الطاعون والكوليرا

الطاعون والكوليرا

الطاعون والكوليرا

 العراق اليوم -

الطاعون والكوليرا

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

عندما تأكد للعالم أن جائحة «كورونا» حقيقة سوف تطول، أخذ الناس في العودة إلى تاريخ ومشاهد الأوبئة الماضية. وفي فرنسا وحدها أعيد طبع ملايين النسخ من رواية ألبير كامو «الطاعون»، التي منح عليها نوبل الآداب عام 1957، وعلى نطاق أقل بكثير أعيد طبع رواية «الحب في زمن الكوليرا» للكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز الذي مُنح نوبل 1967 على روايته «مائة عام من العزلة». تدور «الطاعون» في مدينة وهران الجزائرية، مولد كامو، أما «الحب في زمن الكوليرا» فتدور في مدينة متخيلة، كعادة ماركيز، على البحر الكاريبي. في رواية كامو، الطاعون، هو البطل. هو الذي يحرك الأحداث والناس والإطار. أما الكوليرا في رواية ماركيز فهي ليست سوى مسرح تاريخي شاهد على أحداث رومانسية جرت في وقته، أي حوالي نهايات القرن التاسع عشر، كما يُفهم من النص، عندما تبدأ السيارات في الحلول محل عربات الخيل، وتبدأ رحلات المناطيد في سماء المدينة الشديدة القيظ، المليئة بالمستنقعات وحشراتها، وأيضاً بائعات الهوى، كما هي جميع مدن ماركيز. إنهن عنصر أساسي في روايات ماركيز، غالباً من دون أي ضرورة أو مبرر، وغالباً في تكرار واضح.
مع اشتداد جائحة «كورونا» وتماديها وتفاقمها، عدت مثل غيري إلى قراءة «الطاعون» و«الكوليرا». عمل كامو كنت قد قرأته لا أدري كم مرة عبر السنين. رواية «الكوليرا» كنت قد قرأتها مرة واحدة من دون أن أكملها. لا أذكر السبب. لكن العمل الذي لا تحرص على استكماله، معناه أنه لم يرُق لك.
كيف ولماذا أقرأ جميع أعمال ماركيز، مرتين على الأقل، ويكون هذا شعوري تجاه «الكوليرا». عدت قبل فترة إلى قراءة قصة الدكتور أوربينو وزوجته فيرمينا في تلك المدينة النهرية الحارة المليئة بالحب والخلاسيات، وتمر بمينائها المزدحم أحياناً سفينة ترفع العلم الأصفر، مما يعني أنها تنقل ركاباً مصابين بالوباء. قرأتها بشغف وإعجاب مع استعادة بعض الفصول، أو الصفحات. وكان في ذهني، من دون تقصد، نوع من المقارنة مع كامو، وحتى مع الرواية الروسية. ولنقل إنه مجرد رأي شخصي في زاوية صغيرة وليس في بحث مقارن.
أعتقد أن ماركيز سيد التفاصيل، سيد المخيلات، سيد الحبكة والحياكة والتطريز ونبل المخيلات. أو المسيسيبي، أو الأمازون. لا أذكر أنني مررت في تجربة مماثلة من الدهشة والمفاجأة منذ زمن طويل. هذا عامل مناجم مذهل ومنقِّب نفوس عبقري. تتحول بعض التفاصيل في «الكوليرا» إلى أحداث عندما تتساءل كيف عثر هذا الكولومبي على تلك التفاصيل، وكم وأين بحث عنها، وكيف استعادها وكيف نظّم سردها، وكم من الوقت أمضى في ترصيع البساطة. العبقرية ليست في متناول الجميع، لكن بعض درجاتها يفوق ما اعتدنا عليه. ليس من دون حقيقة يصبح الكاتب عالمياً، وبسببه يصبح الأدب اللاتيني مرآة ساطعة في آداب العالم.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطاعون والكوليرا الطاعون والكوليرا



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

GMT 20:38 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

الهلال يتعاقد مع نجل الدولي السابق عبده عطيف

GMT 10:17 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

دون كيشوت" من أفضل 10 مطاعم في مصر

GMT 03:01 2018 الجمعة ,13 إبريل / نيسان

جورج وسوف يصرح "بشار الأسد مش هنلاقي أحسن منه"

GMT 00:52 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

كوسوفو مدينة جميلة اكتشفها أنت وعروسك خلال شهر العسل

GMT 19:55 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

تعلمي طريقة تكبير الشفايف بالمكياج في البيت

GMT 19:29 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

الرئيس محمود عباس يزور مركز الإحصاء الفلسطيني

GMT 01:14 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

طريقة اعداد التورتة على شكل الرمان

GMT 21:15 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

غاري نيفيل يكشف سر نجاح كريستيانو رونالدو

GMT 07:46 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

سايرس مثيرة في بدلة مستوحاة من ثياب القراصنة

GMT 13:53 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

الإعلامي عمرو الليثي يزور مستشفى أبو الريش للأطفال

GMT 19:58 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

دار "Bulgari" تكشف عن مجموعة من العقود المرصّعة بالأحجار الكريمة

GMT 14:45 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الألوان المبهجة تسيطر على ديكور الشتاء هذا الموسم

GMT 23:14 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي تؤكّد أنّ من يزرع الفن سيحصد العالمية
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq