دبلوماسية السجناء بين الأتراك والأميركان

دبلوماسية السجناء بين الأتراك والأميركان

دبلوماسية السجناء بين الأتراك والأميركان

 العراق اليوم -

دبلوماسية السجناء بين الأتراك والأميركان

بقلم : عبد الرحمن الراشد

هناك نحو 18 أميركياً في سجون تركيا، وفي المقابل، وفي أحد سجون أميركا يقبع مسؤول مصرفي تركي كبير تتهمه واشنطن بعملية غسل أموال إيرانية. وفي الشهر الماضي حذّر الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونائبه، كلٌّ منهما في تغريدة له، بفرض عقوبات اقتصادية على تركيا ما لم تطلق سراح القس المسجون عندها.

ورغم الخلافات إلا أن هذا لم يمنع ترمب من التوسط لدى إسرائيل وإطلاق سراح تركية اتهمت بإيصال أموال لحركة «حماس»، الأمر الذي لم يعجب الصحافة الإسرائيلية فاتهمت نتنياهو بأنه رضخ لطلب ترمب عندما كلمه هاتفياً في يوم 14 يوليو (تموز) الماضي، وفِي يوم 16 أطلق سراح المتهمة التركية وسمح لها بالسفر من دون مقابل. والفصل الأكثر إثارة في أزمة المساجين إسقاط واشنطن الأحكام والإفراج عن 11 من حراس إردوغان الذين اتهموا بضرب المتظاهرين خلال زيارته لواشنطن في مايو (أيار) الماضي.

ويبقى المطلوب الأول تركياً، الشيخ فتح الله غولن الذي تريد الحكومة التركية من واشنطن تسليمه لها، وحالياً يقيم في ولاية بنسلفانيا. المتهم بتدبير محاولة الانقلاب، غولن، هو زعيم جماعة إسلامية مماثلة لـ«الإخوان المسلمين»، كانت حليفة للحزب الحاكم حتى اختلفا في الآونة الأخيرة.

الدبلوماسية في أزمة ولا تخرج أزمة المساجين المؤقتة عن خلافات أعمق وأكثر استراتيجية، كمشتريات تركيا من صفقة طائرات متقدمة F35، فالبيت الأبيض، رداً على غزل الأتراك للروس لشراء منظومة صواريخ S400، وضع شرطاً صعباً على الصفقة، ولا يزال على خلاف حول الحل في سوريا.
لم أرَ علاقات تزداد تعقيداً مثل الأميركية التركية، مع أنه يفترض أن تكون سهلة بحكم رابطة حلف الناتو الذي يجمع بينهما. الخلافات المؤقتة يمكن أن تحل بسهولة، خصوصاً منذ أن صار إردوغان حاكماً بصلاحيات واسعة، بعد التعديلات الدستورية، التي لم يحظ بمثلها أي زعيم تركي منذ زمن الحكم العسكري.
وموقف أنقرة، برفضها إطلاق سراح القس الأميركي، مفيد للرئاسة الأميركية في حملتها الانتخابية، التي تعهدت لناخبيها من المتشددين الإنجيليين بأنها لن تسكت عن تركيا حتى تطلق سراحه. وحتى عندما قدمت السلطات التركية تنازلات محدودة، حيث نقلت القس السجين من الحبس ووضعته في منزل تحت الرقابة، جاء الرد على «تويتر» من الرئيس الأميركي، وكذلك من نائبه الذي قلما نسمع صوته في خلافات العلاقات الدولية، وحذر الاثنان، تركيا، من عقوبات اقتصادية كبيرة إن لم تطلق سراحه. والأزمة التركية مؤهلة لأن تتطور وتكون جزءاً من الحملة الانتخابية النيابية التي تجرى في نوفمبر (تشرين الثاني)، أي أن الثلاثة الأشهر المقبلة قد تشهد المزيد من العقوبات الأميركية الموجهة ضد الاقتصاد التركي الذي يعتمد بشكل كبير في تجارته على الغرب. وزادت العلاقات الدبلوماسية تعقيداً معاقبة الأميركيين لوزيرين تركيين بوضعهما على قائمة العقوبات، وتم تجميد حساباتهما في أميركا. وربما يساوم الأتراك في سبيل إطلاق سراح مصرفي تركي كبير في واشنطن مقابل القس الإنجيلي الذي أفرج عنه ويعيش تحت الإقامة الجبرية في أزمير.
المصرفي المسجون، محمد هاكان أتيلا، كان يشغل نائب رئيس بنك «خلق» المملوك للحكومة، يقضي مدة محكوميته ثلاث سنوات في الحبس الأميركي بتهمة غسل أموال إيرانية، والمشكلة الأكبر لتركيا عزم واشنطن على إيقاع غرامة ضخمة بمليارات الدولارات على البنك، الذي سيشوه سمعته ويهدد نشاطاته.
هذه نتيجة العلاقة المتأزمة بين واشنطن وأنقرة. وقد فقد الأتراك أهم صديقين لهم في الحكومة الأميركية، مايكل فلين مستشار الأمن القومي، واستقال في فضيحة مرتبطة بتلقي أموال من تركيا، والثاني تيلرسون، وزير الخارجية المقرب من قطر، حليفة تركيا الذي استقال هو الآخر.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
 المصدر :جريدة الشرق الأوسط

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دبلوماسية السجناء بين الأتراك والأميركان دبلوماسية السجناء بين الأتراك والأميركان



GMT 04:55 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

السباق على استعمار القمر

GMT 04:46 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

نتانياهو متهم والولايات المتحدة تؤيده

GMT 04:40 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

فى حياته.. ومماته!

GMT 13:45 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلام والدولة.. الصحافة الورقية تعاني فهل مِن منقذ؟!

GMT 06:59 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

"الدانتيل" لديكور مذهل في حفل زفافك

GMT 00:21 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

مروان حامد مخرج أول أفلام سلسلة "رجل المستحيل"

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

كم يوم عمل تحتاجه لشراء هاتف أيفون X ؟

GMT 22:44 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العكايشي يقود الاتحاد إلى التعادل في مباراة الفيصلي

GMT 17:22 2013 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

مقتل وإصابة 30 شخصًا في انفجار عبوة ناسفة بمحافظة ديالي

GMT 22:18 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مشاركة عربية قياسية في نهائيات أمم أفريقيا 2019

GMT 07:10 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

نقوش الحيوانات أحدث إطلالة لمواكبة موضة خريف 2018

GMT 16:29 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

كريم هنداوي أفضل لاعب في بطولة كأس تركيا لليد

GMT 00:42 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

سعر الريال السعودي مقابل دينار كويتي الاثنين

GMT 02:19 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

أفغان يعلنون دفن ضحايا ضربة جوية نفذّتها الحكومة

GMT 08:34 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

مرسيدس C43 AMG 4Matic عائلية من الدرجة الأولى

GMT 09:55 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

كليب وقفة ناصية زمان لأحمد مكي يتصدر قائمة top tracks مصر

GMT 20:56 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

هيدي بفستان مثير في العيد الـ20 لمدينة الإنتاج الإعلامي

GMT 21:29 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

هيونداي تخطط لإطلاق سيارتها ذاتية القيادة بحلول 2021
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq