انتصار للمغرب والإمارات والمنطق

انتصار للمغرب والإمارات... والمنطق

انتصار للمغرب والإمارات... والمنطق

 العراق اليوم -

انتصار للمغرب والإمارات والمنطق

خيرالله خيرالله
بقلم : خيرالله خيرالله

افتتاح أول قنصلية عربية في العيون عاصمة الصحراء تتويج للتقدّم الذي حققه المغرب في 45 عاما في مواجهة قضيّة مفتعلة والأمل الآن في أن يكون هناك مزيد من الوعي العربي والدولي لأهمّية الخطوة الإماراتية.

ليس افتتاح قنصلية لدولة الإمارات العربيّة المتّحدة في العيون، عاصمة إقليم الصحراء المغربية، خبرا عاديا بأيّ مقياس من المقاييس، لا إقليميا، أي في منطقة شمال أفريقيا، ولا على الصعيد العربي ككلّ فقط. ما حصل انتصار للمغرب وانتصار للإمارات وتغيير في عقليات وذهنيات سائدة، اعتبرت مسلّمات. كان لا بدّ من كسر هذه المسلّمات، بعدما هيمنت طويلا على العقل العربي وعلى العلاقات بين الدول العربيّة.

يشكّل افتتاح القنصلية الإماراتية في العيون بحضور وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة والسفير الإماراتي في الرباط العصري الظاهري مع خطاب ألقاه الشيخ عبدالله بن زايد عبر تقنية الفيديو، حدثا كبيرا، بل منعطفا سياسيا. هذا الحدث دليل على رغبة واضحة وجرأة في التعاطي العربي مع الواقع من جهة، والذهاب إلى أبعد ما يكون في تطوير العلاقات بين بلدين عربيين، هما المملكة المغربية ودولة الإمارات، ربطت بينهما علاقات في العمق على كلّ المستويات من جهة أخرى، خصوصا في مجال رفض الرضوخ لسياسات الابتزاز التي لا طائل منها.

هناك بكلّ بساطة دولة اسمها دولة الإمارات عرفت دائما كيف تتجاوز العقد بكلّ أنواعها بدل البقاء في أسرها وفي أسر الأوهام. لو لم يكن الأمر كذلك، لما ولدت في الأصل دولة الإمارات بفضل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

 

استطاعت الإمارات، عبر افتتاح قنصليتها في العيون القول إنّ ثمة قدرة على تطوير العلاقات بين الدول العربية وفق أسس علمية وعصرية قبل أيّ شيء آخر. هذا ما يبدو واضحا من كلمة الشيخ عبدالله بن زايد التي اتسمت برغبة واضحة في جعل السلام والتعاون يسودان المنطقة مع تقديم المصالح المشتركة على كلّ ما عداها.

 

الإمارات استطاعت، عبر افتتاح قنصليتها في العيون القول إنّ ثمة قدرة على تطوير العلاقات بين الدول العربية وفق أسس علمية وعصرية قبل أيّ شيء آخر

 

يمكن تلخيص ما حصل مع افتتاح الإمارات قنصلية عامة في مدينة العيون، في الإقليم الغربي الجنوبي للصحراء المغربية، بأنّه تعبير عن عقلية جديدة متطورة تتلاءم مع ما يدور في العالم بدل البقاء على هامش الأحداث. مطلوب عربيا التأثير في الأحداث بدل التعاطي معها من موقع المتفرّج عليها.

 

تتلاءم هذه العقلية مع مفاهيم العلاقات القائمة بين الدول المتحضّرة التي قررت ألّا تكون العلاقات بينها مقتصرة على الودّ والخطب ذات الطابع العاطفي فحسب، بل على المصالح المشتركة أيضا. هناك من دون شكّ ودّ يربط بين المواطنين المغربي والإماراتي. في أساس هذا الودّ ثقافتان قائمتان على فكرة التسامح والانفتاح والاعتراف بالآخر، فضلا عن العلاقات التاريخية بين القيادتين في البلدين، وهي علاقات أسس لها الملك الحسن الثاني والشيخ زايد بن سلطان، رحمهما الله.

 

في السنة 2020، ثمّة حاجة إلى الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك، أي إلى أخذ عامل المصالح المشتركة في الاعتبار، خصوصا في وقت تحقّق الدبلوماسية المغربية بقيادة الملك محمّد السادس خطوات مستمرّة إلى الأمام في المجال الأفريقي وفي مجال تأكيد المؤكّد وهو أنّ الصحراء أرض مغربية. فوفق وزارة الخارجية المغربية، إن قنصلية الإمارات العربية المتحدة هي تاسع قنصلية أجنبية افتتحت في أقل من عام واحد، في مدينة العيون المغربية. والإمارات العربية المتحدة أول دولة عربية تفتتح قنصلية في العيون.

 

استعاد المغرب صحراءه، التي كانت تحتلّها إسبانيا، بعد “المسيرة الخضراء” في مثل هذه الأيّام من العام 1975. كانت لافتة إشارة الشيخ عبدالله بن زايد إلى مشاركة دولة الإمارات في “المسيرة الخضراء” التي كانت تعبيرا عن اندفاع شعبي مغربي صادق لا سابق له من أجل استعادة الأرض.

 

إنّ افتتاح أول قنصلية عربية في العيون، عاصمة الصحراء، تتويج للتقدّم الذي حققه المغرب في 45 عاما من أجل الدفاع عن وحدته الترابية في مواجهة قضيّة مفتعلة. الأمل الآن، في أن يكون هناك مزيد من الوعي العربي والدولي لأهمّية الخطوة الإماراتية بكلّ أبعادها، بما في ذلك على صعيد تحسين العلاقات المغربية – الجزائرية.

 

في النهاية، بات مطلوبا التوصل إلى تفاهم حقيقي بين المغرب والجزائر في شأن قضيّة افتعلتها الجزائر بحجة “حقّ تقرير المصير للشعوب”. ليس معروفا إلى اليوم عن أيّ شعب تتحدّث الجزائر التي تستخدم أداة اسمها جبهة “بوليساريو” لاستنزاف المغرب اقتصاديا. لو كانت الجزائر حريصة، حقّا، كلّ هذا الحرص على الشعب الصحراوي، لماذا لم تؤمن له دولة مستقلة في أراضيها، خصوصا أن الصحراويين منتشرون في طول شريط من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر؟ هذا الشريط يمرّ في الجنوب الجزائري بطبيعة الحال.

 

آن أوان حلول المنطق بدل الأوهام والأحلام. ما لا يمكن تجاهله أنّ الاستثمار في “بوليساريو” نوع من الاستثمارات التي كانت رائجة في الحرب الباردة

 

خاضت الجزائر كلّ أنواع الحروب، بالواسطة مع المغرب. يمكنها الآن أن تستريح قليلا وتفكّر في كيفية الانصراف إلى الاهتمام بالجزائريين بدل التطلع إلى لعب دور على الصعيد الإقليمي يفوق حجمها بكثير.

 

آن أوان حلول المنطق بدل الأوهام والأحلام. ما لا يمكن تجاهله أنّ الاستثمار في “بوليساريو” نوع من الاستثمارات التي كانت رائجة في الحرب الباردة. ما تحتاجه المنطقة، منطقة شمال أفريقيا أكثر من أيّ وقت، في أيّامنا هذه، هو قليل من المنطق. المنطق يقول إنّ الصحراء مغربيّة وإنّ المغرب لا يمكن أن يتخلّى عنها، خصوصا أن سكان الإقليم مغاربة. من يتذكّر أنّ والد (الراحل) محمد عبدالعزيز الذي كان يسمّي نفسه رئيس “الجمهورية الصحراوية” كان مواطنا مغربيا وكان ضابط صفّ في الجيش المغربي؟

 

يفترض في التطورات الأخيرة التي شهدتها قضية مفتعلة أن تجعل من الخطوة المقبلة خطوة العودة إلى المنطق. هذا يعني بكل بساطة العودة إلى اللعبة الوحيدة المطروحة سياسيا. اسم هذه اللعبة الحكم الذاتي الموسّع الذي طرحه الملك محمّد السادس قبل سنوات عدّة. مثل هذا الحلّ، الذي بدأ مفعوله يسري على الأرض فعلا، مساهمة في تكريس وجود عقلية جديدة تتحكّم بالعلاقات بين الدول، خصوصا الدول الجارة التي تجمع بينها مصالح كثيرة. فالاعتراف بالخطأ والعودة عنه ليس عيبا، بل هو فضيلة. العيب في التمسّك بالخطأ… والاعتقاد بأنّه الصواب.

 

بافتتاح قنصليتها في العيون، مع ما يعنيه ذلك من اعتراف بمغربية الصحراء، فتحت دولة الإمارات العربيّة المتحدة الطريق واسعا أمام تغيير جذري في الذهنية العربيّة.

 

فتحت الطريق أمام التصالح مع المنطق والواقع لا أكثر ولا أقلّ.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتصار للمغرب والإمارات والمنطق انتصار للمغرب والإمارات والمنطق



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

GMT 07:49 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ريتا أورا تحتفل بألبومها الثاني الذي ينتظره الجميع

GMT 15:03 2020 الإثنين ,18 أيار / مايو

فساتين خطوبة مطرزة لإطلالة إستثنائية فخمة

GMT 04:09 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء يعثرون على أصغر كوكب خارج المجموعة الشمسية

GMT 00:55 2017 الخميس ,06 إبريل / نيسان

فؤاد قرفي يكشف عن مجموعته الجديدة من الأزياء

GMT 00:26 2021 الأحد ,17 كانون الثاني / يناير

أجمل معاطف كيت ميدلتون موضة 2021 لمناسبة عيد ميلادها

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

البنك المركزي يصدر تعميم جديد يحدد سعر الصرف

GMT 08:01 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

تعرف على أسعار سيارات نيسان "بيك أب" بعد زيادة يونيو

GMT 08:09 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

يارا تظهر بإطلالة مثيرة في فستان أخضر مميز

GMT 08:53 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

"سيلفرمين" في السويد يعد من أغرب فنادق العالم

GMT 00:36 2018 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

سارة سيد تكشف عن مميزات السياحة في ألمانيا

GMT 18:21 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

أحمد فهمي يتقدم بطلب الزواج من الفنانة رانيا يوسف

GMT 15:43 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

قوات الشرطة تحبط محاولة تفجير في مدينة العريش الثلاثاء

GMT 12:17 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لعبة MOBA الجديدة Mobile Legends متوفرة الآن على الهواتف الذكية

GMT 02:49 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر ضمن أفضل 10 دول في حجم القوات البحرية

GMT 03:49 2013 الأربعاء ,06 شباط / فبراير

الشمس تقلل فرص الإصابة بالروماتويد

GMT 01:40 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مارتن لاف يكشف أبرز مزايا سيارة "إكس-ترايل" الجديدة

GMT 09:16 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

الفراعنة أول من عرفوا السلم الموسيقي

GMT 16:11 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

التليفزيون المصري يعرض المسلسل النادر "مبروك جالك ولد"

GMT 08:33 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

صور لمناطق صينية غير مأهولة بالسكان تبدو كمدينة الأشباح
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq