هل انتهت الأزمة الأردنية

هل انتهت الأزمة الأردنية

هل انتهت الأزمة الأردنية

 العراق اليوم -

هل انتهت الأزمة الأردنية

بقلم : خير الله خير الله

يد واحدة لمساعدة الأردن
كان ضروريا أن تنعقد في مكة قمّة خليجية مصغّرة دعا إليها الملك سلمان بن عبدالعزيز من أجل المساعدة في إخراج الأردن من أزمته الاقتصادية التي سعت أطراف خارجية إلى استغلالها. لم يكن طبيعيا ترك الأردن يغرق في أزمته نظرا إلى أن ذلك يمكن أن تكون له انعكاسات على الاستقرار الإقليمي برمته.

يدخل دعم الأردن في سياق الحرب التي تخوضها الدول العربية المعتدلة والواعية التي أصبحت في مواجهة مكشوفة مع إيران. أخذت هذه الحرب بُعدا جديدا منذ سقوط صنعاء قي يد الحوثيين في أيلول – سبتمبر 2014. وقتذاك بدأت إيران في استغلال اليمن، بطريقة مكشوفة أكثر، كي يكون شوكة في خاصرة كلّ دولة خليجية، خصوصا المملكة العربيّة السعودية.

كان استهداف الأردن من بين ما ترغب فيه إيران من جهة، والإخوان المسلمون من جهة أخرى. هؤلاء يحاولون استعادة ما فقدوه في الأردن في العامين 2011 و2012 عندما اعتقدوا أنّ هناك دولة عربية أينعت وحان قطافها. كان إخوان مصر الداعم الأوّل في تلك المرحلة للتحرّك الإخواني في الأردن. بدأت إمدادات الغاز المصري للأردن تتوقف بين حين وآخر نتيجة سياسة متعمدة من جهة وتفجيرات للأنابيب التي تنقل تلك المادة الحيوية من سيناء من جهة أخرى. كلّف ذلك الأردن الكثير في تلك المرحلة القصيرة التي تحكّم فيها الإخوان بمصر. اضطرّه ذلك إلى البحث عن مصادر أخرى للطاقة في ظروف أقلّ ما يمكن أن توصف به أنّها صعبة ومعقّدة. كان استخدام الغاز المصري الذي يتزوّد به الأردن جزءا لا يتجزّأ من الضغوط التي مورست على المملكة.

لم يدرك الإخوان أن الأردن كان قادرا على تجاوز عاصفة “الربيع العربي” بأقلّ قدر من الخسائر. استغلوا أخيرا الفتور في العلاقات بين عمّان والعواصم الخليجية من أجل دقّ إسفين بين الأردن وحلفائه التقليديين الذين ارتبط بهم بعلاقات ذات أبعاد مختلفة، من بينها البعد الأمني، منذ فترة طويلة.

من حسن الحظ أن هناك وعيا خليجيا لما هو على المحكّ في الأردن في وقت تسعى إيران إلى الخروج من الأزمة التي تعاني منها في سوريا والعراق. في سوريا، هناك أمام إيران خياران أحلاهما مرّ. إمّا الخروج من البلد، وإما استمرار تلقي الضربات الإسرائيلية التي لا تستطيع الردّ عليها في ظل رغبة روسية في لعب دور المتفرّج. وفي العراق، تزداد كلّ يوم الدلائل على أنّ هناك وعيا في العمق للخطر الإيراني ولضرورة إيقاظ الروح الوطنية العراقية التي مكنت البلد من الصمود ثماني سنوات، وتحقيق شبه انتصار على إيران بين العامين 1980 و1988.

يشكل الأردن حلقة من حلقات الصمود في وجه المشروع التوسّعي الإيراني والإخواني. لذلك كان لا بدّ من مساعدته بغض النظر عن أي تقييم لمرحلة السنوات الثلاث الأخيرة التي شهدت نوعا من التجاذب بين عمان والرياض، خصوصا بعد اكتفاء الأردن بخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع قطر حين قررت الدول الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) مقاطعتها في الخامس من حزيران – يونيو من العام 2017.

تجاوز الأردن أزمة خطيرة أخرى كانت تشكل تهديدا له ولغيره. هذا لا يعني أن الأمور ستعود بسرعة إلى طبيعتها، وأن لا حاجة إلى إصلاح الأخطاء التي حصلت في المرحلة التي كان فيها الدكتور هاني الملقي رئيسا للوزراء.

كلّ ما يمكن قوله عن تلك المرحلة، التي توجت بتظاهرات كبيرة ضد مشروع قانون ضريبة الدخل واستقالة حكومة الملقي، أنّه كان هناك سوء تسويق للإصلاحات الاقتصادية المطلوب تنفيذها. أكثر من ذلك، هناك تجاهل، أو عدم استيعاب، لطبيعة التحديات التي يمرّ بها الأردن في هذه المرحلة بالذات، وذلك على الرغم من كلّ النيات الطيبة التي، ربّما كانت لدى هاني الملقي.

ما لا بدّ من الاعتراف به أن أخطاء حصلت من الجانب الأردني، وذلك بدل الاكتفاء بإلقاء المسؤولية على الآخرين. صحيح أن الملك عبدالله الثاني بذل جهودا كبيرا ليكون على اطلاع على ما يدور في الشارع وعلى ما يعانيه المواطن العادي، لكنّ الصحيح أيضا أنّه لم يوجد من يشرح للمواطن ماذا يدور داخل الأردن، وللخارج ما هي هموم الأردن في هذه المرحلة ومدى معاناة المملكة من كلّ ما يدور حولها في ظل وجود ما يزيد على مليون لاجئ سوري في أراضيها.

لم يمتلك الأردن أي استراتيجية علاقات عامة من أيّ نوع لا في الداخل ولا في المحيط العربي، في وقت هناك إدارة أميركية لا يهمّها شيء غير الاستجابة لما تطلبه إسرائيل. لم تجد هذه الإدارة غضاضة في نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس في ظلّ ترهل ليس بعده ترهّل للقيادة الفلسطينية في الضفّة الغربية، وغياب أي وعي من أيّ نوع لدى القيادة الفلسطينية الأخرى في قطاع غزّة.

وجد الأردن نفسه في وضع لا يحسد عليه. كان لا بدّ من مساعدته. من يساعد الأردن إنّما يساعد نفسه أيضا ويخدم الاستقرار في الإقليم ويقطع الطريق على مخططات إيران والإخوان المسلمين في الوقت ذاته.

تبقى نقطة أخيرة لا مفرّ من التوقف عندها. أحسنت الدول الثلاث في تحديد الطريقة التي ستقدّم فيها المساعدات المخصصة للأردن وقيمتها الإجمالية ملياران ونصف مليار دولار. لم يتضمن المبلغ أيّ هبات. يعطي ذلك فكرة عن تحوّل في التفكير الخليجي.

ثمّة حاجة أردنية إلى التكيّف مع هذا التحوّل الذي يعكس حصول نقلة نوعية في النظر إلى العلاقة مع الدول الأخرى. الأكيد أن الأردن سيكون قادرا على التعاطي مع المعطيات الجديدة والتكيّف معها، خصوصا أن الملك عبدالله الثاني رجل يمتلك صفات كثيرة في مقدّمها استشراف المستقبل. مكّنه ذلك من تجاوز صعوبات كثيرة وطرح المشاكل التي يعاني منها الأردن والمنطقة بصراحة ليست بعدها صراحة، خصوصا عندما يتحدث عن التعليم وكيفية مواجهة التطرّف بكل أشكاله ودور الإسلام المعتدل في ذلك.

هل انتهت الأزمة في الأردن؟ الجواب أن المساعدات الخليجية ضرورية، لكنّ مسؤوليات كبيرة ستكون ملقاة على الحكومة التي سيشكّلها الدكتور عمر الرزاز الذي يعرف تماما، بفضل خبرته في هذا المجال، كيفية التعاطي مع الإصلاحات المطلوبة من المؤسسات الدولية على رأسها صندوق النقد والبنك الدولي.

قامت الكويت والإمارات والسعودية بالمتوجب عليها، وقام العاهل الأردني عبدالله الثاني بما كان عليه القيام به عندما تحدث إلى الأردنيين مؤكدا أنّه يقف مع المواطن العادي ويتفهّم موقفه ومعاناته. جاء الآن دور تشكيل حكومة تكون في مستوى ما يمرّ به الأردن وما تمرّ به المنطقة التي تقف على عتبة تطورات مصيرية في ظل ما يجري في بلدين على حدود الأردن هما سوريا والعراق.

 المصدر :جريدة العرب

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل انتهت الأزمة الأردنية هل انتهت الأزمة الأردنية



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

GMT 06:59 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

"الدانتيل" لديكور مذهل في حفل زفافك

GMT 00:21 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

مروان حامد مخرج أول أفلام سلسلة "رجل المستحيل"

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

كم يوم عمل تحتاجه لشراء هاتف أيفون X ؟

GMT 22:44 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العكايشي يقود الاتحاد إلى التعادل في مباراة الفيصلي

GMT 17:22 2013 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

مقتل وإصابة 30 شخصًا في انفجار عبوة ناسفة بمحافظة ديالي

GMT 22:18 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مشاركة عربية قياسية في نهائيات أمم أفريقيا 2019

GMT 07:10 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

نقوش الحيوانات أحدث إطلالة لمواكبة موضة خريف 2018

GMT 16:29 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

كريم هنداوي أفضل لاعب في بطولة كأس تركيا لليد

GMT 00:42 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

سعر الريال السعودي مقابل دينار كويتي الاثنين

GMT 02:19 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

أفغان يعلنون دفن ضحايا ضربة جوية نفذّتها الحكومة

GMT 08:34 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

مرسيدس C43 AMG 4Matic عائلية من الدرجة الأولى

GMT 09:55 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

كليب وقفة ناصية زمان لأحمد مكي يتصدر قائمة top tracks مصر

GMT 20:56 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

هيدي بفستان مثير في العيد الـ20 لمدينة الإنتاج الإعلامي

GMT 21:29 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

هيونداي تخطط لإطلاق سيارتها ذاتية القيادة بحلول 2021
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq