ليبراليون أم ديمقراطيون

ليبراليون أم ديمقراطيون؟

ليبراليون أم ديمقراطيون؟

 العراق اليوم -

ليبراليون أم ديمقراطيون

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

الخلط بين الليبرالية والديمقراطية من الأخطاء الشائعة فى العالم، فما بالنا بالعالم العربى الذى يقل وجودهما، بل يندر، فى بلدانه0 وكثيرة أسباب هذا الخلط الذى يعود، قبل كل شىء، إلى أن بعض الأفكار والقيم الليبرالية مهمة للديمقراطية، مثل الحرية السياسية، والتعددية، وقبول الآخر، والتسامح، والاختيار الحر.

وهذا هو ما اصطلح على تسميته ثقافة الديمقراطية. ولكن فى الليبرالية أفكاراً وقيماً مهمة للرأسمالية (مثل الحرية الاقتصادية)، والعلمانية (مثل حرية الاعتقاد، والحريات الثقافية عموماً) أيضاً. ولا يعنى ذلك أن الليبرالية هى الديمقراطية، أو أنها هى الرأسمالية، أو أنها والعلمانية سواء. الليبرالية أفكار وفلسفات وقيم ومبادئ، بينما الديمقراطية إجراءات وترتيبات ومؤسسات وتفاعلات.

الليبرالية أقدم تاريخياً من الديمقراطية. بدأت إرهاصات الليبرالية فى القرن الخامس عشر خلال عصر النهضة الأوروبية، ثم توسع نطاقها فى عصر التنوير فى القرن الثامن عشر. عمر الديمقراطية أقصر، إذ يصعب أن نجد لها أساساً قوياً قبل بداية القرن التاسع عشر، حين بدأ تطورها فى ارتباط وثيق مع حصول البرلمانات القليلة التى كانت موجودة فى بعض البلدان على صلاحيات رقابية وتشريعية.

تختلف الليبرالية والديمقراطية، إذن، فى مسارهما التاريخى، كما فى طبيعتهما. الليبرالية أسبق من الديمقراطية. والليبرالية تتعلق بالأفكار والقيم، بينما تتجلى الديمقراطية فى إجراءات ومؤسسات.

الليبرالية, بشىء من الاختزال، منهج أخذ البشر إلى مساحات أرحب بكثير مما بقوا فيه على مر تاريخهم، ومازال كثير منهم محبوسين فيها يبحثون عن خلاص فى عقائد مطلقة دينية أو قومية، أو فى انتماءات أولية. إنها ذلك المنهج الذى ينطلق من قدرة الإنسان على تغيير العالم حين يتحرر عقله من الكوابح التى تعطل التفكير والإبداع والابتكار.

والديمقراطية فى المقابل، وبشىء من الاختزال أيضاً، نظام سياسى أخذ البشر الذين يعرفونه إلى مساحات أرحب أيضاً، وأتاح لهم اختيار ممثليهم فى مختلف المستويات، من خلال عملية تنافسية تتبارى فيها أحزاب ومنظمات وأفراد وفق محددات إجرائية يضعها الدستور والقانون فى كل بلد، وضمن قواعد تحدد العلاقة بين مؤسسات النظام السياسى. فهل يعنى ذلك أنك يمكن أن تكون ديمقراطياً، دون أن تصبح ليبرالياً؟ سؤال مهم نبقى معه فى اجتهادات غداً.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: الأهرام

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبراليون أم ديمقراطيون ليبراليون أم ديمقراطيون



GMT 04:55 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

السباق على استعمار القمر

GMT 04:46 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

نتانياهو متهم والولايات المتحدة تؤيده

GMT 04:40 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

فى حياته.. ومماته!

GMT 13:45 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلام والدولة.. الصحافة الورقية تعاني فهل مِن منقذ؟!

GMT 21:48 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 03:36 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

هبة القواس تحيي أول حفلة أوبرا في السعودية

GMT 22:47 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

نوح الموسى يؤكّد أنّ التعادل مع الإمارات نتيجة مرضية

GMT 22:50 2018 الجمعة ,13 إبريل / نيسان

افتتاح فندق "روف مرسى دبي" بسعة 384 غرفة

GMT 12:39 2015 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الأخطبوط يلجأ إلى حيل مثيرة للدهشة للإيقاع بالفريسة

GMT 23:43 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يجعلك هذا اليوم أكثر قدرة على إتخاذ قرارات مادية مناسبة

GMT 08:08 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

إردوغان يحذّر من تغلغل "حركة غولن" في أجهزة الدولة والمجتمع

GMT 07:47 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

حوار خاص مع جميل راتب داخل أحد المستشفيات قبل وفاته

GMT 03:55 2018 الجمعة ,14 أيلول / سبتمبر

مواصفات هائلة في سيارة الدفع الرباعي مازدا CX5

GMT 10:44 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

إدراج "أبو تريكة" ضمن قرار مصادرة أموال 1589 إخوانيًا

GMT 18:45 2018 الجمعة ,03 آب / أغسطس

المغرب يطلق 23 مهرجانًا للاهتمام بالموروث
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq