الدفاع عن القتلة

الدفاع عن القتلة

الدفاع عن القتلة

 العراق اليوم -

الدفاع عن القتلة

بقلم : عمرو الشوبكي

الدفاع عن قاتل ومجرم فقط من ضمانات المحاكمة العادلة، إنما اعتباره ضحية وبطلاً فهذه جريمة أخرى لا تقل سوءا عن جرائم القتل والإرهاب، فاعتبار مَن قاموا بجريمة كرداسة الإرهابية أبطالاً جريمة أخرى تعبر عن حالة إخوانية تحمل كراهية عميقة لكل مَن يخالفهم فى التوجه، حتى أصبحوا هم التيار الوحيد الذى يشمت فى مصائب الشعب والحكومة معاً، ولا يرى إلا جماعته وعشيرته.

فالمؤكد أن ما جرى فى كرداسة فى صيف 2013 هو جريمة إرهابية مكتملة الأركان، فقد قامت العناصر المؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسى باقتحام مركز الشرطة، واعتدوا على رجاله أولاً بالضرب، وفق ما جاء فى حيثيات الحكم، ثم أطلقوا النار عليهم، حتى بلغ عدد الشهداء 17 من رجال الشرطة، وشرعوا فى قتل 21 شخصا، وأُصيب 17 آخرون، وخربوا مبنى القسم، وأتلفوا مبنى المركز، وسرقوا متعلقات المجنى عليهم والأسلحة وكل ما بداخل قسم الشرطة والمركز، حتى بلغ إجمالى الخسائر 11 مليونا و295 ألفا و981 جنيها، ومكَّنوا المقبوض عليهم المحبوسين من الهرب.

ولأن البعض فى مصر اعتاد أن يذكر نصف الحقيقة، فإن محكمة جنايات الجيزة سبق أن أصدرت حكماً بالإعدام على 183 متهماً فى مذبحة كرداسة، ثم قامت أعلى سلطة قضائية فى مصر، وهى محكمة النقض، بنقض الحكم وإحالته إلى محكمة جنايات القاهرة، التى قضت مؤخرا بإعدام 20 متهما، تيقنت أنهم نفذوا جريمتهم النكراء، وأصدرت أيضا أحكاما بالمؤبد على 80 من المُدانين الآخرين، كما قضت بالسجن المشدد (15 سنة) على 34 من المُدانين فى نفس القضية. كما لم يشمل قرار المحكمة 28 متهما كانت محكمة الجنايات قد قضت بإعدامهم غيابيا، إذ لا يجوز نظر طعون المتهمين الغائبين.

هؤلاء لم يُعدموا لأنهم «معارضون للانقلاب» كما يردد البعض ولا لأنهم معارضون سياسيون (حتى لو كان هناك بكل أسف معارضون سياسيون يُعتقلون)، إنما لأنهم قتلوا وأحرقوا وخربوا. فى المقابل، فإن كل مَن يطالبون باختصار مدة التقاضى ليحولوا معنى العدالة من عدالة ناجزة إلى عدالة ظالمة وينشروا روح الانتقام فى المجتمع هم مخربون أيضا.

فهل سيسعد أهالى الشهداء إذا أُعدم شخص برىء فى خلال حكم يصدر فى شهر بلا نقض، لأن البعض يتصور أن العدالة هى فقط أو أساسا فى سرعة الحكم؟ بالتأكيد لا، فهم سيستريحون ويهدأون- وسيُردع أى شخص- بعدالة حقيقية ناجزة، تحكم بيقين وضمير مرتاح على مَن ارتكب فعلاً جريمة القتل أو الترويع، فالحكم الأخير فى حق مَن نفذوا مذبحة كرداسة استمر 4 سنوات، وأخذ 50 جلسة، حتى تيقن ضمير القاضى أن من قتل يقتل، لا أن نعدم أشخاصاً أبرياء أو نحول العدالة إلى مسار لتصفية الحسابات السياسية، فهذا جرم أكبر من أى جرم.

لا يوجد مصرى سوى يسعد بإعدام أحد، ولكن قبل ذلك نتمنى ألا يرتكب أحد جرائم قتل وإرهاب وترويع، وأن نعمل على وقف أسباب الإرهاب، ولا نكتفى فقط بمحاربة أعراضه.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدفاع عن القتلة الدفاع عن القتلة



GMT 09:29 2020 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

حول التطبيع 2

GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 17:39 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 13:15 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

مناخا جيد على الرغم من بعض المعاكسات

GMT 13:49 2019 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

ترامب يمنح ميدالية الحرية لأسطورة الغولف

GMT 09:10 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

الفالح يؤكّد على أهمية منتدى الطاقة العالمي في الجزائر

GMT 04:58 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

"وان بلس " تُطلق النسخة الجديدة من هاتف 6T McLaren

GMT 06:04 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد اللوز للقلب ويساعد على الرشاقة

GMT 13:12 2018 الإثنين ,20 آب / أغسطس

مشروع قومي لرفع المعاناة

GMT 06:18 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

بقلم : أسامة حجاج

GMT 20:10 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

هجوم في داقوق يكشف النقاب عن تنظيم جديد بديل لـ"داعش"

GMT 11:27 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

التوصل لعقار جديد لعلاج أحد أنواع الزهايمر

GMT 22:05 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

شريف الشمرلي مديرًا للمنتخبات الوطنية لكرة الطائرة

GMT 04:13 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

مدينة ريميني الإيطالية أبرز وجهات الصيف المقبل

GMT 18:10 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة عمل الدونات الأميركية
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq