الحل في سوريا لم يعد في يد الأسد

الحل في سوريا لم يعد في يد الأسد!

الحل في سوريا لم يعد في يد الأسد!

 العراق اليوم -

الحل في سوريا لم يعد في يد الأسد

هدى الحسيني
بقلم - هدى الحسيني

بينما العالم بما فيه المعادون للنظام يبكي على ما سيعانيه السوريون بسبب عقوبات «قانون قيصر»، كانت ردة فعل الرئيس السوري بشار الأسد وعقيلته أسماء وأولادهما التقاط صور له مع بعض الجنود المخلصين للنظام في محاولة لإبداء الثقة بأنه سيتجاوز العقوبات الأميركية رغم انهيار الاقتصاد. وكان الأمر المثير، الابتسامة التي غطت وجه أسماء الأسد بعدما صار اسمها على قائمة العقوبات، مؤكدة دعمها جرائم الحرب ضد الشعب السوري.

كان الاعتقاد أن يصاب النظام وحلفاؤه بلحظة وجوم ويتذكرون صور الخمسين ألف جثة التي تمزقت تحت التعذيب والتي خضت العالم، لكن العكس حدث. الأسد بصوره التي نشرها مع بعض جنوده أكد أنه مستمر في قتال شعبه. وقيل إن الصور التقطت في بلودان بالقرب من دمشق، وقد يكون أكثر شجاعة لو زار درعا المشتعلة وكذلك السويداء ودير الزور. مدن لم يزرها الأسد أو والده منذ أكثر من 50 عاماً.
ثم يطل علينا أحد الموالين لـ«حزب الله» في لبنان بتوجيه الشكر إلى إيران التي ترسل الوقود إلى فنزويلا والآن ستساعد سوريا بالوقود والدواء للشعب السوري. وكمن «يصرخ» يكتب: سوريا لم تسقط عسكرياً، سوريا لن تسقط اقتصادياً. المقرب من «حزب الله» لم يذكر شيئاً عن تهريب الوقود والديزل من لبنان إلى سوريا برعاية الحزب، كما لم يلاحظ أن سوريا سقطت أخلاقياً بعد قتلها 55 ألف أسير تحت أسوأ أنواع التعذيب. ويشكر إيران التي تحرم شعبها من أجل إنقاذ نظام صار جالساً على كرسي من دون أرجل. وقد يبدو الأمر مألوفاً فمع اقتصاد مزقته الحرب الأهلية وجيوب جديدة من المقاومة المناهضة للنظام، فإن الدولة السورية على وشك الانهيار، والأسد أضعف من أي وقت مضى.
عام 2015 وقبل التدخل الروسي لإنقاذ النظام، زادت الانقسامات في الجيش السوري؛ إذ ركزت إيران على بناء قوات الدفاع الوطني، وهي قوة شبه عسكرية موالية للأسد شخصياً، على حساب مساعدة الجيش النظامي، ومنذ ذلك التاريخ أخذت إرادة القتال لدى الجيش النظامي في الانخفاض. أيضاً في ذلك الوقت غرق الاقتصاد السوري وانخفضت الليرة السورية تجاه الدولار من 47 إلى 315، فتوجه وفد سوري إلى إيران طلباً للنجدة، فما كان من نائب وزير الخارجية الإيراني آنذاك أمير عبد اللهيان إلا أن طلب منهم أن تحذو سوريا حذو إيران وتحقق الاعتماد على الذات من خلال «اقتصاد المقاومة»!
لكن بناءً على قيمة العملة، فإن وضع سوريا اليوم يختلف اختلافاً جذرياً لأنه أسوأ بكثير. الأسبوع الماضي تم التداول بالليرة السورية في السوق السوداء بسعر 3500 مقابل الدولار. إن متوسط الراتب الشهري في سوريا يشتري اليوم بطيخة واحدة أو كيلوغراماً من البرتقال، ويُقدر أن 80 في المائة من السوريين يعيشون الآن في فقر. ثم في شمال سوريا خارج حلب الذي سيطرت عليه تركيا عسكرياً صار نحو 10 في المائة من السوريين يستخدمون الليرة التركية، وتخطط أنقرة للقيام بالشيء نفسه في إدلب، حيث يقيم 18 في المائة من السوريين. ولتحيا هكذا سيادة سورية في ظل بشار الأسد.
من ناحية أخرى، أدت الأزمة في لبنان المجاور، حيث يودع الكثير من السوريين أموالهم في المصارف هناك، إلى تفاقم الوضع، مثلهم مثل اللبنانيين لم يتمكن السوريون من سحب أموالهم من المصارف اللبنانية. لكن مثلما كشف انهيار الليرة السورية ضخامة المشاكل التي كانت موجودة منذ بدء الحرب الأهلية، فإن احتجاجات جديدة وانتقادات عامة غير عادية من المقربين من النظام تكشف إلى أي مدى ساءت الأمور على الأسد على الرغم من ادعاءاته بالنصر على بلد في حالة خراب.
لم ينفع المقاتلون اللبنانيون الذين تم إرسالهم إلى السويداء لـ«تهدئة الوضع»، فقد شهدت محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، والتي تسمى سلة الخبز، احتجاجات مناهضة تجلت يوم الأحد الماضي بالهتاف «سوريا لنا وليست لبيت الأسد». كان هتافاً يسمعه لأول مرة المتظاهرون الذين أطلقوا الثورة عام 2011 في درعا، فرد عليهم يومها شبيحة الأسد: الأسد أو نحرق سوريا وظلوا يحرقونها حتى اليوم. كما عادت المظاهرات إلى إدلب التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة، وكم مرة حاول النظام استرجاعها ومُني بالفشل. كما بدأت المظاهرات في أنحاء أخرى من البلاد. وتظهر الصور الملتقطة في دمشق، سائقي السيارات وهم يدفعون بسياراتهم من خارجها بحثاً عن الوقود.
لا تخفي المظاهرات الانقسام الداخلي للنظام والذي أصبح علنياً وطال رامي مخلوف ابن خال الأسد، الملياردير الذي كان حتى وقت قريب أكبر ممول للنظام، وأطلقت عليه وزارة الخارجية الأميركية عام 2008: «الملصق السوري للفساد».
النقد الذي وجهه مخلوف للأسد يؤدي إلى اختفاء أي سوري آخر في السجون السورية. لكن هذا النقد أثار عدداً من التعليقات حول ما يعنيه هذا الانقسام حقاً: بعض المراقبين يرون فيه أن الأسد يحاول توطيد السلطة بين يديه وحده وأن الآخرين ولو من العائلة، يمكن التخلص منهم بمجرد انتهاء دورهم.
الآن مع الضغط فعلياً على النظام عبر العقوبات الدولية والإجراءات الأميركية الجديدة الأكثر صرامة والتي تستهدف بشكل خاص الدائرة الداخلية للأسد، قد يكون الرئيس السوري في حالة يأس، خصوصاً أن دائرته تقلصت إلى زوجته أسماء وشقيقه ماهر الذي يرأس النخبة من الحرس الجمهوري في الجيش.
إن تحييد المنافسين المحتملين وخاصة الأقارب الذين كانوا يعتبرون من الدائرة الداخلية، ليس بجديد على عائلة الأسد التي تقبض على السلطة عبر حسابات قاسية جداً. إن توطيد السلطة بالنسبة إلى عائلة الأسد هو موضوع رئيسي للحكم، ويعود ذلك إلى الوالد حافظ الأسد الذي جاء إلى السلطة بحركة تصحيحية عام 1970. الأسد فعلها في الثمانينات بالتحرك ضد شقيقه رفعت الذي قاد له مجزرة حماة، والابن منذ عام 2005 يتبع النمط نفسه، حيث لم يتردد في قتل أعضاء كثر من دائرته الداخلية بما في ذلك صهره آصف شوكت. شيء مشابه جداً يمكن أن يكون في طور الحدوث الآن.
أسس الوالد نموذج نظام درسه الابن بدقة. أعضاء الأسرة في القمة وفي أكثر المواقع حساسية، ومن ثم أشخاص معروفون بولائهم حتى نهاية السلسلة، بمن فيهم العلويون والأقليات الأخرى والتحالفات مع السنة. لكن إذا ترك بشار السلطة الآن فإن هيكل السلطة العلوية سينهار، لأنه يقوم على الولاء للرجل. لم يعد العلويون قادرين على الوحدة وإيجاد اتفاق ديمقراطي فيما بينهم.
قد يكون بشار الأسد أخذ عبرة من تاريخ عائلته وتاريخ سوريا. في الفيلم الوثائقي: «داخل السلالة السورية القاتلة» (ناشيونال جيوغرافي)، يروي دنيس روس الدبلوماسي الأميركي المخضرم، ردة فعل حافظ الأسد عام 1994 على وفاة نجله الأكبر باسل الذي كان يعده لخلافته. قتل باسل في إحدى السيارات الباهظة الثمن التي كان يملكها صبيحة يوم بارد من شهر يناير (كانون الثاني) ذلك العام. وكشف رد حافظ الأسد عندما جاء مستشاروه لإبلاغه بوفاة ابنه، كما يقول روس، عن الهشاشة التي كان يشعر بها الأسد الأب في منصبه، في ذلك الوقت. إذ عندما دخل عليه رئيس أركان الجيش ورئيس الحرس الجمهوري سأل: هل وقع انقلاب؟ كان ذلك عام 1994 وكان في السلطة منذ عام 1970 وكان يسيطر بقبضة من حديد ونار على السلطة، ومع هذا سأل: هل هو انقلاب!
وكما شعر والده عام 1994 بعد وفاة باسل، يخشى بشار من مصير مماثل على الرغم من وجوده في السلطة لعقدين وحافظ على قبضة الحديد والنار طوال السنوات التسع الماضية من الحرب الأهلية، وبكل الأثمان.
روسيا تعبت منه والكرملين يبحث عن شخصية أخرى. إيران غارقة في مشاكلها ويوم السبت الماضي هبط الريال الإيراني إلى أدنى سعر له على الإطلاق مقابل الدولار، فقد ارتفع إلى 193.300 ريال للدولار مما كان عليه يوم الجمعة الماضي 188.200 ريال، وذلك في السوق السوداء، في حين سعّرت صحيفة «دنيا» الاقتصادية الدولار بـ190.800.
روسيا تغرق في أبعاد تمدداتها في الشرق الأوسط، وإيران غارقة لا محالة، يبقى أن الأسد الآن في مشكلة، فهو ليست لديه حلول، ثم إنه لا يعرف ما مصيره! ربما يبدأ باستدعاء الإعلام الغربي وإعطاء مقابلات كلها «مواعظ» عن تحليلاته المستقبلية، حيث العالم سيغرق مع سوريا إذا لم يهب لإنقاذ نظامه!
والسؤال الآن: أما آن لهذا البشار أن يتنحى؟ 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحل في سوريا لم يعد في يد الأسد الحل في سوريا لم يعد في يد الأسد



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

GMT 07:49 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ريتا أورا تحتفل بألبومها الثاني الذي ينتظره الجميع

GMT 15:03 2020 الإثنين ,18 أيار / مايو

فساتين خطوبة مطرزة لإطلالة إستثنائية فخمة

GMT 04:09 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء يعثرون على أصغر كوكب خارج المجموعة الشمسية

GMT 00:55 2017 الخميس ,06 إبريل / نيسان

فؤاد قرفي يكشف عن مجموعته الجديدة من الأزياء

GMT 00:26 2021 الأحد ,17 كانون الثاني / يناير

أجمل معاطف كيت ميدلتون موضة 2021 لمناسبة عيد ميلادها

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

البنك المركزي يصدر تعميم جديد يحدد سعر الصرف

GMT 08:01 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

تعرف على أسعار سيارات نيسان "بيك أب" بعد زيادة يونيو

GMT 08:09 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

يارا تظهر بإطلالة مثيرة في فستان أخضر مميز

GMT 08:53 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

"سيلفرمين" في السويد يعد من أغرب فنادق العالم

GMT 00:36 2018 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

سارة سيد تكشف عن مميزات السياحة في ألمانيا

GMT 18:21 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

أحمد فهمي يتقدم بطلب الزواج من الفنانة رانيا يوسف

GMT 15:43 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

قوات الشرطة تحبط محاولة تفجير في مدينة العريش الثلاثاء

GMT 12:17 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لعبة MOBA الجديدة Mobile Legends متوفرة الآن على الهواتف الذكية

GMT 02:49 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر ضمن أفضل 10 دول في حجم القوات البحرية

GMT 03:49 2013 الأربعاء ,06 شباط / فبراير

الشمس تقلل فرص الإصابة بالروماتويد

GMT 01:40 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مارتن لاف يكشف أبرز مزايا سيارة "إكس-ترايل" الجديدة

GMT 09:16 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

الفراعنة أول من عرفوا السلم الموسيقي

GMT 16:11 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

التليفزيون المصري يعرض المسلسل النادر "مبروك جالك ولد"

GMT 08:33 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

صور لمناطق صينية غير مأهولة بالسكان تبدو كمدينة الأشباح
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq