خطاب متناقض وظهور باهت

خطاب متناقض وظهور باهت

خطاب متناقض وظهور باهت

 العراق اليوم -

خطاب متناقض وظهور باهت

بقلم : منى بوسمرة

لم يكن مفاجئاً هذا الظهور الباهت لأمير قطر، والذين كانوا يراهنون على تغيير جذري كانوا يلاحقون سراباً، وليس أدل على ذلك من هذا الخطاب الذي أعده مستشاروه ليكون خطاباً باهتاً بشكل متعمد ولاعتبارات كثيرة.

أراد الأمير أن يظهر أولاً بصورة الذي لا يأبه بكل الأزمة التي تسببت بها بلاده باستخدامه لغة الوعظ الوطني، واستعراض دروس المقاطعة على مستوى الداخل القطري، معترفاً ضمنياً بأن بنية بلاده الداخلية هشة جداً وتأثرت جراء المقاطعة.

النقطة الثانية تتعلق بهروب الأمير تميم من جذر المشكلة إلى برقيات التأييد والتحشيد هنا وهناك، تارة الولايات المتحدة ومرة رسائل إلى مواطنيه تؤكد أن أمامهم أياماً صعبة، ثم إلى إيران ضمنياً عبر شكره الدول التي فتحت الأجواء أمام طيران بلاده، ولا ينسى بالطبع تركيا التي أحكمت سيطرتها العسكرية على الدوحة، وأخيراً العرب والأجانب المقيمين في قطر الذين ألقى بهم الأمير إلى التهلكة جراء سياساته.

اللافت للانتباه هذا الجهل غير المسبوق بأدبيات كتابة الخطابات السياسية وفن إيصال المواقف إلى عواصم العالم، إذ كيف يدعو أمير قطر إلى الحوار، ويشترط مسبقاً عدم وجود إملاءات وهو في هذا السطر تحديداً من خطابه يفعل ما ينهى عنه، بفرضه إملاءات على الدول الداعية لمكافحة الإرهاب عبر إعلانه لشروطه، ويضاف إلى ما سبق أن الأمير يريد حواراً برغم أن كل الدول المقاطعة أبلغت الدوحة مراراً أن لا مفاوضات ولا حوارات حول المطالب، خصوصاً أن هذه الدول سبق أن خاضت حوارات مع نظام الحكم في قطر وكانت نتيجتها غدره بالاتفاقات، إلى درجة وصل فيها الغدر بطعن الإمارات في اليمن وسفك دماء أبنائنا.

الكارثة في الخطاب تتعلق بمحور آخر لا يحق لأمير قطر أساساً الحديث عنه، حين يقول إن نتائج أي حوار يجب أن تكون ملزمة للجميع، ومعنى كلامه هنا المساواة بين الدول الخليجية الثلاث ومصر من جهة، وقطر من جهة أخرى من حيث المسؤوليات والأخطاء ودعم الإرهاب وغير ذلك، وهذه لعبة لا تنطلي علينا، فلا يحق للأمير هنا مساواة الطرفين أساساً، ولا الحديث عن اتفاق يشمل الجميع، باعتبار أن قطر هي المتورطة في دعم الإرهاب والمطالبة بتعديل مسارها السياسي.

الذي يقرأ لغة الجسد يعرف أن أمير قطر كان مضطرباً خلال الخطاب ويعلن غير ما يخفي، والأزمة التي كانت ترتسم على وجه الأمير تكشف حجم التخبط في قطر، الذي لم يجد أميرها إلا مزيداً من الإنكار ليواجه به جواره التاريخي.

إحدى المفردات البارزة التي تورط بها الأمير حديثه عن الأطراف المقاطعة، واتهامها بمس الحرمات والمحرمات، وهنا تحديداً نذكّر الأمير أن بالعودة إلى مضمون الخطاب السياسي والإعلامي للدول المقاطعة، تكشف أن كل مفرداتنا ظلت راقية محترمة، فيما جيش الدوحة الإلكتروني وعملاء جماعة الإخوان الذين تم تجنيدهم، وكل وسائل الإعلام الممولة قطرياً تورطت بشائعات قذرة غير أخلاقية، لم تترك حرمة إلا ومسّتها ولم تترك حراماً إلا وفعلته، وتورط كل هذا الفريق في صياغات وشائعات تم رصدها، وجاهزة لإدانة الدوحة وإثبات أنها الطرف الذي لا يتورع عن أبشع الوسائل لتلطيخ سمعة خصومه.

إن تحليل الخطاب يحتاج إلى أكثر من مقال، لكن ما يمكن قوله بكل بساطة، إن هذا الخطاب يؤكد أن قطر في طريقها إلى ما هو أسوأ وإلى ما هو أصعب، بعد أن ظهر أميرها بهذه الصورة التي تشير إلى أنه غير مدرك لما يقول أو أنه يدرك لكن غريزة المقامرة تحكم الدوحة، وتثبت أن من يدير الحكم جناح يعمل في الخفاء، ولا يمثل الأمير سوى الواجهة في كل هذا المشهد.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطاب متناقض وظهور باهت خطاب متناقض وظهور باهت



GMT 13:26 2020 الثلاثاء ,22 أيلول / سبتمبر

عبد الحي.. وداعاً

GMT 11:44 2020 الأربعاء ,24 حزيران / يونيو

قرار عربي حازم

GMT 10:18 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لن نتوقف

GMT 07:22 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

محمد بن راشد.. عطاء القلب الكبير

GMT 08:22 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

ثوابت إعلامنا الوطني

GMT 22:12 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 22:06 2020 الأحد ,12 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 09:45 2021 السبت ,20 شباط / فبراير

سياحة إفتراضية على متن مركب شراعي في أسوان

GMT 13:01 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

دراسة تكشف فوائد وسلبيات حمية البيض لفقدان الوزن

GMT 19:53 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن النقاش والجدال لتخطي الأمور وتجنب الأخطار

GMT 16:08 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

صحيفة بريطانية تكشف عن قاتلي الأميرة ديانا

GMT 22:46 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

​طارق لطفي يبدأ تصوير فيلم "122" السبت المقبل

GMT 02:23 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

فلة الجزائرية تكشف أنها ستغني طالما هناك أنفاس في صدرها

GMT 11:45 2015 الإثنين ,19 كانون الثاني / يناير

مصر تبدء تسليم أراضي القرعة العلنية في "برج العرب"

GMT 03:05 2016 الإثنين ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

مجوهرات "كارتييه" ​Cartier تُكسب المرأة جمالًا ملفتًا للنظر 

GMT 03:37 2017 الجمعة ,06 كانون الثاني / يناير

"البحر المتوسط الغذائي" يمنع انكماش الأدمغة لكبار السن

GMT 00:29 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

ريم مصطفى تخشى الزعيم وترفض تكرار تجربة "هبة رجل الغراب"
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq