تركيا وروسيا تلتقيان في سوريا ضد إيران والأكراد

تركيا وروسيا تلتقيان في سوريا ضد إيران والأكراد!

تركيا وروسيا تلتقيان في سوريا ضد إيران والأكراد!

 العراق اليوم -

تركيا وروسيا تلتقيان في سوريا ضد إيران والأكراد

بقلم - هدى الحسيني

كان لافتاً جداً الصمت المطبق الذي لفّ روسيا وتركيا حيال صفقة «حزب الله» مع تنظيم داعش، هل لأن مقاتلي التنظيم كانت وجهتهم حسب الاتفاق العراق، حيث هبّ هناك الممولون من إيران يتهمون الولايات المتحدة بالازدواجية، وبأنها فتحت منفذاً لمقاتلي «داعش» من تلعفر للهرب باتجاه كردستان، وادعى ممثل «كتائب حزب الله العراق» مساء الأحد من على شاشة «الميادين»، إن لديه الإثباتات بأن مسعود البرزاني الرئيس الكردي أعطى الأمر باستقبالهم؟ هل هناك طبخة ما تُحضر ضد أكراد العراق؟ أو ضد الأكراد بشكل عام؟ وهل لهذا السبب أطبق الصمت على روسيا وتركيا؟

في العام الماضي تحسنت العلاقات بين تركيا وروسيا، وترى الدولتان ضرورة التعاون في مجالات كثيرة، والتركيز الأساسي هو على الحرب في سوريا، حيث تتداخل مصالح البلدين. ثم إن تحسين العلاقات الاقتصادية والعسكرية الثنائية يلعب دوراً مهماً، وطبقاً لمسؤولين أتراك وروس، فإن جميع الاستعدادات قد تم اتخاذها كي تشتري تركيا نظام دفاع صاروخي روسياً من طراز إس – 400 (الثالث من الشهر الحالي)؛ الأمر الذي أثار قلق حلفاء تركيا في الحلف الأطلسي، مع العلم أن الصفقة قد لا تتحقق في النهاية؛ إذ لا يزال المحللون يشككون فيما إذا كانت تركيا ستتسلم بطاريات صواريخ أرض – جو الدفاعية، ويرون أن المهم هي الرسالة الموجهة إلى الغرب أكثر من للاستحواذ الفعلي.

وحسب محلل سياسي بريطاني، فإن كلاً من موسكو وأنقرة تستخدمان هذه القصة سياسياً لإظهار عدم رضا كل منهما عن الغرب، وبالذات أنقرة التي تشعر بالإحباط العميق من جراء التعاون العسكري الأميركي المستمر مع أكراد سوريا.

في التقارب بين الدولتين، هناك مشاركة روسية في بناء محطة نووية في تركيا، ومشروع أنبوب الغاز التركي الذي سيمكّن روسيا من تعزيز صادراتها من الغاز إلى جنوب أوروبا عن طريق التحايل على أوكرانيا.

إن الساحة الأولى للتعاون بينهما هي الحرب في سوريا. وعلى الرغم من أن لكل منهما وجهات نظر مختلفة حول مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد، فإن موسكو وأنقرة تتعاونان من أجل السيطرة على التطلعات الإقليمية للقوميين الأكراد داخل سوريا.

منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا عام 2011، وروسيا تعمل بشكل وثيق مع إيران. وبطبيعة الحال، هذا التعاون أبعد الجانب التركي، لكن، تتردد من وقت إلى آخر تلميحات بأن لروسيا وإيران خلافات حول مستقبل سوريا. مثلاً، لا تتضمن الصيغة الإيرانية لدعم النظام السوري أي تنازلات بشأن عائلة الأسد، وبالذات بشار، فهو المتلقي والمتجاوب المرن، في حين أن روسيا كانت دائماً على استعداد لتقديم بعض التنازلات على الجبهة الدبلوماسية، طالما أن مصالحها الأساسية في سوريا مضمونة: القواعد العسكرية والنفوذ السياسي.

في سوريا، تلتقي أحياناً وجهات النظر الروسية والتركية حول تقييد طموحات إيران الإقليمية. ما يجمع بين أنقرة وموسكو ويدفعهما إلى التعاون هو الولايات المتحدة الأميركية. تركيا عضو في الحلف الأطلسي، وأقل ما يمكن أن تقوم به هو التحالف الوثيق مع القوى الغربية في سوريا. إلا أنها تسعى وراء مصالحها الخاصة القائمة على ضروراتها الجغرافية ومصالحها في الشرق الأوسط الكبير. ليس خفياً قلق أنقرة من المساعدات الأميركية للأكراد في سوريا، وأزعجتها وجهات نظر واشنطن المتغيرة حول مستقبل نظام الأسد، كذلك الأمر بالنسبة إلى روسيا التي تشعر بالقلق إزاء العمليات الأميركية في سوريا، على الرغم من أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أوقف مؤخراً المساعدات العسكرية للمعارضة السورية، وتوصلت واشنطن وموسكو إلى وقف لإطلاق النار في جنوب غربي سوريا في مطلع يوليو (تموز) الماضي، لكن يبقى أن التقارب التركي – الروسي تدفعه جزئياً معارضتهما المشتركة للمصالح الأميركية.

بعيداً عن معضلة الشرق الأوسط تتشارك تركيا وروسيا في علاقات صعبة مع الاتحاد الأوروبي، وقبل أن تقطع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورقة الخروج الأخير لتركيا من الاتحاد، فإن أنقرة تعرضت لانتقادات حادة من قبل بروكسل، بينما تصطدم موسكو مع أوروبا منذ عام 2014 بسبب أوكرانيا.

لكن الاختلافات الجيوسياسية لا تزال كما هي بين البلدين. أحد هذه المسارح هو منطقة البحر الأسود. جغرافية تركيا تعطيها أطول شاطئ على البحر الأسود، ثم إن تحكمّها الطبيعي بمضيقي البوسفور والدردنيل يجعلها قادرة على إبراز قوتها العسكرية والاقتصادية على كل البحر الأسود.

تاريخياً كانت المنطقة ساحة قتال بين الإمبراطوريتين الروسية والعثمانية على امتداد القرن الثامن عشر وحتى نهاية الحرب الباردة، وبالتالي فإن تركيا، مثل روسيا لديها مصلحة طبيعية في توسيع منطقة نفوذها في البحر الأسود؛ مما يترك مجالاً ضيقاً للبلدين لإيجاد حل توفيقي على المدى الأطول. لكن التحركات العسكرية الروسية في المنطقة منذ عام 2014 عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم، التي، نظراً لموقعها الجغرافي، أعطت الروس اليد العليا من حيث البنية التحتية العسكرية والقدرة على تغطية جميع شواطئ البحر الأسود.

على شرق البحر الأسود وفي جنوب القوقاز، فإن تركيا وروسيا تواجهان معركة تاريخية طويلة الأمد حول جورجيا، وأرمينيا وأذربيجان. ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي عملت تركيا وبنشاط على إعادة ربط منطقة جنوب القوقاز بسوقها المتنامية لاستهلاك الطاقة، من خلال بدء وتسهيل مختلف مشاريع الطاقة والبنية التحتية من الشرق إلى الغرب. خطوط أنابيب باكو – تبليسي – جيهان، وباكو – تبليسي – سوبسا، فضلاً عن سكة حديد باكو – تبليسي – كارس، وهذه ليست سوى بضعة مشاريع تدعمها أنقرة حاليا. وعلى الرغم من أنه من المستبعد جداً في الوقت الحالي أن تواجه تركيا روسيا عسكرياً في المنطقة، فإن هذا لا يمنع بأن أنقرة تفكر في زيادة قدرات جورجيا وأذربيجان العسكرية.

هناك مجال آخر من الخلافات العميقة بين روسيا وتركيا، وهو الصراع الناجم عن ناغورنو كاراباخ. لروسيا أجندة خاصة بها لحل هذا الصراع. والواقع، فإن موسكو تفضل إبقاء الوضع على ما هو عليه لأطول فترة ممكنة. لهذا؛ تريد روسيا من تركيا حليفة أذربيجان، أن تبقى أبعد ما يكون عن ذلك الصراع، ويتردد أن موسكو تسعى لنشر قواتها لحفظ السلام في كاراباخ مقابل أن تتنازل أرمينيا عن مناطق عدة حول كاراباخ.

أما في شرق آسيا الوسطى، فإن أنقرة ترى نفسها الحليف الطبيعي لجميع دول آسيا الوسطى، حيث كانت هناك روابط عرقية قوية بين تركيا والشعوب التركية في كازاخستان، وقيرغستان، وتركمنستان وأوزبكستان (طاجيكستان كانت دائماً أكثر تأثراً بالثقافة الإيرانية).

لا تتحمل أي من الدولتين الآن معاداة بعضهما بعضاً. تركيا ترى في روسيا الباب إلى سوريا للمشاركة في المستقبل، وربما قد تكون الغطاء الذي ستحتاج إليه أنقرة إذا ما اضطرت إلى تقبل ابتلاع مرارة بقاء الأسد على بزوغ حكم ذاتي كردي يلوّح لها بين الحين والآخر بظل عبد الله أوجلان. ستواصل روسيا وتركيا العمل معاً في الساحة السورية، هدأت أو ظلت مشتعلة، وسوف تدفع الضرورات الفورية للبلدين إلى إيجاد أرضية مشتركة للتعاون بينهما، ومعارضة المصالح الإيرانية في الشرق الأوسط أحياناً أو، المصالح الأميركية. ثم إن تركيا لا تتحمل خسارة آخر نفوذ لها فوق أرض عربية. كما ستزدهر الاتصالات الاقتصادية والعسكرية بينهما؛ لأن روسيا لا تتحمل خسارة السوق التركية المهمة جداً لصادراتها من الغاز، ومع ذلك، وأبعد من هذا التعاون، فإن العلاقات بين روسيا وتركيا ستتعرض لضغوط جيوسياسية على أساس القضايا الجغرافية والأمنية، وسيظل البحر الأسود وجنوب القوقاز، وبدرجة أقل آسيا الوسطى المناطق الأكثر تنافساً بين موسكو وأنقرة.

في ظل هذه الخريطة التي تحيط بالمنطقة العربية، نرى عمليات، ومصالح، وتوسعاً، وقواعد عسكرية، وثقافات تتمدد وتتصادم، تأخذ من المسرح السوري ساحة تلاقٍ أو فرض نفوذ. هناك الروسي، والإيراني، والتركي، والأوروبي، والأميركي، وهناك الشيشاني، والأوزبكي، والقيرغستاني، الذي جاءنا وقتلنا بثياب «داعش»، وأطل أسيراً من على شاشة التلفزيون الكردي في العراق. لكن أين الدور العربي في كل هذا؟ لم نره بعد!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيا وروسيا تلتقيان في سوريا ضد إيران والأكراد تركيا وروسيا تلتقيان في سوريا ضد إيران والأكراد



GMT 05:46 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

المشتبه بهم المعتادون وأسلوب جديد

GMT 05:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

هل يستطيع الحريري؟!

GMT 00:24 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الحديث عن زلازل قادمة غير صحيح

GMT 00:22 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الـقـدس .. «قــص والصــق» !

GMT 00:19 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد النظم وتحديث الدول

GMT 20:38 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

الهلال يتعاقد مع نجل الدولي السابق عبده عطيف

GMT 10:17 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

دون كيشوت" من أفضل 10 مطاعم في مصر

GMT 03:01 2018 الجمعة ,13 إبريل / نيسان

جورج وسوف يصرح "بشار الأسد مش هنلاقي أحسن منه"

GMT 00:52 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

كوسوفو مدينة جميلة اكتشفها أنت وعروسك خلال شهر العسل

GMT 19:55 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

تعلمي طريقة تكبير الشفايف بالمكياج في البيت

GMT 19:29 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

الرئيس محمود عباس يزور مركز الإحصاء الفلسطيني

GMT 01:14 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

طريقة اعداد التورتة على شكل الرمان

GMT 21:15 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

غاري نيفيل يكشف سر نجاح كريستيانو رونالدو

GMT 07:46 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

سايرس مثيرة في بدلة مستوحاة من ثياب القراصنة

GMT 13:53 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

الإعلامي عمرو الليثي يزور مستشفى أبو الريش للأطفال

GMT 19:58 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

دار "Bulgari" تكشف عن مجموعة من العقود المرصّعة بالأحجار الكريمة

GMT 14:45 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الألوان المبهجة تسيطر على ديكور الشتاء هذا الموسم

GMT 23:14 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي تؤكّد أنّ من يزرع الفن سيحصد العالمية
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq