مصير النظام ومصير سوريا

مصير النظام ومصير سوريا

مصير النظام ومصير سوريا

 العراق اليوم -

مصير النظام ومصير سوريا

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

سوريا تحصد للأسف الشديد ما زرعه النظام بعدما ارتضى بشّار الأسد أن يكون بحماية إيرانية، إنّه ثمن باهظ يدفعه بلد كان مرشّحا أن يكون من أفضل بلدان المنطقة وأكثرها ازدهارا.

لم يعد الخلاص من النظام السوري مجرّد حلم. هناك للمرّة الأولى، منذ فترة لا بأس بها، إشارات متلاحقة تؤكّد أن المسألة مسألة وقت فقط وأنّ على النظام أن يتغيّر جذريا في ضوء عجزه عن تغيير نفسه. لم يعد السؤال المطروح هل يتغيّر النظام بمقدار ما المطروح مصير سوريا.

كان آخر إيحاء بأنّ التغيير سيحصل الكلام الصادر عن جيمس جيفري مسؤول الملفّ السوري لدى الإدارة الأميركية الذي يعقد بين حين عن طريق الإنترنت ندوات افتراضية يجيب فيها عن أسئلة متعلّقة بالوضع السوري والمواقف الأميركية منه.

لم يخف جيفري في الندوة الأخيرة أن الهدف الأميركي إحداث تغيير في سوريا. ما يؤكّد ذلك قوله إن الولايات المتحدة تريد تغييرا في سلوك النظام ولا تريد تغيير النظام. مثل هذا الكلام يشير بوضوح إلى الرغبة في الانتهاء من النظام. يدلّ على ذلك الشروط الأميركية السبعة التي يشدّد عليها جيفري وغيره من كبار المسؤولين الأميركيين منذ فترة طويلة. إنّها شروط يستحيل على النظام تنفيذها كي يتخلّص يوما من “قانون قيصر”.

بكلام أوضح، إن أميركا تقصد عكس ما تقوله، خصوصا أنّ المسؤولين فيها يعرفون جيّدا أن النظام السوري لا يستطيع تغيير سلوكه، بدءا بإطلاق المعتقلين وانتهاء بخروج القوات الإيرانية وتوابعها، مرورا بتنفيذ القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. يدعو هذا القرار، بين ما يدعو إليه، إلى “فترة انتقالية” في سوريا. هناك نظام لا يقبل أيّ فترة انتقالية ولا يقبل أيّ دستور جديد، إذا لم يكن هذا الدستور على مقاس بشّار الأسد.

مجرّد تغيير النظام لسلوكه يعني أوتوماتيكيا تغيير النظام. في النهاية، إن عمر هذا النظام نصف قرن إلّا خمسة أشهر تقريبا وهو يعمل وفق قواعد محدّدة في مقدّمها التخلّص عن طريق السجن أو القتل من المعارض أو حتّى من المشكوك بولائه.

لكنّ أهمّ ما في الكلام الصادر عن جيمس جيفري حديثا تأكيده أن السياسة التي تتبعها واشنطن تجاه سوريا وإيران ليست سياسة الإدارة الحالية برئاسة دونالد ترامب، بل هي “سياسة أميركا”. الترجمة العملية لذلك أن الانتخابات الأميركية لن تؤدي إلى أي تغيير في السياسة الأميركية حتّى لو فاز الديمقراطي جو بايدن على ترامب الجمهوري.

هناك من ينسى أن طرح “قانون قيصر” في الكونغرس كان في عهد باراك أوباما الذي كان بايدن نائبه. مرّ القانون ابتداء من العام 2016 بمراحل عدّة قبل تمريره في الكونغرس وإيصاله إلى البيت الأبيض حيث وقّعه دونالد ترامب في كانون الأوّل – ديسمبر الماضي تمهيدا لأن يصبح نافذا في السابع عشر من حزيران – يونيو 2020.

الأكيد أنّ النظام السوري لا يستطيع الاعتراف بأنّ “قانون قيصر” يعني نهايته. لذلك، ليس لدى وزير خارجيته وليد المعلّم سوى ترديد ما تمليه عليه مجموعة من الذين يعيشون في عالم لا ينتمي من قريب أو بعيد إلى الواقع عن أنّ “ما يسمّى قانون قيصر هو قانون اليائس لأن سوريا سجّلت انتصارات في الميدان وعلى قوانين سابقة أحادية الجانب”.

ليس معروفا عن أيّ انتصارات يتحدّث وليد المعلّم أو أولئك الذين طلبوا منه قول مثل هذا الكلام البائس. كيف يمكن أن يكون الانتصار على الشعب السوري المنتفض منذ تسعة أعوام من أجل بعض من كرامة انتصارا؟ كيف يمكن لنظام الكلام عن انتصارات في حين أن سوريا تحت خمسة احتلالات، هي الإيراني والروسي والتركي والإسرائيلي والأميركي؟

فهمت روسيا أنّ عليها التكيّف مع “قانون قيصر” في حال كانت تريد المحافظة على مصالحها في سوريا في مرحلة ما بعد رحيل النظام. سيكون لروسيا مكان في سوريا، خصوصا في ظلّ المباركة الأميركية لوجودها فيها وفي ظلّ التفاهم القائم بينها وبين كلّ من إسرائيل وتركيا.

تدفع سوريا اليوم ثمن إصرار نظام أقلوي على ممارسة لعبة التذاكي طوال نصف قرن. ما نشهده حاليا هو نهاية للعبة التذاكي التي تكشف جانبا منها مذكرات الرئيس اللبناني السابق أمين الجميّل الذي تولى المسؤولية الأولى في لبنان بين العامين 1982 و1986. تكشف وقائع موثّقة من أمين الجميّل لسلسلة اجتماعات طويلة عقدها مع حافظ الأسد في بداية العام 1986، بحضور عبدالحليم خدّام وفاروق الشرع وعبدالرؤوف الكسم، أن حافظ الأسد يفاوض من أجل التفاوض لا أكثر وأنّ همّه كان تمرير الاتفاق الثلاثي الذي توصلت إليه “القوات اللبنانية” ممثلة بإيلي حبيقة (حليف سوريا بعدما كان حليف إسرائيل) وحركة “أمل” الشيعية والحزب التقدّمي الاشتراكي الدرزي.

لم يكن ذلك الاتفاق سوى صيغة من أجل جعل لبنان تحت المظلّة السورية ولا شيء آخر غير ذلك. كان على أمين الجميّل إلغاء نفسه كرئيس للجمهورية اللبنانية من أجل أن يصبح مرضيا عنه في دمشق. صمد في وجه حافظ الأسد ودفع ثمن صموده من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه لبنانيا.

في السنة 2020، انتهت لعبة التذاكي التي وضع قواعدها حافظ الأسد والتي لم يستطع بشّار الأسد السير فيها إلى النهاية بعد سلسلة من الأخطاء المريعة التي ارتكبها منذ العام 2000 بسبب الحلف الذي أقامه مع إيران من دون أخذ في الاعتبار للنتائج التي يمكن أن تترتب على جرائم من نوع المشاركة في اغتيال رفيق الحريري، أو تغطيتها، على سبيل المثال وليس الحصر…

دخلت سوريا بعد دخول “قانون قيصر” حيّز التنفيذ مرحلة جديدة. لم يعد المطروح فيها هل يبقى النظام بمقدار من أنّ المطروح كيف ستتوزّع مناطق النفوذ فيها. كيف سيخرج الإيرانيون وأتباعهم وإلى أي حدّ ستتقدّم تركيا، وهل تصل منطقة نفوذها إلى محيط حماة، في وقت تبدو روسيا مهتمّة أكثر من أي وقت بالشريط الساحلي السوري وبدمشق ومحيطها.

تحصد سوريا للأسف الشديد ما زرعه النظام بعدما ارتضى بشّار الأسد أن يكون بحماية إيرانية وذلك منذ اليوم الأوّل الذي خلف فيه والده. إنّه ثمن باهظ يدفعه بلد كان مرشّحا أن يكون من أفضل بلدان المنطقة وأكثرها ازدهارا.

المؤسف أكثر أن المأساة السورية تنسحب على لبنان الذي لم يستطع الخروج بدوره من الوصاية الإيرانية فإذا به يصرّ على أن يتحوّل إلى بلد فقير ومفلس لا وجود فيه لقيادة سياسية تعرف شيئا لا عمّا يدور في المنطقة، بما في ذلك في الداخل السوري، ولا عمّا يدور في العالم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصير النظام ومصير سوريا مصير النظام ومصير سوريا



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

GMT 07:49 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ريتا أورا تحتفل بألبومها الثاني الذي ينتظره الجميع

GMT 15:03 2020 الإثنين ,18 أيار / مايو

فساتين خطوبة مطرزة لإطلالة إستثنائية فخمة

GMT 04:09 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء يعثرون على أصغر كوكب خارج المجموعة الشمسية

GMT 00:55 2017 الخميس ,06 إبريل / نيسان

فؤاد قرفي يكشف عن مجموعته الجديدة من الأزياء

GMT 00:26 2021 الأحد ,17 كانون الثاني / يناير

أجمل معاطف كيت ميدلتون موضة 2021 لمناسبة عيد ميلادها

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

البنك المركزي يصدر تعميم جديد يحدد سعر الصرف

GMT 08:01 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

تعرف على أسعار سيارات نيسان "بيك أب" بعد زيادة يونيو

GMT 08:09 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

يارا تظهر بإطلالة مثيرة في فستان أخضر مميز

GMT 08:53 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

"سيلفرمين" في السويد يعد من أغرب فنادق العالم

GMT 00:36 2018 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

سارة سيد تكشف عن مميزات السياحة في ألمانيا

GMT 18:21 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

أحمد فهمي يتقدم بطلب الزواج من الفنانة رانيا يوسف

GMT 15:43 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

قوات الشرطة تحبط محاولة تفجير في مدينة العريش الثلاثاء

GMT 12:17 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لعبة MOBA الجديدة Mobile Legends متوفرة الآن على الهواتف الذكية

GMT 02:49 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر ضمن أفضل 10 دول في حجم القوات البحرية

GMT 03:49 2013 الأربعاء ,06 شباط / فبراير

الشمس تقلل فرص الإصابة بالروماتويد

GMT 01:40 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مارتن لاف يكشف أبرز مزايا سيارة "إكس-ترايل" الجديدة

GMT 09:16 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

الفراعنة أول من عرفوا السلم الموسيقي

GMT 16:11 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

التليفزيون المصري يعرض المسلسل النادر "مبروك جالك ولد"

GMT 08:33 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

صور لمناطق صينية غير مأهولة بالسكان تبدو كمدينة الأشباح
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq