خياران إيرانيان… أحلاهما مرّ

خياران إيرانيان… أحلاهما مرّ

خياران إيرانيان… أحلاهما مرّ

 العراق اليوم -

خياران إيرانيان… أحلاهما مرّ

بقلم : خير الله خير الله

ما كان مفترضا طرحه في موازاة الملف النووي الإيراني صار مطروحا الآن. ما الهدف من الصواريخ الباليستية الإيرانية؟ ماذا تفعل إيران في لبنان غير تدمير مؤسسات الدولة… أو ما بقي منها؟ ماذا تفعل إيران في العراق؟
الأحد 2018/04/29

"نِعم" الاتفاق النووي لن تدوم طويلا
يمكن تلخيص نتيجة زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لواشنطن بفكرة بسيطة. تواجه إيران خيارين أحلاهما مرّ. هناك خيار الرئيس دونالد ترامب، القاضي بإلغاء الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني الذي أمكن التوصّل إليه صيف العام 2015 بدفع من الرئيس باراك أوباما وغطاء من إدارته. لم يقرّر ترامب بعد ما الذي سيفعله، لكنّ ميله الشخصي إلى إلغاء الاتفاق.

هناك أيضا خيار ماكرون والأوروبيين عموما والقاضي بإيجاد ملحق للاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني. يعتبر مثل هذا الملحق سدّا للثغرات التي سمحت لإيران باستغلال المفاوضات في شأن ملفّها النووي من أجل تحقيق مكاسب على الصعيد الإقليمي في خدمة مشروع توسّعي لا هدف له سوى تحقيق اختراقات في الداخل العربي وصولا إلى اليمن.

لم يكن الملفّ النووي الإيراني أولوية لدول الإقليم في أيّ يوم من الأيّام. وحدها إسرائيل أرادت استغلال الملفّ للقول إنّها دولة مهدّدة وإنّها ضحية تهديدات يومية تطلقها طهران.

في الواقع، ساعد الملفّ النووي الإيراني إسرائيل في ابتزاز الإدارة الأميركية من جهة وإيجاد غطاء لإرهاب الدولة الذي تمارسه والمتمثل في استمرار احتلالها للأرض الفلسطينية، بما في ذلك القدس الشرقية من جهة أخرى.

على الصعيد الدولي، كانت إدارة باراك أوباما الطرف الوحيد الذي أخذ الملفّ النووي الإيراني على محمل الجدّ. اختزل أوباما، الذي ربط بين أهل السنّة والإرهاب، كلّ مشاكل المنطقة وأزماتها بالملفّ النووي الإيراني. تغاضى عن كلّ التصرّفات الإيرانية، بما في ذلك الدخول كطرف مباشر في الحرب على الشعب السوري. فعل كلّ ذلك، مستبيحا دم السوريين، من أجل تفادي أي حاجز يمكن أن يؤخر الوصول إلى اتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني.

كان أوباما يمتلك أيديولوجيا خاصة به تقوم على أن إيران دولة ديمقراطية متجاهلا كلّ الجرائم التي يرتكبها النظام في حقّ الإيرانيين. كان مطلوبا من الرئيس الأميركي السابق توفير كلّ ما من شأنه استرضاء النظام الإيراني وذلك كي يضمن استمرار المفاوضات الهادفة للوصول إلى اتفاق في شأن الملفّ النووي ونجاحها. وهذا ما تحقق في صيف العام 2015.

كان الاتفاق بين إيران ومجموعة الخمسة زائدا واحدا، أي الدول التي تمتلك عضوية دائمة في مجلس الأمن زائد ألمانيا. لكنّه كان عمليا اتفاقا بين الولايات المتحدة وإيران. جاء الاتفاق نتيجة مفاوضات سرّية بين الجانبين بدأت باكرا في سلطنة عمان وانتقلت إلى عواصم أوروبية.

وضعت هذه المفاوضات الأسس لما يمكن عليه الاتفاق. تلت ذلك سلسلة اجتماعات علنية بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي أظهر قدرة عالية على تسويق الأوهام لدى كيري نفسه.

لم يكن جون كيري سياسيا ساذجا انطلت عليه ألاعيب ظريف وخزعبلاته فحسب، بل كان يعرف أيضا أن أوباما محاط في البيت الأبيض بمجموعة من المستشارين الإيرانيي الهوى. من بين هؤلاء كانت فاليري جاريت المولودة في إيران والتي كانت من أقرب الناس إلى أوباما وزوجته.

في السنة 2018، بات على إيران أن تختار بين ما إذا كانت دولة طبيعية أم لا. لم يعد الموضوع موضوع الملفّ النووي الذي استخدمته طويلا من أجل تحقيق مكاسب في واشنطن وخدمة إسرائيل في الوقت ذاته

ما تغيّر في عهد دونالد ترامب أن الإدارة الأميركية بدأت تعي أبعاد الخطر الذي يشكله المشروع التوسّعي الإيراني. هناك موقف واضح للرئيس الأميركي من الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني الذي يصفه ترامب بأنّه “أسوأ الاتفاقات” التي عقدتها الولايات المتّحدة.

لكنّ المهمّ في الأمر أن الإدارة الأميركية بدأت تتحدث عن السلوك الإيراني بشكل عام وعن تاريخ العلاقات بين واشنطن وطهران منذ حصول الثورة الشعبية التي أطاحت بالشاه في العام 1979. استعادت الإدارة الأميركية كلّ الأحداث التي توالت منذ أقام آية الله الخميني “الجمهورية الإسلامية” بدءا باحتجاز الدبلوماسيين في السفارة الأميركية في طهران في تشرين الثاني – نوفمبر 1979  لمدّة 444 يوما.

استعادت أيضا تفجير مقرّ المارينز قرب مطار بيروت في الثالث والعشرين من تشرين الأوّل – أكتوبر 1983. كذلك، استعادت خطف مواطنين أميركيين وغربيين في لبنان واحتجازهم فترات طويلة.

ليست الإدارة الأميركية التي استفاقت. استفاقت فرنسا وبريطانيا وحتّى ألمانيا التي لم تخف يوما انحيازها لإيران ورغبتها في تغليب مصالحها التجارية على أيّ اعتبارات أخرى.

كانت الاستفاقتان الأميركية والأوروبية وراء قيام وضع جديد. لم يعد مطروحا مصير الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني. المطروح ما العمل بالصواريخ الباليستية الإيرانية التي صار الحوثيون يطلقونها من الأراضي اليمنية في اتجاه المملكة العربية السعودية. فوق ذلك كلّه، ما العمل بالميليشيات المذهبية الإيرانية المنتشرة في كلّ المنطقة والتي تعتبر الوجه الشيعي لتنظيم “داعش” السنّي؟

هناك مشكلة حقيقية اسمها السلوك الإيراني. هل مسموح لإيران إقامة وجود دائم في سوريا، بعد الوجود الذي أقامته في لبنان في ظلّ علاقة غير محدّدة المعالم بين طهران وموسكو؟

في السنة 2018، بات على إيران أن تختار بين ما إذا كانت دولة طبيعية أم لا. لم يعد الموضوع موضوع الملفّ النووي الذي استخدمته طويلا من أجل تحقيق مكاسب في واشنطن وخدمة إسرائيل في الوقت ذاته. بفضل الملفّ النووي الإيراني والتصريحات التي يطلقها المسؤولون الإيرانيون بين حين وآخر، استطاعت إسرائيل تمرير أشياء كثيرة وصولا إلى مرحلة بات فيها اعتراف الرئيس ترامب بالقدس عاصمة لها أمرا أكثر من عادي.

ما كان مفترضا طرحه في موازاة الملفّ النووي الإيراني صار مطروحا الآن. ما الهدف من الصواريخ الباليستية الإيرانية؟ ماذا تفعل إيران في لبنان غير تدمير مؤسسات الدولة… أو ما بقي منها؟ ماذا تفعل إيران في العراق الذي تعرّض لعمليات تطهير ذات طابع مذهبي؟ ترافقت عمليات التطهير هذه مع تدمير ممنهج للمدن العراقية آخرها الموصل.

باتت إيران تقف أمام خيارين، خصوصا أنّ المطروح هل العالم مستعدّ للاعتراف بها قوّة إقليمية مهيمنة لديها طموحاتها في الخليج والشرق الأوسط بعد حدثين في غاية الأهمّية هما الاحتلال الأميركي للعراق في 2003 وملء الفراغ الأمني الذي خلفه الانسحاب العسكري السوري من لبنان.

نعم، هناك خياران أحلاهما مرّ أمام إيران. لكن أمام إيران خيار ثالث أيضا هو الخيار المستحيل. أي أن تكون إيران دولة طبيعية. لكنّ من الصعب على نظام إيراني يقتات من تصدير أزماته إلى خارج البلد ورهانه الأوّل والأخير على إثارة الغرائز المذهبية أن يعيش في ظروف طبيعية. سيتوجب عليه عندئذ الانصراف إلى معالجة الوضع الداخلي والاستجابة لمطالب الإيرانيين الذين يعيشون في معظمهم تحت خطّ الفقر. هذا من رابع المستحيلات… هذا ما يمكن أن يؤدي إلى انفجار كبير في المنطقة في ضوء الوضع الذي وجد النظام الإيراني نفسه فيه.

المصدر : جريدة العرب 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خياران إيرانيان… أحلاهما مرّ خياران إيرانيان… أحلاهما مرّ



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

GMT 06:59 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

"الدانتيل" لديكور مذهل في حفل زفافك

GMT 00:21 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

مروان حامد مخرج أول أفلام سلسلة "رجل المستحيل"

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

كم يوم عمل تحتاجه لشراء هاتف أيفون X ؟

GMT 22:44 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العكايشي يقود الاتحاد إلى التعادل في مباراة الفيصلي

GMT 17:22 2013 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

مقتل وإصابة 30 شخصًا في انفجار عبوة ناسفة بمحافظة ديالي

GMT 22:18 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مشاركة عربية قياسية في نهائيات أمم أفريقيا 2019

GMT 07:10 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

نقوش الحيوانات أحدث إطلالة لمواكبة موضة خريف 2018

GMT 16:29 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

كريم هنداوي أفضل لاعب في بطولة كأس تركيا لليد

GMT 00:42 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

سعر الريال السعودي مقابل دينار كويتي الاثنين

GMT 02:19 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

أفغان يعلنون دفن ضحايا ضربة جوية نفذّتها الحكومة

GMT 08:34 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

مرسيدس C43 AMG 4Matic عائلية من الدرجة الأولى

GMT 09:55 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

كليب وقفة ناصية زمان لأحمد مكي يتصدر قائمة top tracks مصر

GMT 20:56 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

هيدي بفستان مثير في العيد الـ20 لمدينة الإنتاج الإعلامي

GMT 21:29 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

هيونداي تخطط لإطلاق سيارتها ذاتية القيادة بحلول 2021
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq