متى تنتهي مهمّة النظام السوري

متى تنتهي مهمّة النظام السوري

متى تنتهي مهمّة النظام السوري

 العراق اليوم -

متى تنتهي مهمّة النظام السوري

بقلم - خير الله خير الله

لم تنته مهمة النظام السوري بعد. لن تنتهي هذه المهمة إلا في اليوم الذي تتم فيه عملية تقاسم النفوذ بين الموجودين حاليا على الأرض. من يبقى من يرحل من هؤلاء؟

يكشف شريط قصير انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي الكثير. يكشف أوّلا طبيعة النظام السوري ونظرته إلى مواطنيه. الشريط المعني هو لأزلام النظام السوري ينهبون ما بقي من بلدة حرستا المدمّرة القريبة من دمشق ويوضح ما هو مفهوم بشار الأسد للانتصار. المهمّ الانتصار على الشعب السوري وتهجيره من أرضه. كلّ ما تبقى تفاصيل وكلام كبير عن “التكفير” و“التكفيريين” يصبّ في عملية تطهير ذات طابع مذهبي تمارس في كلّ الأرض السورية. تُمارس على الأصح، في كلّ أرض يستطيع النظام الوصول إليها تحت غطاء من سلاح الجو الروسي وبدعم من الميليشيات المذهبية التابعة لإيران.

يتكلم في سياق الشريط أحد الضباط التابعين للنظام داعيا “الشبيحة” إلى نهب كل ما في المنازل المدمرة ويشجّع على ذلك كواجب وطني. قال بالحرف الواحد “بإذن الله لن يبقى شيء” في حرستا. يظهر في الشريط مسلحون يُخرجون من خراب حرستا كل ما تقع عليه يدهم من بقايا أثاث وأجهزة كهربائية عائدة إلى عائلات فقيرة. المشهد محزن بالفعل ومؤلم، لكنه مشهد أكثر من طبيعي لمن يعرف، ولو القليل، عن ممارسات النظام السوري حين كان في لبنان.

أتذكر صورا التقطها مصورو “النهار” في العام 1982 لانسحاب القوات السورية من بيروت ومحيطها بعد تقدم الإسرائيليين تجاه العاصمة اللبنانية وبلوغهم مناطق بعيدة عنها مثل مدينة جبيل الساحلية. كانت الصور لقوافل الجيش السوري المنسحبة من بيروت ومحيطها.

تظهر تلك الصور، التي كانت موجودة لدى “النهار” والتي اختفت لاحقا، دبابات سورية ترفع الأعلام البيض في طريقها من بيروت إلى دمشق (عند ما يسمى كوع عاريا تحديدا). كانت بين هذه الدبابات شاحنات تنقل الأثاث والآلات الكهربائية، وحتّى الأبواب، التي نهبت من بيوت لبنانية. قال لي صديق سوري وقتذاك تحدثت معه طويلا عن بطولات بعض الوحدات السورية التي قاتلت الإسرائيليين، خصوصا في سهل البقاع اللبناني، إن النظام قضى على الروح القتالية لدى الجيش. ما رأيته في السلطان يعقوب، حيث خاضت قوات سورية مدرّعة مواجهة مشرّفة مع الإسرائيليين شيء، وما يرتكبه هذا الجيش والمجموعات التابعة له شيء آخر. خلص إلى القول: لماذا تريد من النظام السوري أن يتصرّف مع اللبنانيين بطريقة أفضل من تلك التي يتصرّف بها مع المواطنين السوريين أنفسهم؟

أصرّ الصديق السوري على أنّ ما حصل في السلطان يعقوب، في سهل البقاع، خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان، استثناء وأن القاعدة هي القوافل المنسحبة من بيروت ومحيطها مع الآلات الكهربائية وقطع الأثاث والآلات الكهربائية المسروقة من بيوت لبنانية. عادت القوات السورية إلى بيروت بعد انسحابها منها في 1982 وذلك بعد افتعال اشتباكات داخل العاصمة اللبنانية وبعد مساومات لم يكن الجانب الأميركي بعيدا عنها في السنوات1985 و1986 و1987. في تلك المرحلة، كانت عصابات تابعة لإيران تخطف أجانب في العاصمة اللبنانية بحجة أنّ المطلوب ممارسة ضغوط على القوى التي كانت طهران تتهمّها بالانحياز إلى العراق في الحرب الدائرة بين البلدين. كان التركيز على الأميركيين والفرنسيين بشكل خاص.

منذ سبعينات القرن الماضي، أو على الأصحّ منذ وصول حافظ الأسد إلى الاستحواذ على كل السلطة في خريف العام 1970، لم يتغيّر شيء في سوريا. كان مطلوبا في كل وقت الانتصار على الشعب السوري لا أكثر.

لا تبني هذه العقلية القائمة على الابتزاز دولا حديثة. ما نشهده اليوم في سوريا هو نتيجة منطقية لسنوات طويلة من ممارسة سياسة الابتزاز التي نجحت في توفير غطاء إقليمي ودولي للجيش السوري كي يدخل إلى لبنان في العام 1976 بحجة وضع اليد على المسلحين الفلسطينيين، وكي يعود مجددا إلى بيروت في 1986 و1987 بحجة إعادة الأمن إليها ووقف عملية خطف الأجانب. إنها العقلية نفسها التي تقوم على المتاجرة بـ“داعش”. يلعب النظام السوري ومعه الإيراني دورا في قيام “داعش”، ثمّ يهجم على الشعب السوري مستخدما السلاح الكيميائي والبراميل المتفجرة بحجة أنه يقاتل الإرهاب وشريك في الحرب عليه.

هناك بكل بساطة أنظمة تبني وأنظمة تهدم. لا يستطيع مثل هذا النوع من الأنظمة الرهان على البناء لأنّ همه الأوّل تحويل البلد إلى مزرعة للطائفة أوّلا، كما كانت عليه الحال في أيام حافـظ الأسد، ثم للعـائلة. وهذا ما صارت عليه الحال في عهد بشّار الأسد.

عاجلا أم آجلا ستكون هناك نهاية رسمية للعبة النظام السوري. هذه لعبة استمرّت أكثر بكثير مما يجب. لم تعد من مهمة أمام بشّار الأسد سوى تأمين الانتهاء من سوريا. يتبين في كل يوم أن النظام لن يعلن خروجه نهائيا من دمشق قبل التأكد من أنه لم يعد هناك حجر على حجر في سوريا. إما “سوريا الأسد” أو لا سوريا على الإطلاق. هذا كل ما في الأمر. هذا نظام سلّم الجولان إلى إسرائيل ورفض استعادة الهضبة المحتلّة لأنه لا يريد البحث عن السلام في المنطقة.

 هذا نظام أبقى جبهة جنوب لبنان مفتوحة كي يظلّ الإيراني يعمل انطلاقا من لبنان وكي يزرع فيه الفتنة المذهبية السنّية – الشيعية وتستكمل عملية تهجير المسيحيين من البلد في الوقت ذاته. كان أسوأ خبر تبلّغه حافظ الأسد هو الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في أيار – مايو من السنة 2000. كان لا بدّ من إيجاد عذر كي لا يتخلّى “حزب الله” عن سلاحه الإيراني وكي يبقى هذا السلاح موجها إلى صدور اللبنانيين.

لذلك افتُعلت قضية مزارع شبعا. لا يزال بشّار الأسد الذي خلف والده بعد أسابيع قليلة من الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان ممتنا إلى اليوم للشخص الذي افتعل قضية مزارع شبعا. لا همّ للنظام السوري سوى الهدم والتدمير. كان مستعدا لتغطية جريمة اغتيال رفيق الحريري في 2005 لأنه يعرف أن هذه الجريمة ستعود بالويلات على لبنان. وكلمة تغطية هنا هي تخفيف لحقيقة الدور الحقيقي للنظام السوري الحاقد على كلّ من يبني، في عملية التخلص من الرجل الذي أعاد الأمل إلى لبنان، ولو لسنوات قصيرة.

حصد النظام السوري ما زرعه طوال نصف قرن وأكثر. زرع الابتزاز وحصد الدمار. ثمن ما فعله تدمير كامل لسوريا ونصف قضاء على لبنان الذي اختلّ فيه التوازن على كل صعيد منذ صار فيه السلاح غير الشرعي، الفلسطيني والميليشيوي اللبناني، ثم الإيراني بعد 1982، يتحكّم بمفاصل الدولة اللبنانية ومعظم مؤسساتها.

لم تنته مهمّة النظام السوري بعد. لن تنتهي هذه المهمة إلا في اليوم الذي تتمّ فيه عملية تقاسم النفوذ والحصص بين الموجودين حاليا على الأرض. من يبقى من يرحل من هؤلاء؟ لا يزال السؤال موضع أخذ وردّ. الثابت الوحيد ألف سلام وسلام على الجولان المحتل.

المصدر :جريدة العرب

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى تنتهي مهمّة النظام السوري متى تنتهي مهمّة النظام السوري



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

GMT 13:41 2019 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 21:01 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 19:38 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

تجنب اتخاذ القرارات المصيرية أو الحاسمة

GMT 18:00 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

نانسي الزعبلاوي تحضر لأغنية جديدة مع "ميوزك تون "

GMT 09:59 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

التحالف الدولي يقصف جسرًا للجيش السوري في ريف دير الزور

GMT 14:28 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

السريحي يخوض تجربة احترافية في الدوري الفرنسي

GMT 12:03 2013 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

"سوني" تطرح حاسب "فايو ديو 13" المحمول في الإمارات

GMT 16:48 2018 الثلاثاء ,20 آذار/ مارس

فيديو كليب True Love لمسرحية Frozen على مسرح برودواى

GMT 03:19 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

دانا حمدان سعيدة بنجاح "الطوفان" وشخصيتها بالعمل

GMT 23:57 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على كيفية العناية بالشعر المجعد والطرق المناسبة

GMT 11:43 2016 السبت ,18 حزيران / يونيو

اكتشفي كيفية اختبار الحمل في البيت

GMT 04:19 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

الكشف عن تفاصيل مقتل الراقصة التركية "ديدم"

GMT 02:43 2018 الأحد ,09 كانون الأول / ديسمبر

الإعلامية المصرية سميرة الدغيدي تُعلن عن بيع قناتها" LTC"

GMT 19:19 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أسعار ومواصفات "هيونداي إلنترا 2019" المتاحة في مصر

GMT 01:12 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم "السر 21" يجمع المخرج خالد يوسف والمُنتج كريم السبكي

GMT 01:42 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"تحريم" اللقاح يهدد بتفشي الحصبة في إندونيسيا
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq