بدأت مع امرئ القيس

بدأت مع امرئ القيس

بدأت مع امرئ القيس

 العراق اليوم -

بدأت مع امرئ القيس

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

يبدأ منهج دراسة الأدب العربي في المدارس - كما هو متوقع - بالمرحلة الجاهلية. ومن الشعر الجاهلي يبدأ بامرئ القيس. ومن امرئ القيس نبدأ بأرق ما عنده: قفا نبكِ. وما نزال. كيفما تلفت في عصورنا المشهد واحد: بكاء وأطلال. من أطلال هند ببرقة تهمد إلى أطلال إبراهيم ناجي، الذي قلب القاعدة وجعل أجمل الشعر أحزنه، لا أكذبه. و... يا فؤادي رحم الله الهوى/ كان صرحاً من خيالٍ فهوى.

أخذنا أحزاننا معنا إلى الأندلس، فأبدعوها بـ«الفلامنكو» ومواويل الأسية. وأخذناها إلى البرتغال، فحولوها إلى «الفادو»، واسيبك للزمن، أو كما غنى النجم الشاب محمد عبد الوهاب «أيها الراقدون تحت التراب».

أكبر علمائنا، سيدي ومولاي، ابن خلدون، كان أكثر الناس تشاؤماً. وكذلك كان صديقه ابن الخطيب. وبعدما فقد ابن خلدون والديه في الطاعون، لم يعد يرى أمامه سوى «الموت الأسود». ونهايات لكل شيء. وكان مولانا أحياناً على خطأ برغم كل علومه.

ما من عصر من عصورنا إلا غلبه الحزن. بدأت فيروز محاولة كسر الأسى الغنائي، ثم اكتشفت أن «عتاب» هي قمة الحزن. والاكتشاف الأقسى كان أن الناس طاب لها البكاء على إيقاع «عتاب»، فصارت أكثر أغانيها شعبية. ولم تفرح الناس كثيراً عندما غنت «تك تك تك يا أم سليمان»، أو «يا مرسال المراسيل». واعتبرنا أن كل أغنية مفرحة مجرد طقطوقة لا تليق.

وعندما انتقلنا من عصر الشعر إلى عصر الرواية، سبقنا الحزن إليها. وذات مرة سألتُ فاتن حمامة عن أحب أفلامها إليها، فأبدت تضايقها، لأنني لم أكن أعرف أنه «دعاء الكروان»، وبعده «عمال التراحيل». إلا من أعمال قليلة، كانت روايات القرن الماضي، حزناً وأسى. وخالف المسرح والسينما هذا التيار فأضحكا حتى انقلبت الناس على ظهورها. وصار المشاهدون يخرجون من الدور حمر العيون من دموع الضحك. وانكسر طوفان الأسى وانخسر فيضانه مع جبابرة من طراز نجيب الريحاني وسمير غانم ومحمد خيري وتوفيق الدقن وفؤاد المهندس و«الزعيم» عادل إمام.

والآن، نحن في كآبة «كورونا» ورعبها. وصِلة الصداقات الهاتف وحده. وكلما سألت صديقاً «كيف الحال» تذمر وعتب «أي حال؟ مش شايف كيف الحال؟». وتشعر بالذنب كأنك أنت المسؤول عن وقوع العالم في هذه القبضة الجهنمية. لكن هل من صيغة أخرى للاطمئنان؟ أفيدونا وطمنونا عنكم.

 

من دون «كورونا» كنا نحن الشعب الذي يطرب لأغانٍ مثل «دمعة على خد الزمن ودمعة على خدي». أو لعبد الوهاب متمرداً «لا مش أنا إل أبكي». وحينما تباهى أبو فراس الحمداني بجبروته قال «أراك عصي الدمع» تاركاً جارته الحمامة تنوح عنه.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بدأت مع امرئ القيس بدأت مع امرئ القيس



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

GMT 20:38 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

الهلال يتعاقد مع نجل الدولي السابق عبده عطيف

GMT 10:17 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

دون كيشوت" من أفضل 10 مطاعم في مصر

GMT 03:01 2018 الجمعة ,13 إبريل / نيسان

جورج وسوف يصرح "بشار الأسد مش هنلاقي أحسن منه"

GMT 00:52 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

كوسوفو مدينة جميلة اكتشفها أنت وعروسك خلال شهر العسل

GMT 19:55 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

تعلمي طريقة تكبير الشفايف بالمكياج في البيت

GMT 19:29 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

الرئيس محمود عباس يزور مركز الإحصاء الفلسطيني

GMT 01:14 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

طريقة اعداد التورتة على شكل الرمان

GMT 21:15 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

غاري نيفيل يكشف سر نجاح كريستيانو رونالدو

GMT 07:46 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

سايرس مثيرة في بدلة مستوحاة من ثياب القراصنة

GMT 13:53 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

الإعلامي عمرو الليثي يزور مستشفى أبو الريش للأطفال

GMT 19:58 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

دار "Bulgari" تكشف عن مجموعة من العقود المرصّعة بالأحجار الكريمة

GMT 14:45 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الألوان المبهجة تسيطر على ديكور الشتاء هذا الموسم

GMT 23:14 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي تؤكّد أنّ من يزرع الفن سيحصد العالمية
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq