عندما تغطيحماس النظام السوري

عندما تغطي"حماس" النظام السوري

عندما تغطي"حماس" النظام السوري

 العراق اليوم -

عندما تغطيحماس النظام السوري

بقلم - خير الله خير الله

أين مشكلة إسرائيل عندما تدعم "حماس" نظاما في سوريا كرس كل جهوده لمنع أي تسوية معقولة ومقبولة في فلسطين، وأخذ على عاتقه زج الفلسطينيين في حروب داخلية تجعل منهم باحثين عن أماكن لجوء جديدة.

لم يكن ينقص رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنيّة سوى الطلب من أهالي مخيم اليرموك الاعتذار من النظام السوري بحجة أنّهم كانوا هم السبب في تدمير مخيّمهم.

يقع مخيّم اليرموك قرب دمشق وهو قام في العام 1957 على خلاف المخيمات الأخرى في سوريا ولبنان التي قامت مباشرة بعد نكبة 1948. مع الوقت، صار اليرموك أكبر تجمع للفلسطينيين في سوريا. ذهب فلسطينيو المخيّم الذي دمّر عن بكرة أبيه وعددهم عشرات الآلاف ضحية الحرب التي يشنّها النظام السوري على مواطنيه.

من سوء طالع أهل المخيّم أنّ سكانه ليسوا كلهم فلسطينيين. مع مرور السنين وانتشار الفقر في الجمهورية العربية السورية، جاء مواطنون فقراء وأقاموا في المخيّم وجواره. كان طبيعيا أن ينضمّ سوريون يبحثون عن بعض من كرامة إلى الثورة على النظام التي انطلقت في آذار – مارس من العام 2011. ما لم يكن طبيعيا أن يدخل تنظيم “داعش” المخيّم وينتشر فيه.

هل يدري السيد هنيّة الذي يقيم في غزّة ولا يعرف شيئا عمّا يدور في العالم أن “داعش” هو من ارتكابات النظام السوري، وأن دخوله مخيّم اليرموك يندرج في سياق سياسة اتبعها النظام منذ قيامه في العام 1970 وحتّى قبل ذلك، عندما كان حافظ الأسد لا يزال وزيرا للدفاع؟ تقوم هذه السياسة على المتاجرة بالفلسطينيين، خصوصا بأبناء المخيمات، فضلا عن استخدامهم في كل ما من شأنه استمرار حال اللاحرب واللاسلم في المنطقة. هذه الحال هي أفضل خدمة يستطيع النظام السوري تقديمها إلى إسرائيل، بل هي مبرّر وجوده.

يبدو أن رئيس المكتب السياسي لـ“حماس” من نوع الذين لا يستحون. لو لم يكن الأمر كذلك، ما هو تفسير قوله عن أن ما نسب إليه من كلام عن دعم الثورة السورية “غير صحيح”، مضيفا “أن النظام السوري وقف إلى جانب حماس في محطات مهمّة”. لم يحدّد هنيّة ما هي هذه المحطات المهمّة التي وقف فيها النظام السوري إلى جانب “حماس”، باستثناء أنّه شجع الحركة على تنفيذ عمليات انتحارية كي لا تقوم لعملية السلام قيامة في يوم من الأيّام وكي يتمكن أرييل شارون ثم بنيامين نتانياهو من القول إن “لا شريك فلسطينيا يمكن التفاوض معه”.

لدى “حماس”، كما لدى أي تنظيم ينتمي إلى الإخوان المسلمين، شبق ليس بعده شبق إلى السلطة. لذلك، لم يجد رئيس المكتب السياسي للحركة عيبا في الجمع بين التناقضات واللعب عليها متجاهلا أن قطاع غزّة في أزمة حقيقية لا تسمح بممارسة لعبة الضحك على الناس. على سبيل المثال وليس الحصر، قال هنية إنّه “في الوقت الذي تتجه حماس إلى علاقات قويّة مع مصر، تحافظ على علاقات قوية مع قطر وإيران”. رأى أن “إيران دولة محورية مهمة في المنطقة وعلاقة حماس معها تكتسب بعدا استراتيجيا”، مضيفا أن إيران “قدمت الكثير لمصلحة الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة”.

ذهب رئيس المكتب السياسي لـ“حماس” إلى أبعد من ذلك إذ أكد أن الحركة “تتقاطع مع طهران في كلّ ما يتعلّق بالشأن الفلسطيني في الرؤية والوجهة”، وأن “العلاقة مع إيران اليوم في مرحلة مميّزة ومتقدّمة”.

عندما يتحدّث إسماعيل هنيّة بهذه الطريقة عن النظام السوري وإيران، لا يعود مستغربا ما حلّ بمخيّم اليرموك والفلسطينيين المقيمين فيه الذين صاروا مشرّدين مرّة أخرى. من لا يهمّه ما يحل بالفلسطينيين المقيمين في قطاع غزّة نفسه، لن يرفّ له جفن عندما يدمّر النظام السوري مخيّما بكامله على القاطنين فيه، بحجة أنّه يحارب “داعش” الذي هو من صنع هذا النظام نفسه.

هناك ممارسات لا مسؤولة تنمّ عن رغبة واضحة في اعتبار الشعب الفلسطيني مجرّد سلعة. أمس كان على “حماس” أن تختار بين قطر والنظام السوري. اختارت قطر. اليوم لم تعد في حاجة إلى أي خيار في هذا الشأن بعدما بدا أن قطر لم تعد معادية للنظام السوري. المهمّ بالنسبة إلى “حماس” الحصول على مساعدات ودعم ولا شيء آخر غير ذلك. كلّ الأمور تهون أمام الحصول على مساعدات توظّف في إبقاء الإمارة الإسلامية التي أنشأتها “حماس” في غزّة حيّة ترزق.

 كلّ شيء يهون من أجل البقاء في السلطة، بما في ذلك توفير غطاء فلسطيني للنظام السوري الذي ورّط في الماضي الفلسطينيين في حرب لبنان عن سابق تصوّر وتصميم. هل تعرف “حماس” أنّها تغطي نظاما يستكمل في العام 2018، أي في الذكرى السبعين للنكبة، مهمّة إسرائيل التي قامت أصلا على تشريد الفلسطينيين وإبعادهم إلى خارج فلسطين.

من الصعب أن تعي “حماس” خطورة توفير غطاء لعملية تشريد أخرى للفلسطينيين يتولاها النظام السوري. ما هو أصعب من ذلك أن تعي ما هي المهمّة التي وجد النظام السوري الحالي من أجلها. تعتقد “حماس” أن موقف مصر من النظام السوري يسمح لها بالقيام بأعمال بهلوانية. نعم، هناك نوع من التفاهم بين النظام السوري والقاهرة. في أساس هذا التفاهم الموقف المصري من الإخوان المسلمين. ولكن إلى أي مدى يمكن لـ”حماس” أن تجمع بين تطوير العلاقات مع مصر من جهة، وكلّ من إيران وقطر من جهة أخرى؟

الثابت في ظلّ كلّ ما يحصل أن الضحية الأولى للنهج الذي تسير فيه “حماس” هو الشعب الفلسطيني. لا يمكن تجاهل أنّ “حماس” نفذت انقلابها في غزّة في مثل هذه الأيام قبل أحد عشر عاما. يتمثل كلّ ما فعلته “حماس” منذ ذلك التاريخ في جلب البؤس والفقر إلى غزّة. نشرت فوضى السلاح تمهيدا لانقلابها، ثم راحت تطلق صواريخ في اتجاه إسرائيل كي تبرّر لها حصارها للقطاع. تمثلت نتيجة كلّ ما حصل في تكريس لحال الانقسام الفلسطينية. هناك هوة بين الضفّة والقطاع، في ظلّ سلطة وطنية مقيمة في رام الله باتت مهمتها محصورة في التنسيق الأمني مع إسرائيل.

لدى استعراض إنجازات “حماس” في أحد عشر عاما، لا يمكن إلا إضافة إنجاز جديد لما حققته. يُختزل هذا الإنجاز بالقدرة على الجمع، أقلّه نظريا، بين مصر من جهة، وقطر وإيران من جهة أخرى، مع الوقوف إلى جانب النظام السوري في حربه على شعبه وعلى الفلسطينيين المقيمين في سوريا.

عندما يلعب تنظيم فلسطيني اسمه “حماس” مثل هذا الدور لا يعود مجال للتساؤل لماذا تبدو إسرائيل في هذه الأيام مرتاحة كلّ هذا الارتياح. أين مشكلة إسرائيل عندما تدعم “حماس” نظاما في سوريا كرّس كلّ جهوده منذ ما يزيد على نصف قرن لمنع أي تسوية معقولة ومقبولة في فلسطين، وأخذ في الوقت ذاته على عاتقه زجّ الفلسطينيين في حروب داخلية تجعل منهم باحثين عن أماكن لجوء جديدة. إنّها أماكن لجوء أكثر بؤسا من المخيمات التي استضافتهم في السنوات التي تلت النكبة. من قال إن المخيمات ترمز إلى ذروة البؤس الذي بلغه الفلسطينيون؟

المصدر :جريدة العرب

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما تغطيحماس النظام السوري عندما تغطيحماس النظام السوري



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

GMT 13:41 2019 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 21:01 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 19:38 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

تجنب اتخاذ القرارات المصيرية أو الحاسمة

GMT 18:00 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

نانسي الزعبلاوي تحضر لأغنية جديدة مع "ميوزك تون "

GMT 09:59 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

التحالف الدولي يقصف جسرًا للجيش السوري في ريف دير الزور

GMT 14:28 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

السريحي يخوض تجربة احترافية في الدوري الفرنسي

GMT 12:03 2013 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

"سوني" تطرح حاسب "فايو ديو 13" المحمول في الإمارات

GMT 16:48 2018 الثلاثاء ,20 آذار/ مارس

فيديو كليب True Love لمسرحية Frozen على مسرح برودواى

GMT 03:19 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

دانا حمدان سعيدة بنجاح "الطوفان" وشخصيتها بالعمل

GMT 23:57 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على كيفية العناية بالشعر المجعد والطرق المناسبة

GMT 11:43 2016 السبت ,18 حزيران / يونيو

اكتشفي كيفية اختبار الحمل في البيت

GMT 04:19 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

الكشف عن تفاصيل مقتل الراقصة التركية "ديدم"

GMT 02:43 2018 الأحد ,09 كانون الأول / ديسمبر

الإعلامية المصرية سميرة الدغيدي تُعلن عن بيع قناتها" LTC"

GMT 19:19 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أسعار ومواصفات "هيونداي إلنترا 2019" المتاحة في مصر

GMT 01:12 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم "السر 21" يجمع المخرج خالد يوسف والمُنتج كريم السبكي

GMT 01:42 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"تحريم" اللقاح يهدد بتفشي الحصبة في إندونيسيا
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq