هل يبقى لبنان مقاوما لـالمقاومة

هل يبقى لبنان مقاوما لـ"المقاومة"

هل يبقى لبنان مقاوما لـ"المقاومة"

 العراق اليوم -

هل يبقى لبنان مقاوما لـالمقاومة

بقلم : خيرالله خيرالله

انسحبت القوات السورية من أرض لبنان في السادس والعشرين من نيسان – أبريل 2005. أخرج السوريون دمّ رفيق الحريري ولا شيء آخر غير ذلك. كان ذلك بعد شهرين واثني عشر يوما على اغتيال الرجل الذي يرمز إلى المحاولة اليتيمة، منذ العام 1975، لإعادة الحياة إلى لبنان وإيجاد مكان له على خريطة الشرق الأوسط.

هل أخرج اللبنانيون السوري من لبنان كي يحلّ مكانه الإيراني؟ يطرح هذا السؤال نفسه بحدّة في العام 2019 بعدما تبيّن أن هناك محاولة إيرانية جدّية لاستكمال وضع اليد على لبنان الذي يكتشف المواطن العادي فيه أنّه يتجه أكثر فأكثر إلى أن يصبح جزءا لا يتجزّأ من “محور الممانعة” المضحك – المبكي. هذا المحور ليس في واقع الحال سوى غطاء تستخدمه إيران من أجل المضي في مشروعها التوسّعي. إنّه مشروع الذي لا أفق له خصوصا أنّه قائم على إثارة الغرائز المذهبية.
 
دفع رفيق الحريري غاليا ثمن تلك المحاولة التي بدأت بإعادة إعمار وسط بيروت بصفة كونه قلب لبنان. من السهل على الذين لا يريدون فهم المعادلة الجديدة في لبنان تجاهل أن البلد ما كانت لتقوم له أي قيامة، ولو لبضع سنوات بين 1992 و2005، لولا رفيق الحريري وهوسه بلبنان.

يعتبر ما نشهده حاليا في لبنان، في ذكرى مرور أربعة عشر عاما على انسحاب السوريين، نتيجة طبيعية لسلسلة الانقلابات التي تعرّض لها البلد من أجل إحلال الوصاية الإيرانية مكان الوصاية السورية – الإيرانية. ليس سرّا أن الأمين العام لـ”حزب الله” الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، عناصره لبنانية، كان أول من أطلق شعار “شكرا سوريا”. كان ذلك في الثامن من آذار – مارس 2005. لم يكن مضى شهر على اغتيال رفيق الحريري عندما دعا “حزب الله” إلى تظاهرة كبيرة في وسط بيروت دعما للنظام السوري.

خطب حسن نصرالله في المتظاهرين. كان عنوان خطابه “شكرا سوريا”. هل كان يريد بالفعل بقاء الجيش السوري في لبنان أم كان يشكر بشّار الأسد على توفيره كلّ الأسباب التي ستؤدي إلى خروجه العسكري والأمني في لبنان كي تتمكن إيران من ملء الفراغ؟

ردّ اللبنانيون على الأمين العام لـ”حزب الله” بأكبر تظاهرة شهدها البلد منذ استقلاله في يوم الرابع عشر من آذار – مارس 2005. أدت تلك التظاهرة إلى جلاء القوات السورية وأدت إلى إطلاق سمير جعجع من سجنه وعودة ميشال عون من منفاه الباريسي. كانت تلك لحظة تاريخية يظهر اليوم أنها ضاعت، كما أنها لن تتكرّر.

الأكيد أن اللبنانيين يتحملون مسؤولية إضاعة تلك اللحظة في وقت كان الاعتقاد السائد أن النظام السوري وحده وراء جريمة اغتيال رفيق الحريري. تبيّن لاحقا، استنادا إلى القرار الاتهامي للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، أن الجريمة عملية مشتركة لا يبدو “حزب الله” بعيدا عنها.

من سلسلة الاغتيالات التي استهدفت اللبنانيين الشرفاء، من سمير قصير إلى محمّد شطح، وصولا إلى حرب صيف 2006 ثم الاعتصام في وسط بيروت وغزوة العاصمة والجبل الدرزي، في أيار – مايو 2008، بقي الهدف واحدا. هذا الهدف هو بكلّ بساطة الوصول إلى مرحلة يتوقّف فيها لبنان عن مقاومة ما يسمّى “المقاومة”، وذلك عبر تشريع سلاح “حزب الله”.

يشكّل موضوع سلاح “حزب الله” المطلوب إيجاد شرعية له، على طريقة تبييض الأموال، تتويجا لسلسلة الانقلابات التي حصلت في لبنان ابتداء من الرابع عشر من آذار- مارس 2005 وما تلاه من خروج للجيش السوري من لبنان. لولا تلك الانقلابات لما وصل لبنان إلى مرحلة يتحدث فيها وزير الدفاع من الجنوب عن الحاجة إلى إستراتيجية دفاعية بعد زوال الأخطار الإسرائيلية. معنى هذا الكلام أن سلاح “حزب الله”، أي سلاح إيران في لبنان، باق إلى الأبد. من وجهة نظر هذا الوزير، لن يكون هناك يوم لا يعود فيه سلاح شرعي واحد في لبنان هو سلاح الجيش اللبناني ما دامت الأخطار الإسرائيلية موجودة. من يحدّد متى لن تعود هناك أخطار إسرائيلية ما دامت إسرائيل قائمة؟

لم يجد الوزير الذي ينتمي إلى فئة معيّنة لا تؤمن بالكيان اللبناني من يردّ عليه في هذه الظروف الحرجة التي يمرّ بها البلد. هذا أمر مؤسف يدلّ على فقدان السياسيين اللبنانيين، خصوصا المسيحيين منهم، الحس بالمسؤولية. لا يشبه فقدان الحس بالمسؤولية في السنة 2019، سوى ذلك المرض الذي عانى منه الزعماء المسيحيون، باستثناء ريمون اده، في العام 1969، أي قبل خمسين عاما بالتمام والكمال. اسم هذا المرض هو رئاسة الجمهورية. حال ذلك المرض دون تشكيل جبهة مسيحية موحّدة للتصدي لاتفاق القاهرة في وقت كان هناك خوف لدى كثير من الزعماء المسلمين من هذا النوع من الاتفاقات التي تشير إلى تخلّي الدولة اللبنانية عن سيادتها على جزء من أراضيها، تماما كما هي الحال الآن مع سلاح “حزب الله” وكلّ ما يرمز إليه.

لا شكّ أن الزعماء المسلمين يتحمّلون بدورهم مسؤولية كبرى عن الوصول إلى اتفاق القاهرة، خصوصا عندما قرّر رئيس الوزراء رشيد كرامي الاعتكاف، لكنّ مسؤولية الزعماء المسيحيين الذين وافقوا على الاتفاق هي في المستوى نفسه. أسوأ ما في الأمر أن الزعماء المسيحيين كانوا يعرفون تماما ما سيترتب على تشريع السلاح الفلسطيني في لبنان، لكنّ كرسي رئاسة الجمهورية جعلهم يقدمون على خطوة ستترتب عليها نتائج في غاية الخطورة. لا تزال تفاعلات هذه الخطوة مستمرّة إلى يومنا هذا بعدما حلّ سلاح “حزب الله” مكان السلاح الفلسطيني. هذا السلاح الذي يتدخّل في سوريا ويخوض، إلى جانب النظام، حربا على الشعب السوري، يريد أن يفرض على اللبنانيين ما هو أسوأ من السلاح الفلسطيني. ظهر ذلك جليّا بعد قانون الانتخابات الأخير الذي تلا انتخاب رئيس للجمهورية هو قبل كلّ شيء خيار “حزب الله”.
 
مرّ نصف قرن على اتفاق القاهرة. ما زال لبنان يقاوم. لكنّ الواضح أن مقاومة اللبنانيين لـ”المقاومة” تشارف على نهايتها في ظلّ غياب عربي عن البلد وغياب أي دعم حقيقي لمن لا يزال يقول لا للوصاية الإيرانية. هل من أمل للبنان الذي يعاني من أزمة اقتصادية لم يشهد يوما مثيلا لها؟ الجواب بكلّ بساطة أن الخوف على لبنان يأتي من العجز عن حماية نفسه أمام العاصفة التي تبدو المنطقة مقبلة عليها. ستغيّر هذه العاصفة الكثير في الشرق الأوسط، بما في ذلك قدرة إيران على الاستمرار في مشروعها التوسّعي.

هل لا يزال لبنان قادرا على إيجاد طريقة للملمة أوضاعه الداخلية… أم أن أوان ذلك فات، خصوصا أن مرض كرسي رئاسة الجمهورية ما زال ينخر جسد زعمائه من المسيحيين خصوصا؟ هؤلاء لم يفهموا، في معظمهم، إلى الآن، معنى خروج القوات السورية من لبنان ولماذا لا يزال عليهم تفويت الفرصة على إيران كي لا تكون صاحبة الوصاية على البلد…
 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يبقى لبنان مقاوما لـالمقاومة هل يبقى لبنان مقاوما لـالمقاومة



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

GMT 13:41 2019 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 21:01 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 19:38 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

تجنب اتخاذ القرارات المصيرية أو الحاسمة

GMT 18:00 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

نانسي الزعبلاوي تحضر لأغنية جديدة مع "ميوزك تون "

GMT 09:59 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

التحالف الدولي يقصف جسرًا للجيش السوري في ريف دير الزور

GMT 14:28 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

السريحي يخوض تجربة احترافية في الدوري الفرنسي

GMT 12:03 2013 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

"سوني" تطرح حاسب "فايو ديو 13" المحمول في الإمارات

GMT 16:48 2018 الثلاثاء ,20 آذار/ مارس

فيديو كليب True Love لمسرحية Frozen على مسرح برودواى

GMT 03:19 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

دانا حمدان سعيدة بنجاح "الطوفان" وشخصيتها بالعمل

GMT 23:57 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على كيفية العناية بالشعر المجعد والطرق المناسبة

GMT 11:43 2016 السبت ,18 حزيران / يونيو

اكتشفي كيفية اختبار الحمل في البيت

GMT 04:19 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

الكشف عن تفاصيل مقتل الراقصة التركية "ديدم"

GMT 02:43 2018 الأحد ,09 كانون الأول / ديسمبر

الإعلامية المصرية سميرة الدغيدي تُعلن عن بيع قناتها" LTC"

GMT 19:19 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أسعار ومواصفات "هيونداي إلنترا 2019" المتاحة في مصر

GMT 01:12 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم "السر 21" يجمع المخرج خالد يوسف والمُنتج كريم السبكي

GMT 01:42 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"تحريم" اللقاح يهدد بتفشي الحصبة في إندونيسيا
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq