لبنان الشعب الذي قال اليوم لا لزعماء الطائفية

لبنان الشعب الذي قال اليوم لا لزعماء الطائفية

لبنان الشعب الذي قال اليوم لا لزعماء الطائفية

 العراق اليوم -

لبنان الشعب الذي قال اليوم لا لزعماء الطائفية

الكاتبة ريما شهاب
بقلم : ريما شهاب

قال أحدهم " إن الاحلام  تُصبح أكثر خطورة عندما تكون أحلاماً بسيطة". الليلة في الحادي العاشر على بدء ثورة ١٧ تشرين الأول أكتوبر 2019،*وبينما كنت أتجول بالسيارة في شوارع بيروت،توجهت من منزلي القريب من منطقة السوديكو نحو شارع كليمنصو في منطقة الحمرا حيث مدرستي القديمة. كنت أسير وأنا أراقب الناس في الشوارع ومخيلتي رفيقة دربي، أتذكر أيام الطفولة فأجدني أصعد صباحاً في الباص أبتسم كعادتي للعم علي السائق الذي جعلني أغرم بشارل ازنافور واغنيته la bohême الشهيرة،ثم وصلت إلى باب المدرسة وشعرت لوهلة أني اسمع صراخ التلاميذ وهم يتدافعون للدخول قبل رنين الجرس كي لا توبخهم soeur Marie Therese.   فجأة رأيتني أدخل باب المنزل عائدة من المدرسة لأقابل وجه جدتي الطيب تضحك لرؤيتي مسرعة نحو الجارور حيث تخبئ لي يومياً ما اشترته من شوكولا و حلويات. في تلك الأيام كنا لا نزال نعيش في ظل حرب أهلية صعبة وكان السلام والأمن والدولة حلماً بعيداً، لكننا كنا صغاراً ولم نفهم من الحرب سوى أصوات الرصاص والقذائف التي كانت تخفينا.بعدها كبرنا قليلا. بدءنا ندرك أن الحرب هي بين أحزاب ومجموعات طائفية وهي سبب انقسام البلد لشقيه المسلم والمسيحي وبيروت إلى بيروت الغربية وبيروت الشرقية. وفي يوم أتوا واخبرونا أن الحرب قد انتهت و أن حلم السلام والأمان والدولة بات ممكناً ففرحنا لكن ما لبثنا أن علمنا أن الحرب انتهت بقانون عفو عام سمح لنفس الأحزاب التي سببت الحرب وقتلت الأبرياء ودمرت الوطن بالعودة إلى السلطة والتحكم بالبشر والحجر.   وبيروت في تلك الفترة بدأت تفقد شيئاً فشيئاً بريقها الذي كان يشع رغم الحرب العبثية. كنت أريد أن أصرخ عالياً " أعيدوا لي مدينتي" فقد أصبح قسما كبيرا منها عبارة عن شوارع و مباني فارهة خالية من الروح، بدأت اشتاق لبيروت الشوارع الجميلة ببساطتها، لبيوتها القرميدية التي تحيطها أشجار الياسمين، لمقاهيها حيث الكراسي الخشبية وضحكات المجتمعين. يومها أذكر أني كتبت: بيروت هذا المساء غريبة تبحث عن أصولها تائهة في جفون لا تعرفها بيروت ما بعد اعمارها دُفنت روحها و شُيّدت جسداً لا يفقه تاريخها   أما بعد وفي العام ٢٠٠٠، الحدث الايجابي العظيم الذي احتل الذاكرة "تحرير الجنوب وبلدتي حاصبيا من الاحتلال الاسرائيلي" وكان شعور الفخر والكرامة يعمّ البلد. إلى أن أتى العام ٢٠٠٥ واستشهاد الرئيس رفيق الحريري، فانتقل لبنان لمرحلة مختلفة شديدة الانقسامات المذهبية استمرت إلى اليوم حاملة معها الشعور بالحسرة على رؤية البلد يتدهور أكثر فأكثر. أحياناً تحزنني فكرة بقائي هنا وعدم مغادرتي في سن مبكر لأن اي فرد منا وإن كان يدمن وطنه، سيصل إلى مرحلة عمرية أكثر ما يحتاج فيها هو الشعور بالاستقرار والأمان و اعترف لم يقدم لي وطني إلى اليوم هذه الضروريات لأسباب قد يكون احدها جغرافيته الصعبة واطماع اسرائيل بالأرض وقد يكون ان من تعاقبوا على السلطة فيه جعلوه مجرد وسيلة لصفقات و رفاهية خاصة، لم يحبوه كما يستحق ولم يخلصوا له ولا لشعبه. • من حوالي الشهر تقريباً كتبت نصاً بعنوان ( أحب وطني ولست معجبة بشعبه) لشعوري بأن الشعب رغم كل ما حل به خلال ٣٠ عام، لم ينتفض بوجه من سرقوا سنين عمره و دمروا أحلامه ومستقبل أجياله. اعتقدته خنوعا بلا عصب أو نبض. لكنه في ١٧ تشرين فاجأني، رأيت صورة مختلفة زاهية لشعب واعي حرّ يرفض الظلم والظلام المزروعين في الوطن من شماله إلى جنوبه. شعب بدأ يتحرر من فكرة الزعيم و الطائفة ويطالب بنظام مدني. وبالمقابل رأيت نسخاً متشابهة لمن جعلهم لسنوات زعماء لانقسامه حيث توحدوا كلاماً وفعلاً ضد تحرر الشعب من جبروت سطوتهم و السبب هو أن وعي الشعب يخيفهم. وفي طريق عودتي أجمل ما رأيت الآلاف يحملون أعلاما لبنانية ويهتفون "اذا كان زعيمك خطا أحمر فوطنك خطين". اليوم عدت واقتنعت أن حلم الدولة وشيك وسيكون وإن تأخر الموعد.   *كاتبة وأديبة لبنانية

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان الشعب الذي قال اليوم لا لزعماء الطائفية لبنان الشعب الذي قال اليوم لا لزعماء الطائفية



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

GMT 19:27 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الأضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 22:38 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 21:59 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تحمل إليك الأيام المقبلة تأثيرات ثقيلة

GMT 21:46 2020 الأحد ,12 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:02 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 23:42 2018 الخميس ,10 أيار / مايو

"أحد" يعلن تعاقده مع لاعب هارون عيسى

GMT 18:04 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

مواطن يعثر على أمه بعد 43 عامًا

GMT 16:26 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

عرض أولى حلقات الموسم الثاني من برنامج "ذا فويس كيدز" السبت

GMT 23:07 2017 الثلاثاء ,21 شباط / فبراير

بكاء أطفال الجيران اليومي

GMT 16:16 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تطويل الشعر بوقت قياسي قبل زفافك

GMT 08:24 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

إليسا تعيد ارتداء تصميم ظهرت به الملكة رانيا قبل عامين
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon
iraq, iraq, iraq