نائب الرئيس صفر على الشمال

نائب الرئيس صفر على الشمال

نائب الرئيس صفر على الشمال

 العراق اليوم -

نائب الرئيس صفر على الشمال

بقلم - أسامة الرنتيسي

برغم  التغيرات كلها التي أصابت العالم، واهتزت فيها العروش، إلا أن الدول العربية، الجمهوريات منها تحديدا، تفتقد حتى الآن  الرجل الثاني الذي يدير شؤون الدولة في حال غياب الرجل الأول فجأة.

والأنكى، أن المطية الأولى هي الدستور إذا ما وقع فراغ سلطوي ما، حيث هناك من الجهابذة القانونيين من يستطيع أن يخرج من تحت إبطه فتوى سريعة لمعالجة أي فراغ دستوري. ونتذكر جميعا تغيير الدستور في سورية خلال دقائق على مقاس الرئيس الجديد.

ومن غرائب الأمور، أن الرجل الثاني، الواضح المعالم والمهمات، ليس غائبا فقط من بروتوكولية الدول وسيادتها، بل أيضا من أيديولوجيات الأحزاب والشركات التي تدار بعقلية تاجر البقالة.

ظاهرة الرجل الثاني ليست غائبة فقط عن الدول التي لا تزال تحت الاحتلال، والسلطة فيها وهمية، ويمكن محاصرتها في مقاطعة، بل تتعداها إلى الدول المستقلة والمستقرة أيضا.

فقد كان البحث عن الرجل الثاني في مصر، خلال مرض الرئيس السابق حسني مبارك وعلاجه في ألمانيا، شغل العالم، وكان السؤال الأكثر إثارة هو: من الذي يدير الحكم في مصر؟ مصر خلا نظامها السياسي من الرجل الثاني التقليدي منذ تولي مبارك الحكم في عام 1981، وهو الذي كان يحتل منصب نائب رئيس الجمهورية أنور السادات الذي تم تنصيبه رئيسا بعد جمال عبدالناصر، ولاحظنا كيف لعب مبارك بورقة النائب حتى قبل لحظات سقوطه المدوّي، وكأن الرجل الثاني مجرد كومبارس لإكمال هيبة الدولة.

وفي الدول التي تحكم بنظام الحزب الواحد والشعارات الثورية، كلنا يعرف أن الرجل الثاني مجرد صفر على الشمال، وما هو إلا لتكملة حلقات ديكور الديمقراطية.

الأحزاب العربية بمجملها هي أحزاب الرجل الأوحد، وحتى التي تدّعي الديمقراطية لا يسمح الرجل الأول فيها بتقدم أحد من منافسيه إلى كرسي الزعامة، وإذا بلغ من العمر عتيا يبدأ التآمر على خليفته، ويحرق السفن كلها بعده.

تنظيم القاعدة لم ينجُ من هذه اللعبة السياسية أيضا؛ حيث لعب الإعلام دورا اساسيا في تسمية أيمن الظواهري الرجل الثاني، والمعلوم أن التنظيم لم يسمه قبل ذلك، ولا يعرف أحد حتى الآن هياكل قيادته التنظيمية.

عصابة داعش الاجرامية، بايعت ما يسمى الخليفة ابا بكر البغدادي، الذي لا نعرف هل هو حي ام ميت، ولم يظهر سوى مرة واحدة، بعدها غاب عن الانظار، حتى نشرت معلومات كثيرة عن اصابته اصابات بالغة، لم يعد بعدها يتمكن من الحركة، ومع هذا لم تعلن العصابة اسم الرجل الثاني فيها.

في سورية التي تتعرض لحرب كونية،  لا احد يعرف من هو الرجل الثاني بعد بشار الاسد، الذي انحصرت الاهداف الرئيسية للحرب في فترات معينة على تنحيته وايجاد البديل، حتى نشرت معلومات في فترة ما ان الروس يجهزون بديلا للاسد، من طائفته ومن عناصر الجيش السوري.

في فلسطين، نصف الدولة، ونصف السلطة، غاب الرئيس الراحل ياسر عرفات ولم يكن معروفا من هو الرجل الثاني بعده، وها هو خليفته يخفي فكرة الرجل الثاني مرة اخرى، واذا غاب محمود عباس لا احد يعلم من سيكون خليفته.

الرجل الثاني ليس ضروريا أن يكون داخل دائرة الضوء وعدسات الإعلام، فقد يفضل البقاء في الظل فترات زمنية طويلة، حسب طبيعة نظام حكم الرجل الأول الذي يخشى باستمرار وضعية المنافسة، وعليه، فإن أكبر خطأ يقع فيه الرجل الثاني هو حين يحلم بالوصول إلى دور الرجل الأول سريعا، فيبث ذلك بشكل أو بآخر في نفس الزعيم  الأول المخاوف من أن تجري المياه من تحت قدميه من دون أن يدري، فيعمل على إزاحته بسرعة.

ليس ضروريا هنا أن يكون الرجل الثاني المخيف متربعا على كرسي النيابة، بل يمكن أن يصل الأمر إلى إزاحة وزير أو رئيس وزراء بعدما يصبح اسمه على ألسن الجماهير منطوقا أكثر من اسم الزعيم نفسه.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نائب الرئيس صفر على الشمال نائب الرئيس صفر على الشمال



GMT 13:10 2020 الإثنين ,03 آب / أغسطس

في “إشي غلط” في البلد !

GMT 11:02 2020 الخميس ,23 تموز / يوليو

تزوير التأريخ العبري بالزيتون الرومي أيضا!!

GMT 14:14 2020 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

لنحاسب من أغلق ملفات الفساد يوما تحت القبة؟

GMT 14:31 2020 السبت ,11 تموز / يوليو

“إعسار لافارج”.. إعصار في الفحيص!

GMT 21:08 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 12:09 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

7 منتخبات في البطولة العربية للكرة الطائرة في القاهرة

GMT 17:33 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تيم حسن ينفى مشاركته في فيلم حالي لي

GMT 11:10 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

الأرصاد السعودية تُحذّر أهالي نجران من "طقسٍ سيئ"

GMT 14:20 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

وصول الوليد بن طلال إلى برج المملكة بعد إطلاق سراحه

GMT 01:29 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

كورسو يؤكّد أنّ “دو” تدرس دخول السوق السعودية

GMT 08:37 2017 السبت ,16 أيلول / سبتمبر

من جيوب الأغنياء لا الفقراء

GMT 06:27 2016 السبت ,03 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أوباما تغيب عن إضاءة شجرة عيد الميلاد

GMT 05:06 2017 السبت ,10 حزيران / يونيو

ناسا تكشف عن طرق لتخيل العالم الغريب

GMT 05:56 2017 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

مونروفيا من أجمل الوجهات السياحية لقضاء وقت ممتع

GMT 23:36 2017 الأربعاء ,28 حزيران / يونيو

اصطدام فيتيل بهاميلتون يمنح ريتشاردو لقب فورمولا-1

GMT 23:29 2016 الخميس ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"العرب اليوم" يرصد أشهر خطوبات الوسط الفني التي لم تكتمل

GMT 09:35 2016 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

عمر السومة عريس في الكويت الشقيقة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq