تحية للمستشارة الألمانية ميركل

تحية للمستشارة الألمانية ميركل

تحية للمستشارة الألمانية ميركل

 العراق اليوم -

تحية للمستشارة الألمانية ميركل

بقلم - مكرم محمد أحمد

تستحق المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تحية وتقديرا كبيرين لشجاعتها الفائقة وإصرارها على أن تأخذ الموقف الصحيح والقرار الصحيح مهما يكلفها ذلك من تضحيات يمكن أن تشمل تخليها عن منصبها كمستشارة لألمانيا ترأس السلطة التنفيذية لأقوى الاقتصاديات الأوروبية وأكثرها التزاما بوحدة القارة الأوروبية واستقلال قرارها السياسى، لقد أعلنت ميركل تخليها عن منصب المستشارية مع نهاية ولايتها الحالية التى تستمر حتى عام 2021، ثمناً لقرارها الشجاع بأن تفتح أبواب ألمانيا لاستقبال مليون مهاجر وطالب لجوء سياسى معظمهم من السوريين والأتراك إبان أزمة الحرب الأهلية السورية عامى 2015/2016، حيث أعلنت المستشارة ميركل قبول ألمانيا مليون مهاجر سورى رغم مخاوف دول أوروبية عديدة أغلقت أبوابها تحت ضغوط أحزاب وجماعات شعبوية وعنصرية تعادى هجرة الجنوب إلى الشمال، لم تأخذ أنجيلا ميركل هذا القرار الشجاع، فقط تحت ضغوط الاعتبارات الأخلاقية الإنسانية ولكن لأن ألمانيا كانت تعانى نقصاً فادحاً فى قوتها العاملة يمكن أن يؤثر على قدرتها الاقتصادية وحجم صادراتها الصناعية إلى الخارج. 

وقد أصابت ميركل الهدفين بحجر واحد ولم تستسلم للتحذيرات العديدة التى كانت تستهدف إخافتها من وجود جماعات متطرفة وسط هؤلاء المهاجرين تُريد الشر لأوروبا، منذ هذا التاريخ وميركل تعانى تراجع شعبيتها تحت ضغوط الشعبوية التى تكتسح الأنظمة الأوروبية، تشدها نحو اليمين المتطرف وتجبرها على أن تتنكر لكثير من المبادىء التى سادت الفكر الأوروبى، وبينها حق الهجرة والقبول بالتنوع والاعتراف بالآخر ورفض المجتمعات المُنغلقة على نفسها، ورغم أن الألمان الذين كانوا يعانون نقصا فادحا فى العمالة استطاعوا من خلال الهجرة تعويض هذا النقص، توالت نجاحات الشعبوية واليمين المتطرف مستغلة المخاوف التى تثيرها أزمة المهاجرين لدى الرأى العام الألمانى لتأكل من شعبية المستشارة الألمانية التى تمسكت بموقفها من اللاجئين، وكانت أنجيلا تتوقع أن يكافئها العالم بمنحها جائزة نوبل للسلام لكن المفاجأة الحقيقية حدثت فى انتخابات مقاطعة بافاريا قبل أسبوعين، حيث لقى الحزب البافارى الاتحاد المسيحى المتحالف مع حزب ميركل الاتحاد الديمقراطى المسيحى هزيمة صعبة، أعقبها هزيمة أخرى ثقيلة لحزب ميركل، الاتحاد الديمقراطى المسيحى فى منطقة هيسن، ومنذ هذه اللحظة بات واضحاً للمستشارة ميركل أن حزبى التحالف الحاكم يغرقان معاً، وأن الحل الصحيح والكريم أن تعترف المستشارة بالأمر الواقع، وتعلن تخليها عن منصب المستشارية، وتأخذ موقفاً مبدئيا تعلن فيه أنها لن تترشح لهذا المنصب بعد نهاية ولايتها.

والواضح أن القاهرة كانت تدرك قبل أسبوعين، عندما لقى الحزب البافارى حليف المستشارة ميركل وشريكها فى الحكم هزيمته الثقيلة فى الانتخابات البافارية الأخيرة، لكن الرئيس السيسى أكد منذ اللحظة الأولى أنه سوف يلبى دعوة ميركل رغم الظروف السياسية الصعبة التى يمر بها حزبها بسبب قضية الهجرة وأن من واجب مصر أن تُلبى الدعوة، لأن ميركل تعنى بالنسبة لمصر صديقا ًحقيقياً فضلاً عن موقفها من قضية الهجرة، ولأنها سوف تبقى أبداً رمزاً حياً لوحدة القارة الأوروبية واستقلال قرارها، وبالطبع يدخل ضمن حسابات الرئيس السيسى أن العلاقات الألمانية المصرية مستمرة وتزداد قوة، وأن ألمانيا تمثل بالنسبة لمصر سنداً قوياً وقوة مضافة ينبغى البناء عليها، ومن المؤكد أن ما حدث لميركل بسبب الشعبوية التى تغزو أوروبا يمثل تحذيراً مهماً للرئيس الفرنسى ماكرون لأن صعود أحزاب اليمين المتطرف فى ألمانيا وفرنسا يمثل مصدر قلق حقيقيا على وحدة القارة الأوروبية واستقلال قرارها، وربما لا ينسى كثيرون عناوين الصحف الألمانية عام 2013 عندما أعلنت ميركل أن المخابرات الأمريكية تتنصت على مكالماتها التليفونية.. ومع نهاية ولاية ميركل 2021 تكون المستشارة الألمانية التى تولت منصب المستشار عام 2005 قد أمضت 16 عاماً فى حكم ألمانيا، سُميت خلالها أقوى امرأة فى العالم برقم قياسى للمرة العاشرة، وأطول رئيس حكومة خدمة للاتحاد الأوروبى، وهى فى الأصل عالمة أبحاث سابقة تحمل شهادة دكتوراه فى الكيمياء الفيزيائية، وقد بقيت طوال فترة حكمها صديقة لمصر وللرئيس السيسى، ساعدت مصر فى مواقف عديدة تستحق الشكر والتحية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحية للمستشارة الألمانية ميركل تحية للمستشارة الألمانية ميركل



GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

GMT 01:25 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار متجددة وراقية لديكورات مداخل حفلات الزفاف

GMT 02:14 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

جزيرة سيريفوس في سيكلاديز من أفضل جزر اليونان

GMT 21:26 2019 السبت ,10 آب / أغسطس

تعرفي علي مكونتات أغلى عطر في العالم

GMT 21:13 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

ناصر الخليفي يضع زين الدين زيدان على رأس قائمة المدربين

GMT 00:38 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

منال سلامة تقدم شخصية شريرة في " عائلة الحاج نعمان "

GMT 19:46 2019 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ختام النسخة 11 لمهرجان منصور بن زايد للخيول العربية الأصيلة

GMT 09:36 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

شركة هيونداي تعلن طرح سوناتا 2018 بمواصفات مذهلة

GMT 02:53 2017 الثلاثاء ,04 تموز / يوليو

العلماء يخترعون ستائر تخزن الطاقة الشمسية

GMT 13:43 2019 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

"Jacquemus" تكشف عن حقائب صغيرة ليس كالتي نتخيلها

GMT 15:15 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

تدريبات خاصة للاعبي يد النادي الأهلي المصري الدوليين

GMT 21:42 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة إعداد كرات الشوكولاتة بجوز الهند والشوفان

GMT 20:06 2016 الأربعاء ,22 حزيران / يونيو

لاعب "الريان" القطري حامد اسماعيل يتعرَّض لحادث سير

GMT 11:12 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

المصمم نجا سعادة من عالم الطبّ إلى تصميم الأزياء
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq