كيف خسرت قطر أهم أسلحتها

كيف خسرت قطر أهم أسلحتها؟

كيف خسرت قطر أهم أسلحتها؟

 العراق اليوم -

كيف خسرت قطر أهم أسلحتها

بقلم : عبد الرحمن الراشد

الخلاف الحالي مع قطر هو وراء تجريدها من أسلحتها الرئيسيّة، وهي الإعلامية والمعلوماتية. الخلاف سرّع بفكرة السعي للسيطرة على المجتمع المعلوماتي الذي كان مسروقاً من تنظيمات إرهابية، مثل «القاعدة» و«داعش»، عدا عن حكومات «معادية»، مثل إيران وقطر، التي من أهدافها العليا إسقاط الأنظمة السياسية.

هذا ما حدث فعلاً. فقد تم إطلاق سيل من المواقع الرقمية، ومحطات تلفزيون إضافية، وجيوش إلكترونية مضادة لقطر وحلفائها من المتطرفين الإسلاميين، أحدثت تغييرات واسعة في منطقة النزاع نفسها، نلمسها الآن أكثر من أي عام مضى.

كانت السعودية من أسهل دول العالم في التأثير عليها من الخارج بسبب انتشار الهاتف الجوال والتلفزيون الفضائي المفتوح. للشخص ما معدله هاتفان، بعد أن كان لكل ثلاثة أشخاص هاتف واحد، حيث يوجد اليوم خمسون مليون هاتف نشط على وسائل التواصل. كان الوضع ملائماً لمن يخطط لتشكيل الرأي العام، ودون مقاومة تذكر.

ومخاطر تشكيل الرأي العام من جهات خارجية ليست خاصة بالأربع دول التي هي في حرب معلوماتية مع قطر، بل هي مشكلة حكومات العالم كله. وكبرت القضية بعد الاتهامات الأميركية لروسيا بالتدخل الإلكتروني في التأثير على الناخبين في انتخاباتها الرئاسية، وأنها تستهدف استقرار المجتمع. فإذا كانت أي قوة أجنبية تملك القدرة على تشكيل الرأي العام في دولة أخرى، فهذا يعني تلقائياً أنها قادرة، نظرياً، على إسقاط حكومتها، أو التأثير على قراراتها. وهي الدوافع التي كانت تكفي في الماضي لشن الحروب العسكرية.

في أزمة الخليج، الهدف اليوم استعادة الرأي العام المخطوف من الخصوم؛ قطر و«داعش»، وبقية أصحاب الأجندات المعادية التي هيمنت على الساحة.

هناك تطورات دولية مهمة. فبعد أن اكتشفت قيادات «المجتمع المعلوماتي» أن الحريات التي وفرتها التقنية للناس، استفادت منها أيضاً المجاميع الإرهابية والحكومات المعادية، تراجعت ووافقت على تسليم مفاتيحها. مكنت المؤسسات الرقابية في الحكومات المحلية من التعرف على مصادر المعلومات المنشورة على «تويتر» و«فيسبوك» وغيرهما. وصار بإمكانها اكتشاف طبيعة الحملات، إن كانت تلقائية عفوية أو مدبرة، والتعرف على أسراب الجيوش أو اللجان الإلكترونية، ومعرفة المتفاعلين معها، ومن يلتقي معها سياسياً وعلى أساسه تمت اعتقالات للناشطين الذين عملوا لصالح دول أجنبية. كانوا مجهولين في الماضي لكن ليس اليوم.

هذا بالنسبة لرصد النشاط الإلكتروني، أما السيطرة على المحتوى، الذي لا يزال عقبة رئيسية، فإن أهم تطور هو رضوخ كبار المهيمنين على السوق المعلوماتية في العالم، مثل «فيسبوك» و«تويتر» و«يوتيوب»، لمطالب الكونغرس الأميركي بالتعاون أخيراً، نتيجة الاتهامات الخطيرة الموجهة ضدهم. وقد سبق أن تحدثت عنه من قبل في مقال سابق http: / / aawsat.com / node / 1070766.

ولا يزال للتلفزيون، ووكالات الأنباء، والصحف الإلكترونية دور مهم بعد أن انتقلت تدريجياً لتكون جزءاً من إعلام التواصل الاجتماعي، ولا تزال أهم مزوّد له بالمحتوى. وآخر التطورات وضع الخدمات التلفزيونية تحت السيطرة، بتحولها إلى الهاتف والأطباق والألياف الضوئية في الدول «المنضبطة»، مثل الإمارات، وكذلك قطر، حيث استطاعت هذه الحكومات استعادة إدارة مجتمعاتها إلى حد كبير. ولا تكتفي بعملية المنع بل توفر خدمات بديلة مماثلة حتى لا تدفع ملايين المشاهدين للجوء إلى وسائط «البروكسيز» لفك الحظر لمطالعة وسائل الإعلام الممنوعة، وهي المشكلة التي تعاني منها إيران.

لهذا فإن كثيراً مما هو على النت والتواصل هو من إنتاج الجيوش الإلكترونية. السؤال: هل هي جيوشنا أم جيوشهم؟ ومن الأقدر على الإقناع؟ كان الفضاء يدار من جماعات قليلة تلاشت هيمنتها الأحادية، وعلى رأسها حسابات قطر، وحليفتها جيوش جماعة الإخوان المسلمين.

أعلى درجات الحرب كانت في الأشهر الستة الماضية، عندما أمطر الطرفان بعضهما بالمعلومات والصور والأخبار الكاذبة والصادقة. النتيجة خسارة كبيرة لقطر التي كانت تقول إنها هي التي أخرجت التوانسة والمصريين من بيوتهم للاحتجاج وأسقطت أنظمتهم في عام 2011. هذه المرة النتيجة معاكسة، حكومة قطر هي التي تأذت من خصومها، حتى القبائل القطرية المعارضة لها، شنت حملات ضدها، إضافة إلى ظهور قطريين ضد نظامهم لأول مرة يعبرون وبصوت عالٍ.

في رأيي أن مرحلة الفضاء الإلكتروني الحر وظاهرة الغزو الخارجي من خلاله توشك على الانقراض.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف خسرت قطر أهم أسلحتها كيف خسرت قطر أهم أسلحتها



GMT 19:06 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تركيا واستنساخ إيران

GMT 09:26 2020 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

عبدالرحمن الراشد يكتب: هل ننتظر الرئيس الأمريكى؟!

GMT 10:34 2020 الأربعاء ,02 أيلول / سبتمبر

خواطر مع الطائرة الإسرائيلية

GMT 16:43 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

إنتخابات أميركا والفراغ في المنطقة

GMT 08:28 2020 الأربعاء ,19 آب / أغسطس

اغتيال الحريري مدخل حروب إيران

GMT 01:25 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار متجددة وراقية لديكورات مداخل حفلات الزفاف

GMT 02:14 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة سيريفوس في سيكلاديز من أفضل جزر اليونان

GMT 21:26 2019 السبت ,10 آب / أغسطس

تعرفي علي مكونتات أغلى عطر في العالم

GMT 21:13 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

ناصر الخليفي يضع زين الدين زيدان على رأس قائمة المدربين

GMT 00:38 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

منال سلامة تقدم شخصية شريرة في " عائلة الحاج نعمان "

GMT 19:46 2019 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ختام النسخة 11 لمهرجان منصور بن زايد للخيول العربية الأصيلة

GMT 09:36 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

شركة هيونداي تعلن طرح سوناتا 2018 بمواصفات مذهلة

GMT 02:53 2017 الثلاثاء ,04 تموز / يوليو

العلماء يخترعون ستائر تخزن الطاقة الشمسية

GMT 13:43 2019 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

"Jacquemus" تكشف عن حقائب صغيرة ليس كالتي نتخيلها

GMT 15:15 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

تدريبات خاصة للاعبي يد النادي الأهلي المصري الدوليين

GMT 21:42 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة إعداد كرات الشوكولاتة بجوز الهند والشوفان

GMT 20:06 2016 الأربعاء ,22 حزيران / يونيو

لاعب "الريان" القطري حامد اسماعيل يتعرَّض لحادث سير

GMT 11:12 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

المصمم نجا سعادة من عالم الطبّ إلى تصميم الأزياء
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq