الأيديولوجيا ومعسكراتها السياسية، وبدأت حقبة الكتل الاقتصادية ـ السياسية، أولاً في أوروبا قارة بلاد الاستعماريات الكلاسيكية.

اختفى أكبر حزبين شيوعيين في أوروبا الغربية (إيطاليا وفرنسا) وفي روسيا حل حزب «الزعيم» بوتين (أمنا روسيا) مكان الحزب الشيوعي.

لم يبقَ من الشيوعية الآسيوية سوى كوريا الشمالية، وضمر الحزب الشيوعي في فيتنام بعد انتصارها وتوحيد شطري البلاد، ورحيل الزعيم الأسطوري هوشي منّه، وقائدها العسكري الأسطوري الجنرال جياب.

أما الحزب الشيوعي في أندونيسيا، أكبر الأحزاب الشيوعية الآسيوية خارج المجموعة الشيوعية، فقد أباده الانقلابي العسكري أحمد سوهارتو (200 ألف قتيل) لم يبقَ من الشيوعية السوفياتية سوى كوبا الثورية، وزعيمها الأسطوري فيدل كاسترو، وثائرها الأسطوري الشهيد غيفارا، وحصار أميركي منذ نصف قرن.

مع الانهيار الأيديولوجي، اضمحل دور مجموعة دول «عدم الانحياز». انتهى زمن زعماء أسطوريين: نهرو ـ كاسترو ـ سوكارنو.

في الهند، كبرى ديمقراطيات العالم، بدأ موت حزب المؤتمر بموت نهرو الأسطوري، الزعيم السياسي لاستقلال الهند، وآل نهرو كانوا فاصلة، قبل صعود حزب «جاناتا ـ بهاريا» الهندوسي.

لا يشبه حزب المؤتمر الافريقي N.C.A الآن، ما كان عليه زمن مانديلا الأسطوري ـ الكاريزمي، ولا حزب جبهة التحرير الوطني الجزائري، قائد ثورة الاستقلال الأسطوري، زمننا هذا، بعد استقالة آخر رجاله عبد العزيز بوتفليقة.

في عالمنا العربي كانت هناك ثلاثة أحزاب حركات عابرة: الناصرية، والبعثية، والقوميون العرب. حزب «البعث» حكم بلدين عربيين: سورية والعراق، خاصة في زمن زعيمين أسطوريين: صدام حسين، وحافظ الأسد. جاءا بانقلابات عسكرية سهلة، ورحلا زعيماً وحزباً في دراما حربية مأساوية ـ أهلية في العراق. ومن يسأل في سورية الآن عن «الحزب القائد للدولة والشعب» في زمن الأسد ـ الابن؟

هذا «الربيع العربي» ضرب دول الجمهوريات الرئاسية، التي بدأت بانقلابات عسكرية، وانتهت إلى ثورات شعبية ضد الاستبداد «حكم العسكر» خاصة في مصر، الجزائر، اليمن والسودان .. وإلى حد ما في ليبيا الزعيم الأوحد، صاحب شعار من «تحزّب فقد خان».

في هذه البلاد، كانت بداية الانقلابات العسكرية سهلة، ثم في بعضها اصطدمت، بعد انهيار زعمائها وأحزابها، بحركات «الإسلام السياسي»، أو بجنرالات متحالفين معه، أو بثورات شعبية سلمية ضد حكم العسكر، تطالب بالحكم المدني، وبالانتخابات الديمقراطية.

الحالة الفلسطينية نعرفها ونعاني منها منذ رحيل قائد الثورة ومؤسّس السلطة ياسر عرفات، وانقسام فلسطيني قاعدته «فتح» ـ الوطنية، و»حماس» الإسلامية.

بلدان «الربيع العربي»، وجيوشها وأحزابها.. ونظمها بين نموذجين في تركيا مابعد الأتاتوركية، وإيران مابعد الشاهنشاهية: مزيج من انقلابات عسكرية وثورات شعبية، انتهت إلى ديمقراطية إسلامية تعددية، أو إلى ولاية الفقيه.

إسرائيل، التي تدّعي أنها «الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، ليست بعيدة عن هذه التحولات الحزبية الأيديولوجية، منذ أسس الجنرال شارون حزب «كاديما» إلى حزب الجنرالات الثلاثة، إلى انهيار حزب «العمل» المؤسّس للدولة، وبعد نتنياهو لن يبقى «الليكود» هو ذاته.

في بريطانيا وأميركا بالذات، يتداول الحكم حزبان لا تجد بينهما فوارق أيديولوجية وحتى سياسية. في دول أوروبا الشرقية أحزاب حاكمة شعبوية ـ يمينية، حتى في إيطاليا وفرنسا. وإلى حد ما إسبانيا. أما الرأسمالية القديمة ونظمها فقد صارت «نيوـ ليبرالية».

من الحروب الاستعمارية، إلى حروب التحرر الوطني، والحروب الأيديولوجية ـ السياسية.. إلى زمن حروب تجارية وتكتلات اقتصادية.. أما عالمنا العربي فما زال في مرحلة الزعيم، الحزب، والجيش.. الثورة الشعبية.

ماذا عن بلاد صاحب النبوءة شو آن لاي؟ في زمن ماو كان الشعار: ريح الشرق تغلب ريح الغرب.. والآن، زمن صين «الحزام والطريق».. الحرب التجارية الأميركية ـ الصينية، وربما القرن الصيني!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متغيرات الحزب، الزعيم والجيش متغيرات الحزب، الزعيم والجيش



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

GMT 20:38 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

الهلال يتعاقد مع نجل الدولي السابق عبده عطيف

GMT 10:17 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

دون كيشوت" من أفضل 10 مطاعم في مصر

GMT 03:01 2018 الجمعة ,13 إبريل / نيسان

جورج وسوف يصرح "بشار الأسد مش هنلاقي أحسن منه"

GMT 00:52 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

كوسوفو مدينة جميلة اكتشفها أنت وعروسك خلال شهر العسل

GMT 19:55 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

تعلمي طريقة تكبير الشفايف بالمكياج في البيت

GMT 19:29 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

الرئيس محمود عباس يزور مركز الإحصاء الفلسطيني

GMT 01:14 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

طريقة اعداد التورتة على شكل الرمان

GMT 21:15 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

غاري نيفيل يكشف سر نجاح كريستيانو رونالدو

GMT 07:46 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

سايرس مثيرة في بدلة مستوحاة من ثياب القراصنة

GMT 13:53 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

الإعلامي عمرو الليثي يزور مستشفى أبو الريش للأطفال

GMT 19:58 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

دار "Bulgari" تكشف عن مجموعة من العقود المرصّعة بالأحجار الكريمة

GMT 14:45 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الألوان المبهجة تسيطر على ديكور الشتاء هذا الموسم

GMT 23:14 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي تؤكّد أنّ من يزرع الفن سيحصد العالمية
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq