لبنان نحو المجهول

لبنان... نحو المجهول

لبنان... نحو المجهول

 العراق اليوم -

لبنان نحو المجهول

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

لا يبدو أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيعود إلى لبنان بداية الشهر المقبل، فحتى الآن لم تحصل باريس على أجوبة مقنعة، فأصحاب السلطة لم يستجيبوا للحد الأدنى من مطالب المجتمع الدولي، التي نُقلت على لسان الرئيس الفرنسي في زيارته الأخيرة لبيروت بعد كارثة المرفأ. ومنذ مغادرته بيروت؛ تنشغل الطبقة السياسية في تأويل ما قاله، فهي متمسكة برؤيتها لشكل الحكومة العتيدة، وتحاول تدوير الزوايا وفقاً لحساباتها، وحتى الآن لم تقم بأي إنجاز على مستوى التحقيقات في الانفجار، أو في مكافحة الفساد، وتُمعن في إنكارها كأن تاريخ «الرابع من أغسطس (آب)» كان يوماً عادياً.

إلغاء ماكرون زيارته سيشكّل ضربة قاضية للسلطة التي حاولت إغراء الفرنسيين بلعب دور في لبنان يمنحهم موقعاً متقدماً في توازنات المنطقة، ويُعيد لباريس دورها التاريخي في شرق المتوسط، لكن حسابات الحقل اللبناني اختلفت عن حسابات البيدر الدولي الذي يبدو أكثر انسجاماً في تعاطيه مع الأزمة اللبنانية، فلا تستطيع باريس أن تمنح قوى السلطة تسوية من دون الأخذ في الحسبان التوازنات المحلية والعربية والدولية، وما يرتبط بها من مواقف، خصوصاً الأوروبية المتشددة من ألمانيا إلى بريطانيا التي عدّ وزير خارجيتها أن «إيران تمثّل خطراً على المنطقة بسبب الأذرع التي تدعمها، و(حزب الله) يشكّل خطراً على الأمن في لبنان».
يواجه المجتمع الدولي، خصوصاً الدول الأوروبية المؤثرة، موقفاً مسيحياً عاملاً بعد «4 أغسطس»، يطالب علانية برفع الغطاء عن ميشال عون ورحيله.
فالكنيسة المارونية المعنية بالموقع المسيحي الأول في الجمهورية، باتت محرجة في تغطيتها موقع ميشال عون، فالضغوط الشعبية المسيحية والوطنية الرافضة سلطة الثنائي («حزب الله» - تيار عون) الحاكم؛ تزداد، حيث يشهد الواقع المسيحي متغيرات جذرية في موقفه من الحالة العونية وارتباطاتها المحلية والإقليمية، وقد برز ذلك على أكثر من صعيد، وعلى لسان نُخب مسيحية مستقلة ومؤثرة كانت تتجنب سابقاً التعرض لموقع رئيس الجمهورية، فيما شكلت مقدمة نشرة أخبار «إم تي في» مفاجأة من العيار الثقيل منذ أيام، عندما طالبته بالرحيل، أما الموقف الذي يحمل دلالات سياسية أوضح، فجاء على لسان الوزير السابق في «القوات اللبنانية» بيار أبو عاصي الذي وصف ميشال عون بـ«غول الموت».
مما لا شك فيه أن ميشال عون يدفع ضريبة خياراته، كما يدفع ثمن موقف الشارع المسيحي من «حزب الله» الذي يفقد قدرته على إخضاع جمهور الطوائف الأخرى، التي تمردت على قياداتها، فحضور الحزب وتأثيره تقلص بشكل كبير في البيئة المسيحية والدرزية والسنية، وهذا ما تسبب في تراجعه، واضطراره إلى التموضع ضمن بيئته التي تشعر بثقل مشروعه، لكنها حتى الآن تتعرض لضغوط شديدة تجبرها على الصمت، فيما حادثة الاشتباك مع «حركة أمل» في إحدى القرى الجنوبية تكشف عن هوة بين مؤيدي الثنائية لن تستطيع قيادتاهما تغطيتها.
الطبقة الحاكمة لم يعد بمقدورها الرهان على تسوية مع واشنطن، فزيارة وكيل وزارة الخارجية الأميركية إلى بيروت كانت استطلاعية، ولم تحمل عرضاً يمكّن السلطة من إعادة إنتاج نفسها، حتى تصريحات ديفيد هيل بعد مغادرته وتلميحاته بأن واشنطن تعاملت سابقاً مع حكومات لبنانية شارك فيها «حزب الله»، لم تفتح ثغرة في جدار التفاهم مع واشنطن، المُصرة، على ما يبدو، على حكومة تعكس توجهات الشارع وليس الطبقة السياسية. فيما تحشد السلطة أوراقها بانتظار وصول مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر إلى بيروت في الأسبوع الأول من الشهر المقبل، من أجل التوصل إلى مساومة مع البيت الأبيض يحتاجها خلال الأسابيع الحاسمة في السباق الرئاسي، وهي تُعوّل على حاجة إدارة ترمب إلى تحقيق إنجاز في السياسة الخارجية تكون له انعكاسات داخلية، ففي حساباتها التوافق مع واشنطن، إما على تسوية الحد الأدنى، وإما تجميد الوضع إلى ما بعد الانتخابات مما قد يمنحها فرصة لاستجماع قواها وتقوية موقفها، لكن من المرجح أن زيارة شينكر قد تسبقها حزمة عقوبات على شخصيات سياسية لبنانية شريكة لـ«حزب الله» في السلطة، عقوبات ستغير طبيعة الزيارة وتنقلها إلى مرحلة تصعيد جديدة ببن الجانبين، تشكل صدمة للسلطة من موقف أميركي لا يُعير أهمية لتسوية لن تكون لها أهمية في السباق الرئاسي.
وعليه؛ لا يبدو أن هناك مخرجاً قريباً لأزمة المنظومة الحاكمة، التي تخسر أوراق قوتها ولم يعد بإمكانها الاستقواء بالخارج على الداخل، مما يأخذ الأزمة إلى مرحلة محتدمة سياسياً وأمنياً، تتصاعد فيها تناقضات داخل التركيبة الحاكمة وتدخلها في معركة تصفية حسابات، في الوقت الذي تتفاقم فيه أعباء الأزمة المعيشية، وتزداد المخاوف على الاستقرار وعودة مخاطر العامل الأمني مجدداً، مما يفتح أبواب لبنان على المجهول.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان نحو المجهول لبنان نحو المجهول



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

GMT 17:39 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 13:15 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

مناخا جيد على الرغم من بعض المعاكسات

GMT 13:49 2019 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

ترامب يمنح ميدالية الحرية لأسطورة الغولف

GMT 09:10 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

الفالح يؤكّد على أهمية منتدى الطاقة العالمي في الجزائر

GMT 04:58 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

"وان بلس " تُطلق النسخة الجديدة من هاتف 6T McLaren

GMT 06:04 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد اللوز للقلب ويساعد على الرشاقة

GMT 13:12 2018 الإثنين ,20 آب / أغسطس

مشروع قومي لرفع المعاناة

GMT 06:18 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

بقلم : أسامة حجاج

GMT 20:10 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

هجوم في داقوق يكشف النقاب عن تنظيم جديد بديل لـ"داعش"

GMT 11:27 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

التوصل لعقار جديد لعلاج أحد أنواع الزهايمر

GMT 22:05 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

شريف الشمرلي مديرًا للمنتخبات الوطنية لكرة الطائرة

GMT 04:13 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

مدينة ريميني الإيطالية أبرز وجهات الصيف المقبل

GMT 18:10 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة عمل الدونات الأميركية

GMT 07:32 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة السعودية تكشف عن موعد تطبيق ضريبة القيمة المضافة

GMT 19:12 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة سهر الصايغ تغيّر إطلالتها للمرة الأولى

GMT 17:37 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

"داعش" تتخذ المدنيين دروعًا بشرية في مدينة البوكمال

GMT 00:17 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن عقار لفقدان الوزن بنفس فعالية حمية أتكينز

GMT 04:38 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

طرح منزل الصياد الذي أنقذ الرئيس روزفلت وابنه للبيع

GMT 04:40 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

النجوم يُحيون ذكرى الرحيل الأولى للنجم محمود عبدالعزيز
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq