معركة تحرير العراق

معركة تحرير العراق

معركة تحرير العراق

 العراق اليوم -

معركة تحرير العراق

خير الله خير الله
بقلم : خير الله خير الله

الاستعمار الايراني ليس مقبولا حتّى لو جرى الباسه ثوبا مذهبيا وحتّى لو وجد له غطاء اسمه "الحشد الشعبي"، ليس طبيعيا بقاء الوضع العراقي كما هو عليه، أي ان تُحكم بغداد من طهران. في النهاية، العراق هو العراق وايران هي ايران. الاهمّ من ذلك كلّه، انّ ليس لدى ايران تجربة ناجحة تستطيع تصديرها الى دول الجوار والى ما هو ابعد من دول الجوار مثل سوريا ولبنان واليمن على سبيل المثال وليس الحصر.

اعتمدت ايران في سعيها، منذ العام 1979، الى التمدّد في كلّ الاتجاهات على ميليشياتها المذهبية. فالرابط الأساسي بين ايران والعراق حاليا يتمثّل في الميليشيات التابعة لأحزاب مذهبية عراقية توجّهها طهران بالطريقة التي تريد. هل هذا كاف كي تصبح بغداد ضاحية من ضواحي طهران؟

اثبتت هذه الميليشيات انّ لا حدود لولائها لإيران وللوليّ الفقيه عندما قاتلت الى جانب "الحرس الثوري" في الحرب العراقية – الايرانية بين 1980 و1988. كانت هذه الميليشيات رأس الحربة في الهجمات الايرانية على العراق طوال الحرب. لم تترك، لاحقا، أي مناسبة الّا واستغلتها من اجل تخريب العراق وتدمير مؤسساته. ففي العام 1991، مباشرة بعد الهزيمة التي لحقت بالقوات العراقية في الكويت، هاجمت هذه الميليشيات مناطق عراقية معيّنة، خصوصا في الجنوب. كان اوّل ما فعلته وقتذاك هو تدمير المقرات والادارات الرسمية واحراق السجلات العقارية وسجلات النفوس وذلك كي يسهل في مرحلة معينة منع التمييز بين من هو عراقي ومن هو ايراني. وهذا ما حصل بالفعل بعد السنة 2003 في مرحلة ما بعد الاحتلال الاميركي للعراق ودخول عناصر هذه الميليشيات الأراضي العراقية على دبابة أميركية.

ثمّة حاجة الى العودة بالذاكرة الى تلك المرحلة للتأكد من الأهداف الايرانية في العراق لم تتغيّر يوما. هناك سعي إيراني الى تحويل العراق الى مستعمرة إيرانية. هذا ما لا يقبل به العراقيون، بما في ذلك الشيعة. هؤلاء يؤكدون يوميا انّهم عراقيون اوّلا وانّ الاستعمار الايراني ليس مقبولا حتّى لو جرى الباسه ثوبا مذهبيا وحتّى لو وجد له غطاء اسمه "الحشد الشعبي".

يدرك الشبّان العراقيون الثائرون على النظام القائم انّ مشكلتهم الأساسية مع ايران ومع أدوات ايران في السلطة... ومع التواطؤ الاميركي – الايراني الذي أوصل العراق الى ما وصل اليه.

ليست ازمة العراق ازمة نظام لم يحسن الاميركيون بناءه فحسب، بل انّها أيضا ازمة اقتصادية واجتماعية وفكرية حولت ما كان يفترض ان يكون البلد العربي الاغنى، بكل المقاييس، الى صحراء قاحلة. لا مكان في هذه الصحراء سوى لعاطلين عن العمل وأشباه متعلّمين بعد القضاء على ما بقي من نظام تعليمي في بلد كان يمتلك بعض افضل الجامعات في المنطقة. ما الذي حصل على الأرض وادّى الى نشوء وضع أسوأ بكثير من ذلك الذي كان سائدا في عهد صدّام حسين؟

الجواب بكلّ بساطة ان العراق صار، اكثر من ايّ وقت مضى، اسير دخله النفطي. فوق ذلك كلّه، بات عليه ان يتقاسم أيضا دخله النفطي مع ايران التي تعتقد انّ عليها حلبَ العراق بكلّ الوسائل الممكنة. طفح الكيل في العراق بعدما اصبح اقتصاده اقتصادا ريعيا ولا شيء آخر وبعدما بلغ الفساد درجة لا تطاق وبعدما وجد آلاف الشباب نفسهم في الشارع. لا مكان يذهب اليه هؤلاء سوى الميليشيات المذهبية او احدى الوظائف الحكومية التي تجعل منهم مواطنين غير منتجين لا مستقبل لهم. نعم، صار العراق الغنيّ بثروته الانسانية وبالمياه والنفط اقرب الى صحراء قاحلة من ايّ شيء آخر. سيطر التصحّر على كلّ صعيد، خصوصا فكريا. لم يعد في العراق مكان لشخص عاقل يفهم في الحدّ الأدنى من السياسة والاقتصاد. فكيف اذا كان الامر متعلّقا بالفن والادب والفكر والموسيقى حيث ابدع العراقيون كما لم يبدع سوى قلة غيرهم من أبناء المنطقة؟

من هذا المنطلق، تبدو المعركة الدائرة الان بين من يريد التغيير مهما كلف الثمن وبين من يريد المحافظة على الوضع الحالي مهما كلف الثمن. معسكران راديكاليان، ولا وسيط بينهما. انّها بكل بساطة معركة كسر عظم حقيقية. انّها معركة بين الميليشيات التي تقف خلفها ايران من جهة مع شباب عراقي يقدر عدده بعشرات الآلاف من جهة أخرى. الكلام هنا عن شباب مستعد للموت من أجل قيم لم يعشها يوما. في مقدّم هذه القيم الروح الوطنية، والشعور بالانتماء الى العراق الغني ذي الاقتصاد المتنوّع. هناك بكل بساطة شباب عراقي يريد تحرير بلده الذي يعتبره محتلا من الميليشيات وايران...

تبدو المعركة التي يخوضها الشباب العراقي حاليا معركة طويلة. ستكون معركة تحرير العراق معركة قاسية نظرا الى ان ايران تدافع في العراق عن نظامها المفلس. ليست لديها سوى ثروات العراق تواجه بها العقوبات الاميركية وتلتف بها عليها. ولهذا السبب، لا بدّ من توقع مزيد من الوحشية في التعاطي مع الشباب العراقي المتظاهر الذي يخوض معركة حياة او موت. هذا الشباب يعرف جيّدا ان ما تريده ايران، على الرغم من كلّ ما تواجهه من صعوبات على الصعيد الداخلي، هو تصدير تجربتها الى العراق. اذا كان النظام الايراني محكوم من "الحرس الثوري"، فان النظام العراقي يجب ان يكون محكوما من "الحشد الشعبي" الذي تتحّكم به طهران. هذه هي المعادلة التي يريد الشباب العراقي كسرها على امل ان يعيش يوما في ظلّ دولة لا علاقة للوليّ الفقيه بها ولا كلمة فيها لاحزاب دينية شيعية تعتبر نسخة طبق الأصل عن الاخوان المسلمين في البلدان ذات الأكثرية السنّية.

المفارقة انّ ايران اعدت نفسها لمعركة العراق. لذلك، عملت، عبر حكومة عادل عبد المهدي، على التخلّص من كلّ من يمكن ان يقف موقفا تشتمّ منه روح وطنية عراقية. لا سبب آخر لإزاحة الفريق عبدالوهاب الساعدي من موقعه العسكري كنائب لقائد قوات جهاز مكافحة الإرهاب في الجيش العراقي. كان الساعدي القائد الفعلي لهذا الجهاز الذي اظهر كفاءة كبيرة، لكنه اظهر ما هو اهمّ من ذلك كلّه. اظهر ان هناك روحا وطنية عراقية. هذه الروح الوطنية هي المطلوب القضاء عليها عن طريق "الحشد الشعبي" الذي يتصدّى حاليا للشباب العراقي الذي يخوض معركة تحرير بلده.

مرّة أخرى، ان معركة تحرير العراق ستكون طويلة وهي ليست مقتصرة على تحريره من الميليشيات المذهبية بمقدار ما انّها معركة ذات طابع آخر أيضا مرتبط باقتصاد منتج وعودة الحياة العلمية والثقافية والفنية والأدبية، أي الى العراق الذي لم تستطع الانظمة التي جاءت بعد انقلاب 14 تموز/يوليو 1958 القضاء عليه كلّيا

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معركة تحرير العراق معركة تحرير العراق



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

GMT 21:09 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 17:33 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

تتحدى من يشكك فيك وتذهب بعيداً في إنجازاتك

GMT 13:45 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

أبرز صيحات موضة بدلات ملونة بستايل عصري وجديد

GMT 13:25 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

مجموعة من مجوهرات عروس فخمة من وحي أهم النجمات

GMT 01:30 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مايكروسوفت تجعل متصفح Edge أسرع وأكثر عملية

GMT 13:00 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

طريقة إعداد حلوى "تشيز كيك اللوتس" الشهية

GMT 19:38 2017 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

واتساب تعلن عن خاصية مشاركة المكان بشكل مباشر

GMT 22:26 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

الشباب يواصل تدريباته على ملعب الأمير خالد بن سلطان

GMT 19:36 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

تحذير أممي من تعرض اليمن لأكبر مجاعة يشهدها العالم

GMT 01:22 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

صيحات مميّزة للحقائب باللون الأبيض لصيف 2018

GMT 21:44 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

زياد نكد يطبع بصمة ملفتة في عالم هوت كوتور

GMT 13:51 2021 السبت ,02 كانون الثاني / يناير

توقعات ماغي فرح للأبراج في عام 2021

GMT 00:20 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 20:57 2019 الثلاثاء ,16 تموز / يوليو

"شانيل" تطلق مجموعة مجوهرات راقية جديدة

GMT 05:34 2019 السبت ,06 إبريل / نيسان

طحنون بن محمد يعزي بوفاة سيف عبيد المنصوري

GMT 16:32 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

الفحص الطبي يكشف مدة غياب دي سوزا عن الأهلي

GMT 01:24 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

"أفضل أغنية كريسماس في العالم " ألفها الذكاء الصناعي

GMT 20:21 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

بهاء سلطان يحيي حفل رأس السنة في فندق "Le Passage Cairo"

GMT 14:41 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

أحمد كمال ينفي حذف أي مواطن من بطاقات التموين

GMT 01:23 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

داكوتا جونسون أنيقة خلال حفلة مهرجان مراكش
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq