ثمن البديل الإيراني في العراق

ثمن البديل الإيراني في العراق

ثمن البديل الإيراني في العراق

 العراق اليوم -

ثمن البديل الإيراني في العراق

خير الله خير الله
بقلم - خير الله خير الله

ما الذي كشفته السنة 2018 التي بدأت تشارف على نهايتها؟ كشفت أوّلا مدى التراجع الفلسطيني الذي بدأ في العام 2001 حين حصل تطوران في غاية الأهمّية أولهما القرار بعسكرة الانتفاضة والآخر أحداث الحادي عشر من أيلول – سبتمبر التي تسمّى “غزوة واشنطن ونيويورك”. خطّط لتلك الغزوة أسامة بن لادن ونفّذتها عناصر إرهابية تنتمي إلى “القاعدة”.

كانت هناك ضحيتان عربيتان لـ”الغزوة” التي قام بها تنظيم “القاعدة” هما ياسر عرفات وصدّام حسين. لم يستوعب ياسر عرفات معنى الاستمرار في عسكرة الانتفاضة التي اندلعت أواخر العام 2000 بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر- أيلول. لم يدرك صدّام حسين أنّ العالم تغيّر كلّيا وأنّ هناك في واشنطن من يريد التخلّص منه مستغلّا “غزوة واشنطن ونيويورك”.

كان يمتلك قصورا في فهم المعادلات الإقليمية والدولية. لعلّ مغامرته المجنونة في الكويت كانت أفضل تعبير عن هذا القصور، القريب من الغباء، الذي أوصل العراق إلى أن يتحوّل مستعمرة إيرانية بعد الاحتلال الأميركي في العام 2003. من كان يتصوّر أن في بغداد شخصا مثل صدّام حسين يُقدم بعد “غزوة واشنطن ونيويورك” على التبرع بالمال لمن ينفذ عمليات انتحارية في غزّة أو الضفّة الغربية؟

الواقع، أن ذلك لم يكن مستغربا بعدما لجأ صدّام في 1990 إلى إيران طالبا منها المشاركة في الحرب على “الشيطان الأكبر” في الكويت. كان ردّ هاشمي رفسنجاني الرئيس الإيراني، وقتذاك، على الرسالة الرئاسية التي حملها له طارق عزيز وبرزان التكريتي “نحن نقف ضد الشيطان الأكبر… لكننا سنترك لكم  شرف مواجهة الشيطان الأكبر في الكويت”.

من 2001 إلى 2018، يمكن تعداد أحداث كثيرة أوصلت القضية الفلسطينية إلى ما وصلت إليه من انسداد سياسي في مرحلة شهدت صعودا لليمين الإسرائيلي وصولا إلى الحكومة الحالية لبنيامين نتانياهو التي تعتبر أكثر الحكومات تشددا وتطرفا في تاريخ الدولة العبرية. لم يعد في إسرائيل صوت ينادي بعودة خجولة إلى لغة المنطق وطرح سؤال من نوع هل يمكن القضاء على الشعب الفلسطيني في يوم من الأيّام؟ هل يمكن إزالة شعب موجود على الخريطة السياسية للشرق الأوسط بكلّ هذه السهولة؟

لا شكّ أن القيادة الفلسطينية الموجودة حاليا لعبت دورها في تراجع القضيّة، ذلك أن هذه القيادة انغلقت على نفسها أكثر فأكثر منذ وفاة ياسر عرفات في تشرين الثاني – نوفمبر 2004 في ظروف غير غامضة في أيّ شكل. أكثر من ذلك، عجزت هذه القيادة التي لا تمتلك أيّ قدرة على التعاطي مع المستجدات عن تطوير حركة “فتح”.

 على العكس من ذلك حصل إلغاء تدريجي للحركة التي كانت العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية. لا وجود لدى القيادة الفلسطينية لأيّ إدراك من أيّ نوع لأهمّية الإعلام والعلاقات الدولية والتواصل مع مراكز القوى المختلفة والمتنوّعة في واشنطن دي.سي. على العكس من ذلك، تركت العاصمة الأميركية لإسرائيل تسرح فيها وتمرح على هواها. لم يعد في واشنطن كلّها صوت  واحد له وزنه مؤيد لقضيّة محقة هي قضيّة شعب يبحث عن الحدّ الأدنى من حقوقه الوطنية.

لكن ما لا مفرّ من الاعتراف به أنّ ما لعب الدور الأكبر في التراجع الفلسطيني، في ضوء عسكرة الانتفاضة وصعود اليمين الإسرائيلي والدور الذي لعبته “حماس” في خدمة السياسة الإسرائيلية، هو ما حصل في العراق.

بعد الاحتلال الأميركي للعراق وتقديمه على صحن من الفضّة إلى إيران، اختلّ التوازن الإقليمي. استطاعت إيران وضع يدها على العراق بعد تحقيقها اختراقا في العمق في سوريا وفي لبنان حيث اغتيل رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط – فبراير 2005. لم يعد سرّا من اغتال رفيق الحريري وكيف استطاعت إيران عبر “حزب الله” ملء الفراغ الذي خلفه انسحاب سوريا عسكريا وأمنيا من الأراضي اللبنانية.

في الأيام الأخيرة من العام 2018، يبدو مفيدا استعادة شريط الأحداث. ما يمكن استخلاصه من هذا الشريط أنّ الاحتلال الأميركي للعراق في العام 2003 يظلّ الحدث الأهمّ والأبرز على الصعيد الإقليمي منذ مطلع القرن. كان رجل حكيم وبعيد النظر مثل الملك عبدالله الثاني على حقّ عندما حذر، من دون نتيجة، الرئيس الأميركي جورج بوش الابن في آب – أغسطس 2002 من عواقب الاحتلال الأميركي للعراق. كذلك، كان العاهل الأردني شديد الدقّة عندما تحدث في مطلع تشرين الأوّل – أكتوبر 2004 إلى صحيفة “واشنطن بوست” عن “الهلال الشيعي” وكان يقصد بذلك الهلال الفارسي الممتد من طهران إلى بيروت عبر بغداد ودمشق. كان ذلك قبل اغتيال رفيق الحريري الذي نكتشف مع مرور الوقت الأسباب الحقيقية التي أدّت إلى تفجير موكبه. كان الهدف إيصال لبنان إلى ما وصل إليه اليوم… وهذا ما حصل بالفعل.

بدأ تراجع القضيّة الفلسطينية من بغداد. هذا لا يعني تجاهل الأخطاء التي ارتكبها الفلسطينيون أنفسهم قبل الاحتلال الأميركي للعراق وبعده، وهي أخطاء كان مفترضا بهم تفاديها. هل هذا يعني أن الأمل بات مفقودا في تسوية عادلة تقوم على قيام دولة فلسطينية مستقلّة؟ يبدو أن هذا الحلم صار أقرب إلى سراب في ظل موازين القوى السائدة في المنطقة، وهي موازين لن تتبدّل في غياب تغيير كبير وجذري في العراق يؤدي إلى رفع اليد الإيرانية عن هذا البلد الذي كان في الماضي عربيا. هل هذا احتمال وارد في ظل حال التخبط التي تعاني منها الإدارة الأميركية الحالية؟

من الصعب توقّع أي تبدل في موازين القوى في غياب رفع اليد الإيرانية عن العراق. ما دامت هذه اليد الإيرانية الثقيلة تمسك بالقرار العراقي، لا مجال لأيّ بحث حقيقي في جعل المجتمع الدولي يهتمّ مجددا بالقضية الفلسطينية. هذا ما يفترض في الفلسطينيين استيعابه. عندما يتعلّق الأمر بمشروع توسّعي إيراني يرتكز على إثارة الغرائز المذهبية، سيكون عليهم الانتظار طويلا لذلك اليوم الذي يعود فيه الرئيس الأميركي إلى غزّة ليلقي خطابا أمام المجلس التشريعي الفلسطيني ولافتتاح مطار في القطاع… كما فعل بيل كلينتون في 1998.

لا تبدو عودة بغداد قريبة ولا تبدو عودة القضيّة الفلسطينية إلى الواجهة قريبة. في السنة 2018 تأكّد مدى الضرر الذي تسببت به إدارة جورج بوش الابن الذي أصرّ على احتلال العراق وإسقاط النظام فيه بحجة أن “الله أمره بذلك”.

كان منطقيا أن تعمل الإدارة الأميركية، أي إدارة أميركية، على تغيير النظام في بغداد. ما ليس منطقيا أن تقدم على هذه الخطوة فيما أيّ سياسي هاو يعرف في العمق أن المطلوب إيجاد بديل عراقي من النظام وليس بديلا إيرانيا. ما فعلته إدارة بوش الابن واستكملته إدارة باراك أوباما هو التمهيد للبديل الإيراني في العراق. تدفع المنطقة كلّها وليس الشعب الفلسطيني وحده ثمن البديل الإيراني في العراق.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثمن البديل الإيراني في العراق ثمن البديل الإيراني في العراق



GMT 13:45 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلام والدولة.. الصحافة الورقية تعاني فهل مِن منقذ؟!

GMT 12:41 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

نحن وفنزويلا

GMT 12:39 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

رحلة لمعرض الثقافة

GMT 12:37 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

ذكرى 25 يناير

GMT 12:35 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

فى الصراع الأمريكى - الإيرانى: حزب الله فى فنزويلا!

GMT 07:49 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ريتا أورا تحتفل بألبومها الثاني الذي ينتظره الجميع

GMT 15:03 2020 الإثنين ,18 أيار / مايو

فساتين خطوبة مطرزة لإطلالة إستثنائية فخمة

GMT 04:09 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء يعثرون على أصغر كوكب خارج المجموعة الشمسية

GMT 00:55 2017 الخميس ,06 إبريل / نيسان

فؤاد قرفي يكشف عن مجموعته الجديدة من الأزياء

GMT 00:26 2021 الأحد ,17 كانون الثاني / يناير

أجمل معاطف كيت ميدلتون موضة 2021 لمناسبة عيد ميلادها

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

البنك المركزي يصدر تعميم جديد يحدد سعر الصرف

GMT 08:01 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

تعرف على أسعار سيارات نيسان "بيك أب" بعد زيادة يونيو

GMT 08:09 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

يارا تظهر بإطلالة مثيرة في فستان أخضر مميز

GMT 08:53 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

"سيلفرمين" في السويد يعد من أغرب فنادق العالم

GMT 00:36 2018 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

سارة سيد تكشف عن مميزات السياحة في ألمانيا

GMT 18:21 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

أحمد فهمي يتقدم بطلب الزواج من الفنانة رانيا يوسف

GMT 15:43 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

قوات الشرطة تحبط محاولة تفجير في مدينة العريش الثلاثاء

GMT 12:17 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لعبة MOBA الجديدة Mobile Legends متوفرة الآن على الهواتف الذكية

GMT 02:49 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر ضمن أفضل 10 دول في حجم القوات البحرية
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq