صحافي المسافات الطويلة

صحافي المسافات الطويلة

صحافي المسافات الطويلة

 العراق اليوم -

صحافي المسافات الطويلة

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

كانت الصداقة مع رياض نجيب الريس متقطعة، وكانت الزمالة معه متقطعة أيضاً. لكن في صفائهما، كان صديقاً كبيراً وزميلاً كبيراً. وفي الصفاء والانقطاع، كان صحافياً كبيراً، يلاحق العمل الصحافي في أربع جهات الأرض، ذاهباً إلى الهند، عائداً من اليمن، طائراً إلى ظفار، تائهاً في تشيكوسلوفاكيا، باحثاً أبداً خلف ما سماه صحافة المسافات الطويلة.
الشيء الوحيد الذي لم يكن حائراً فيه هو شغف الصحافة الذي ورثه عن نجيب الريس. كل شيء آخر كان مزيجاً من حالتين أو أكثر. قومي عربي مع الانفتاح على الغرب الذي نشأ وعاش فيه. سوري حتى العظم لكنه يفضل أن يحب دمشق من بيروت. مشاعره مع الصحافة القومية، لكنه لا يرتاح إلى العمل إلّا في صحيفة ليبرالية مثل «النهار». يكد في العمل والسفر والاجتهاد طوال النهار، ويبدّد في السهر على طريقة البرمكي.
جرَّ خلفه أحلاماً كثيرة وخيبات شتّى. كان يريد أن يكون صاحب جريدة مثل نجيب الريس، لكن والده كانت عنده دمشق. وأما بيروت فمهما دلّلتك فإنها لا تعطيك صك الملكية. ولذلك، ظلت حائرة في أمره وظل حائراً في أمرها. أعطته «النهار» شهرة المسافات الطويلة ونجومية المراسلين المبدعين، لكنها لم تسلمه مفتاح رئاسة التحرير. هو كان يخشى أن يصطدم ذات يوم «بلبنانيتها» الكامنة، وهي كانت تخشى أن تصطدم ذات يوم «بسوريته» الحاضرة.
نجح في لبنان أكثر من كثير من صحافييه، وتصدر مرتبة الناشرين، عندما تفرغ للنشر، وظلت بين الفريقين هوة الحذر. مثلما كانت بيروت خليطاً بين المدن، تدلل في سهولة وتغضب في سرعة، كان هو سريع الحب وسريع الغضب وسريع التنقل بين الحالتين. قلب كبير وصدر ضيق.
الشامي العتيق كان مجدداً وحداثياً وكثير الابتكار. بدأ حياته مجرباً في عالم الشعر الحديث، متأثراً بتوفيق صايغ ويوسف الخال وخليل حاوي. لكنه سرعان ما تراجع عن محاولاته الأولى، مقتنعاً أن قدره هو قدر نجيب الريس. وعندما أنشأ في لندن دار النشر التي تحمل اسمه، كانت أولى مطبوعاتها كل حرف كتبه نجيب الريس في صحافته النضالية ومعارك الاستقلال. لقد اعتبر نفسه أميناً على إرث لا ينسى. وهكذا، حمل هذا الإرث من دمشق إلى بيروت فإلى لندن، حيث أصبح للمرة الأولى ناشراً مثل أبيه.
لكن التجربة لم تدم طويلاً في «فليت ستريت». وهكذا عاد رياض الريس إلى الكتابة والمقال المستطرد. وانضم إلى مجلة «المستقبل» التي أصدرها نبيل خوري من 45 أفنيو جورج سانك، على بعد مائة متر من الشانزليزيه. غير أن رياض، المقيم في لندن، ظل يكتب في موضوعه المفضل: الخليج. وفي الخليج، كما في كل مكان، كانت له خصومات وصداقات. غالباً بسبب القلب الكبير والصدر الضيق.
أحزننا غيابك يا رجل، كنت تعطي انطباعاً عميقاً بأن لديك فائضاً لا ينضب من الحيوية والحياة. ويجب أن تعرف أنك كنت مزيجاً طيباً من سوريا ولبنان، وكل تربة عربية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صحافي المسافات الطويلة صحافي المسافات الطويلة



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

GMT 20:38 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

الهلال يتعاقد مع نجل الدولي السابق عبده عطيف

GMT 10:17 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

دون كيشوت" من أفضل 10 مطاعم في مصر

GMT 03:01 2018 الجمعة ,13 إبريل / نيسان

جورج وسوف يصرح "بشار الأسد مش هنلاقي أحسن منه"

GMT 00:52 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

كوسوفو مدينة جميلة اكتشفها أنت وعروسك خلال شهر العسل

GMT 19:55 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

تعلمي طريقة تكبير الشفايف بالمكياج في البيت

GMT 19:29 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

الرئيس محمود عباس يزور مركز الإحصاء الفلسطيني

GMT 01:14 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

طريقة اعداد التورتة على شكل الرمان

GMT 21:15 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

غاري نيفيل يكشف سر نجاح كريستيانو رونالدو

GMT 07:46 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

سايرس مثيرة في بدلة مستوحاة من ثياب القراصنة

GMT 13:53 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

الإعلامي عمرو الليثي يزور مستشفى أبو الريش للأطفال

GMT 19:58 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

دار "Bulgari" تكشف عن مجموعة من العقود المرصّعة بالأحجار الكريمة

GMT 14:45 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الألوان المبهجة تسيطر على ديكور الشتاء هذا الموسم

GMT 23:14 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي تؤكّد أنّ من يزرع الفن سيحصد العالمية

GMT 03:55 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

نادي "المحافظة السوري" يضم حسام السمان لمدة موسم واحد

GMT 02:10 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

انتهاء مهلة بغداد للبيشمركة للانسحاب من محافظة كركوك

GMT 05:43 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

عودة سحر فيرساتشي القديم إلى الحياة على منصات الأزياء
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq