طفولة في الغابة

طفولة في الغابة

طفولة في الغابة

 العراق اليوم -

طفولة في الغابة

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

«إلى كبار عائلة ثيونغو: كيمونيا، ندوكو، موكوما، وانجيكو، نجوكي، بجورن، مومبي، ثيونغوك، والعمة نجينا، متأملاً أن يقرأ أولادكم مذكراتي هذه، وأن يعلموا ما ينبغي لهم العلم به بشأن جدتهم العظيمة وانجيكا، وكذلك عمهم العظيم والاس موانغي، وعن الدور الذي نهض به الاثنان في تشكيل أحلامنا». هؤلاء هم المفضلون من عائلة الكاتب الكيني نغوغي ثيونغو، الذين خصهم بإهداء إحدى أجمل المذكرات الأدبية التي اطلعت عليها. أما العائلة نفسها فكانت مؤلفة من والده وزوجاته الأربع وأبنائه الأربعة والعشرين. تدور طفولة نغوغي (1938) في جو أفريقي مليء بسحر الطبيعة وسحر الخرافات: «ذكرياتي المبكرة عن منزلنا تحوي صوراً عن فناء فسيح وخمسة أكواخ مشيدة على قوس نصف دائري. كان أحد هذه الأكواخ يعود لوالدي، واعتادت الماعز أن تشاركنا النوم فيه ليلاً، وكان كوخ والدي يمثل الكوخ الرئيسي في المجموعة، لا بسبب عظم حجمه؛ بل لأنه أقيم على مسافات متساوية من الأكواخ الأربعة الأخرى، وكان مثل هذا الكوخ يدعى (ثينغيرا)، وكانت العادة المتبعة آنذاك هي أن تتناوب زوجات والدي – أو أمهاتنا كما كنا ندعوهن – على إعداد الطعام وإحضاره إلى كوخ والدي حسب الترتيب.

كان كل كوخ من أكواخ زوجات والدي مقسماً إلى فضاءات لها وظائف مختلفة: فثمة موضع نار يرتكز على ثلاثة أحجار تتوسط الكوخ، وهناك مساحة مخصصة للنوم تستخدم كمخزن مؤن في الوقت ذاته، ويوجد فيه أيضاً جزء متقطع تأوي إليه الماعز ليلاً، ويحوي في العادة قفصاً لتسمين الأغنام أو الماعز التي كانت تنتظر الذبح في مناسبات خاصة. كما احتوى كل كوخ على صومعة حبوب وكشك صغير مثبت على ركائز، وتحوطه جدران مصنوعة من عيدان صُفَّت معاً بقوة محكمة. كنا في العادة نستخدم صومعة الحبوب كمقياس للوفرة».

كانت سلوى الأطفال الوحيدة هي الحكايات يقصونها، بعضهم على بعض، أو يستمعون إليها من الأكبر سناً. كانت المدرسة التي يذهب إليها نغوغي ورفاقه تبعد عشرة أميال عن قريته. يهرولون إليها في الصباح، ويعودون إلى منازلهم في هدوء وفرح. والأكثر شعبية بينهم هو الأوسع مخيلة في اختراع الأشباح والأبطال. ولعل نغوغي نفسه كان، برغم انطوائه، الحكَّائي الأول؛ لأنه كان يقرأ كل ما وقعت عليه يداه. وكانت الكتب نادرة في تلك القفار؛ غير أنه من تلك المدرسة الصغيرة، سوف يصبح لاحقاً أستاذ الأدب الإنجليزي في جامعة نيروبي، وأحد أبرز الأدباء الأفارقة الذين كرسوا حياتهم لمحاربة الاستعمار، ومن ثم الإرث الكولونيالي برمته. ومن جملة الحرب على الإرث، أنه غيَّر اسمه من جيمس إلى نغوغي. وضع روايات كثيرة تدور كلها حول الحياة الأفريقية؛ لكن الرواية الأهم بالنسبة إليَّ تبقى مذكراته الشخصية بجمالياتها القصوى وبساطتها المذهلة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طفولة في الغابة طفولة في الغابة



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

GMT 20:38 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

الهلال يتعاقد مع نجل الدولي السابق عبده عطيف

GMT 10:17 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

دون كيشوت" من أفضل 10 مطاعم في مصر

GMT 03:01 2018 الجمعة ,13 إبريل / نيسان

جورج وسوف يصرح "بشار الأسد مش هنلاقي أحسن منه"

GMT 00:52 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

كوسوفو مدينة جميلة اكتشفها أنت وعروسك خلال شهر العسل

GMT 19:55 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

تعلمي طريقة تكبير الشفايف بالمكياج في البيت

GMT 19:29 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

الرئيس محمود عباس يزور مركز الإحصاء الفلسطيني

GMT 01:14 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

طريقة اعداد التورتة على شكل الرمان

GMT 21:15 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

غاري نيفيل يكشف سر نجاح كريستيانو رونالدو

GMT 07:46 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

سايرس مثيرة في بدلة مستوحاة من ثياب القراصنة

GMT 13:53 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

الإعلامي عمرو الليثي يزور مستشفى أبو الريش للأطفال

GMT 19:58 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

دار "Bulgari" تكشف عن مجموعة من العقود المرصّعة بالأحجار الكريمة

GMT 14:45 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الألوان المبهجة تسيطر على ديكور الشتاء هذا الموسم

GMT 23:14 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي تؤكّد أنّ من يزرع الفن سيحصد العالمية

GMT 03:55 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

نادي "المحافظة السوري" يضم حسام السمان لمدة موسم واحد

GMT 02:10 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

انتهاء مهلة بغداد للبيشمركة للانسحاب من محافظة كركوك

GMT 05:43 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

عودة سحر فيرساتشي القديم إلى الحياة على منصات الأزياء
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq