يوتوبيا التنمية المستقلة

يوتوبيا التنمية المستقلة

يوتوبيا التنمية المستقلة

 العراق اليوم -

يوتوبيا التنمية المستقلة

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

أثرى عالم الاقتصاد الكبير سمير أمين، الذى رحل عن عالمنا قبل أيام، الفكر العالمى بأعمال عميقة يعتبرها تلاميذه وأنصار مدرسة التبعية بوجه عام اختراقاً عميقاً فى هذا المجال

. انشغل أمين، انطلاقاً من منهج ماركسى مختلف عليه فى أوساط اليسار، بقضية العلاقة بين الشمال والجنوب، والتى رآها علاقة تبعية كاملة. فالشمال، والغرب فى القلب منه, هو مركز العالم. وما دول الجنوب إلا أطراف هذا العالم.

تقوم التبعية، عنده، على احتكار الشمال للتكنولوجيا المتقدمة، ورءوس الأموال، والإعلام، وأسلحة الدمار الشامل، لكن السؤال الأساسى الذى لم يجب عنه، فى حدود معرفتى، يتعلق بتفسير استمرار هذه التبعية بعد كسر عدد متزايد من بلدان الجنوب احتكار أسلحة الدمار الشامل، وكذلك التكنولوجيا المتقدمة بدرجة أقل.

يُفهم من طروحات د. سمير أمين أن التبعية تفاقمت فى مرحلة العولمة، التى رأى أنها تعمل فى مصلحة دول الشمال وعلى حساب الجنوب. لكن الوضع يبدو معكوساً الآن فى ظل شكاوى الإدارة الأمريكية الحالية من أضرار العولمة، واتخاذها إجراءات للحد من آثارها، فى الوقت الذى تتصدر الصين قائمة المدافعين عنها.

فى نظرية سمير أمين، إذن، ما انتظر متابعوه أن يعالجه فى السنوات الأخيرة. وربما حال المرض الخبيث الذى أصابه، إلى جانب تقدم العمر به، دون مراجعة ما كان ممكناً أن يعيد النظر فيه، أو يقدم تفسيراً جديداً له لمعالجة ما يبدو أنه تناقض فى بعض ثنايا هذه النظرية. ولا يقلل هذا من أهمية أعماله التى أثرت الفكر الاقتصادى فى العالم.

وليس من الإنصاف القول، مع بعض ناقديه، أن شيئاً من الجمود اعترى نظريته، وجعل من الصعب تجديدها. والأرجح أنه تصور حالة مثالية خلقت مسافة بينه وبين الواقع، عندما طرح أفكاره حول التنمية المستقلة لمواجهة التبعية. وربما خلق نوعاً من اليوتوبيا، عندما تصور نظاماً اقتصادياً عالمياً جديداً يبدأ بتحقيق تنمية مستقلة فى دول الجنوب، وإقامة أسواق مالية مشتركة بينها خارج إطار السوق العالمية، على نحو رأى أنه يمكن أن يخلق حالة تدفع القوى العاملة فى الشمال إلى كسر احتكار الطبقات البورجوازية للاقتصاد والحكم، مما يؤدى إلى إقامة علاقات اقتصادية دولية متوازنة أو عادلة.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: الأهرام

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوتوبيا التنمية المستقلة يوتوبيا التنمية المستقلة



GMT 04:55 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

السباق على استعمار القمر

GMT 04:46 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

نتانياهو متهم والولايات المتحدة تؤيده

GMT 04:40 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

فى حياته.. ومماته!

GMT 13:45 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلام والدولة.. الصحافة الورقية تعاني فهل مِن منقذ؟!

GMT 07:08 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر بطيء الوتيرة وربما مخيب للأمل

GMT 17:10 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 07:31 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

أزياء ميلانا ترامب وفيلم ألكسندر ماكوين أبرز الأحداث

GMT 10:00 2018 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

سعيد عبد الغني

GMT 01:40 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تيريزا ماي في السعودية لتغيير ملامح الحرب في اليمن

GMT 11:14 2016 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

التعددية سلاح ذو حدين عربيًا

GMT 21:45 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أجمل فساتين الزفاف في جلسة تصوير عروس 2016

GMT 03:53 2015 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

جزيرة فوليجاندروس أجمل مكان لمشاهدة غروب الشمس
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq