كورونا الصين ونظام الأسد

كورونا الصين ونظام الأسد

كورونا الصين ونظام الأسد

 العراق اليوم -

كورونا الصين ونظام الأسد

بقلم : فايز ساره
بقلم : فايز ساره

يندر أن تخلو نشرة أخبار أو صحيفة يومية من أخبار وتقارير وتحليلات، تتصل بهجمة فيروس كورونا، والأمر في هذا مرشح للتصاعد وسط أمل تعزيز قدرة العالم بدوله ومنظماته على محاصرة الفيروس قبل أن يتحول إلى وباء يفتك بالعالم، ويغير إذا وصل إلى مستوى معين كثيراً من معطيات العالم الواقعية، ويبدل احتمالات يتوافق قسم كبير من العالم على إمكانية تحققها، خاصة أن الفيروس قد أكد حضوره في أكثر من ستين بلداً عبر العالم، والعدد مرشح للزيادة.
خطر كورونا الذي يستنفر العالم ضده قائم على وقائع. بين أبرز الوقائع إصابته عشرات آلاف من الناس، وقتله آلافاً من بشر أبرياء، وتهديده ملايين آخرين، وفي الوقائع أيضا أنه سبب تقطيع أوصال بعض البلدان التي حل فيها، كما قطع التواصل بين بلدان عبر إغلاق المعابر ووقف رحلات الطيران من وإلى، وإغلاق الحدود البرية مما يعني وقف تدفق الأشخاص والبضائع، وأوقع كثيراً من الخسائر في دول العالم؛ نتيجة تعطل عمليات إنتاجية وخدمية، وكلها تضاف إلى ما تم دفعه لمواجهته من أموال طائلة.
وإذا كانت أخطار كورونا في وقائعه الحالية بالقسوة المشار إليها، فإن أخطاره المحتملة، تبدو أكثر بكثير، وستكلف العالم ودوله ولا سيما الفقيرة منها كثيراً من الضحايا والخسائر، وسيكون من نتائجه إذا استفحل أن يطيح بدول، ويدمر اقتصادات، وأن يحول العالم إلى معازل، بل ربما تصير المعازل واقعاً في داخل بعض الدول.
وسط الوقائع والاحتمالات، يبدو خطر كورونا جدياً، لكن ثمة معطيات تخفف من احتمالات الخطر. أول المعطيات يتمثل في الهبّة العالمية لمكافحة الفيروس، والسعي للتغلب عليه، ليس في مواجهة تسلله إلى أماكن وأشخاص جدد فقط، بل من خلال معالجة المصابين والمرضى، والأهم من ذلك في تسريع الجهود والأبحاث للوصول إلى أدوية وإجراءات جدية، تسبقه عبر الوصول إلى لقاح يمنع الإصابة به، أو تخفيف أثرها على الأقل، مما يعكس أملاً عالمياً في الوصول إلى نتائج إيجابية للجهد المتعدد في التغلب على الفيروس، وهزيمته.
وحدة العالم وجهده في مواجهة كورونا، تبدو قوية، وتتجه للتصاعد مقابل ضعف اهتمام عالمي، وتدهور في الجهود الدولية والإقليمية لمواجهة نظام الأسد وسياساته، التي فاقت كل الجائحات، التي هددت العالم في السنوات العشر الأخيرة من خلال ما سببه من نتائج مدمرة، تجاوزت حدود سوريا وشعبها إلى المحيط الإقليمي، ووصلت إلى أنحاء مختلفة من العالم، إضافة إلى احتمالاته الكارثية، التي تفوق هي الأخرى احتمالات أخطار كورونا، والأهم من الاثنتين السابقتين، هو أن نظام الأسد مع تطاول زمن بقائه، إنما يصبح أكثر استعصاءً، بخلاف ما هو عليه كورونا الذي يقدم مرورُ الزمن فرصاً أفضل للقضاء عليه.
قتل نظام الأسد في السنوات التسع الماضية أكثر من مليون شخص، وجرح أكثر من ضعفهم، واعتقل وأخفى مئات آلاف الأشخاص، وقتل منهم تحت التعذيب عشرات الآلاف، وهجّر نحو عشرة ملايين من السكان إلى دول الجوار ومختلف دول العالم الأخرى، ودمر القدرات المادية لأغلب السوريين، وأدخلهم نفق الفقر والجوع والمرض، شاملاً بذلك «المحايدين في الصراع» وصولاً إلى قطاع كبير من مؤيديه، وتسبب في تفاقم أوضاع بلدان مجاورة، أُجبرت على استقبال ملايين اللاجئين، وخلق مشاكل إقليمية ودولية حول غوث اللاجئين، جعلت الدول تعجز عن تقديم ما يكفي من مال ومساعدات عينية لأكبر موجة لجوء عرفها العالم، وتسببت سياسة النظام في ولادة وتمدد جماعات التطرف والإرهاب، وزيادة مخاوف العالم منها.
إن تكثيف تلك السياسة ونتائجها، يمكن رؤيته في خلاصات ما حدث في الشهرين الماضيين في منطقة إدلب وجوارها، حيث اندفع تحالف الأسد مع روسيا وإيران والميليشيات لحشد قواتهم والهجوم على إدلب ومحيطها بالتركيز على استخدام مشترك للقوة الجوية الروسية مع طيران الأسد لإحراق المنطقة، وقتل ما استطاعوا من سكانها، حيث تم تدمير الكثير من قرى ومدن المنطقة مع مرافقها الخدمية والصحية، وتهجير نحو مليون من سكانها باتجاه الحدود المغلقة مع تركيا، ليسكنوا في العراء وتحت الأشجار وسط ظروف الشتاء وما يلازمه من البرد الشديد، ووقف خط المساعدات الدولية بسبب الحرب، بدل أن تتم مضاعفة المساعدات لمواجهة ظروف الحرب والتخفيف من نتائجها، وخاصة على الفئات الضعيفة من النساء والأطفال.
ولأن تعامل العالم بإهمال وعدم مبالاة مع مجريات ونتائج حرب النظام وحلفائه الجارية في إدلب ومحيطه وتأثيراتها على السوريين، فإن لم يستطع إغلاق عيونه عما سببته الحرب من نزاع بين طرفي آستانة روسيا وتركيا، والذي يضع المنطقة والعالم أمام احتمالات حرب يمكن أن تصبح حرباً عالمية مدمرة، وهو احتمال كان العالم قد واجهه في العام 2015 في أعقاب قيام تركيا بإسقاط مقاتلة روسية في الأراضي السورية.
إن العالم وهو ينهض في وجه كورونا، ويحاول مواجهته وهزيمته بدواعي خطره على العالم، يُفترض أن ينتبه إلى ما هو أخطر منه، ممثلاً بنظام الأسد، بما يعنيه من خطر ممتد ومتصاعد من مارس (آذار) 2011، وقد تم تجاهله لأسباب تتعلق بمصالح ضيقة لهذه الدولة أو تلك، وبسبب تخلي بعض الدول الكبرى عن مسؤولياتها السياسية والأخلاقية، ونتيجة عدم رغبة بعضها تحمل أي تكلفة سياسية أو مادية تترتب على إسقاط نظام الأسد.
لقد بات على العالم وهو ينهض مجتمعاً في مواجهة كورونا، أن يوحد جهوده وينهض في مواجهة نظام الأسد وحلفائه الذين يستمرون في عمليات القتل والتهجير للسوريين، ويواصلون استنزاف طاقة وقدرات العالم، ويجددون فرص الحرب الأوسع والمتعددة الأطراف، التي تضع العالم أمام حرب عالمية، يمكن أن تندلع بسبب ما أو نتيجة خطأ يقع هنا أو هناك.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كورونا الصين ونظام الأسد كورونا الصين ونظام الأسد



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

GMT 19:27 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الأضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 22:38 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 21:59 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تحمل إليك الأيام المقبلة تأثيرات ثقيلة

GMT 21:46 2020 الأحد ,12 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:02 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 23:42 2018 الخميس ,10 أيار / مايو

"أحد" يعلن تعاقده مع لاعب هارون عيسى

GMT 18:04 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

مواطن يعثر على أمه بعد 43 عامًا

GMT 16:26 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

عرض أولى حلقات الموسم الثاني من برنامج "ذا فويس كيدز" السبت

GMT 23:07 2017 الثلاثاء ,21 شباط / فبراير

بكاء أطفال الجيران اليومي

GMT 16:16 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تطويل الشعر بوقت قياسي قبل زفافك

GMT 08:24 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

إليسا تعيد ارتداء تصميم ظهرت به الملكة رانيا قبل عامين

GMT 15:20 2019 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 10:24 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

دينا تظهر بإطلالة بيضاء عبر "إنستغرام" عقب تعرّضها للانتقاد

GMT 21:20 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

انتحار فتاة عقب زواجها بـ 10 أيام فقط في منطقة مصر القديمة

GMT 06:50 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

تعرف على أكثر الجسور جاذبية وشهرة حول العالم

GMT 13:22 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

نفوق حيوان بحري من نوع الحوت الأحدب في شاطئ القحمة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon
iraq, iraq, iraq