صوت واحد بلهجات كثيرة

صوت واحد بلهجات كثيرة

صوت واحد بلهجات كثيرة

 العراق اليوم -

صوت واحد بلهجات كثيرة

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

يُخيّل إلى الناس وهي مأخوذة بدهشة اللحظة أنها أمام عرض مباشر كثير الأشخاص، رواية بوجوه كثيرة من دون بطل. مشهد واحد تحت سماء جميلة. صوت واحد بلهجات عدة. إذا كنت تعرف لبنان جيداً، فسوف تعرف من أي مكان هو هذا المتظاهر. جنوبي بكسر مخارج الكلام، أو شمالي بضمها ثلاث ضمات. العين الطرابلسية هو «عو». والطريق الجنوبية هي «تريق». والقاف الجبلية وحدها قاف كما في الأبجدية وليست «أ» كما في سائر لبنان. وزحلة لها أبجدية لفظية خاصة. ومع أنها على بعد دقائق من بعلبك، فالأحرف تنفخ هنا نفخاً مثل خدود العافية، وتخفف تخفيفاً في مدينة القلعة كأنك «تبري» قلم رصاص حتى يصبح إبرة. وما بين صيدا وصور شاطئ واحد وتاريخ منذ التاريخ، ولهجتان؛ الأولى بمد الكلام حتى آخر النَفَس، والثانية على عجل.

كلتاهما مدينتا بساتين وبرتقال. ومثلهما هذا البلد الصغير الذي خرج بالملايين يرفع صوتاً واحداً بعشرات اللهجات. من قرية إلى القرية التي إلّى جنبها، تختلف الأحرف الأنفية من الأحرف المجردة. ومن حي البسطة إلى حي رأس النبع المجاور، يحلق أبو العبد شاربيه ويخلع طربوشه ويستبدل قمبازه (الثوب العثماني المطرز) لكي يرتدي الطقم الأفرنجي مثل خواجات الأشرفية، الواقعة في قاطع الطريق.

وفي كسروان وجبيل أنت في حاجة إلى مترجم وخبير أصوات. فإذا سألك أحدهم «وينك رايح» تكون قد وصلت المكان الذي تقصده قبل أن يكمل السؤال. والألفباء لا تبدأ بحرف الألف، بل بحرف الشين. كل كلمة تطعَّم بشينها. إيش، وإيش، ليش.

وروى رزيارد كابوشنسكي أنه عندما كان طفلاً أُرسِل إلى مدرسة روسية. ذهل عندما بدأ المدرس الألفباء بحرف السين. فلما سأل، قيل له إن كل شيء هنا يبدأ بحرف السين. الألف يمكنها الانتظار. تغني فيروز للبنان: «كيف ما كنت بحبك. بجنونك بحبك». وها هم في الطرقات يرفعون علم محبته. في طرابلس، التي لم ترفع هذا العلم إلاّ في الدوائر الرسمية، تسبق كل لبنان كل صباح إلى رفع الأعلام اللبنانية. أول مدينة تصل إلى الساحة، وآخر مدينة تذهب إلى النوم. نائبها ووريث آل كرامي خرج من كتلته السياسية لأنها رفضت دعم الانتفاضة. وفي ساحة البرج، وقف الجمال اللبناني محجباً وسافراً يعلن انتماءه إلى وطن واحد، وسياسة عامة واحدة.

هل أنا متفائل؟ أنا فخور، لكنني لست متفائلاً. أنا فرح لهؤلاء الشباب الذين قدموا للعالم صورة لبنان كما هو. لكن التغيير أمر آخر. لن ينتج أي تغيير عن هذه الطبقة السياسية. لا شيء. المزيد من الإنكار... والمزيد من الكسر.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صوت واحد بلهجات كثيرة صوت واحد بلهجات كثيرة



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

GMT 21:08 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 12:09 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

7 منتخبات في البطولة العربية للكرة الطائرة في القاهرة

GMT 17:33 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تيم حسن ينفى مشاركته في فيلم حالي لي

GMT 11:10 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

الأرصاد السعودية تُحذّر أهالي نجران من "طقسٍ سيئ"

GMT 14:20 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

وصول الوليد بن طلال إلى برج المملكة بعد إطلاق سراحه

GMT 01:29 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

كورسو يؤكّد أنّ “دو” تدرس دخول السوق السعودية

GMT 08:37 2017 السبت ,16 أيلول / سبتمبر

من جيوب الأغنياء لا الفقراء

GMT 06:27 2016 السبت ,03 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أوباما تغيب عن إضاءة شجرة عيد الميلاد

GMT 05:06 2017 السبت ,10 حزيران / يونيو

ناسا تكشف عن طرق لتخيل العالم الغريب

GMT 05:56 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

مونروفيا من أجمل الوجهات السياحية لقضاء وقت ممتع

GMT 23:36 2017 الأربعاء ,28 حزيران / يونيو

اصطدام فيتيل بهاميلتون يمنح ريتشاردو لقب فورمولا-1

GMT 23:29 2016 الخميس ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"العرب اليوم" يرصد أشهر خطوبات الوسط الفني التي لم تكتمل

GMT 09:35 2016 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

عمر السومة عريس في الكويت الشقيقة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq