التعددية المقيدة

التعددية المقيدة

التعددية المقيدة

 العراق اليوم -

التعددية المقيدة

بقلم - عمرو الشوبكي

عرَّف علم السياسة «نظم التعددية المقيدة» بأنها فى جوهرها نظم غير ديمقراطية، ولكنها تسمح بتعددية حزبية وهامش للمعارضة، تتكلم وتنتقد وأحياناً تصرخ، ويمكن أيضاً أن تُتداول السلطة فيما بينها بشرط ألا تمس الأسس أو المؤسسات التى يقوم عليها النظام.

وهى تختلف عن نظام الحزب الواحد الذى لا يسمح بأى ممارسة للسياسة خارجه، مثلما هو الحال فى الصين أو مصر فى الستينيات، ومعها معظم دول العالم الثالث، وعن النظم الديمقراطية التى تعرف تداولاً للسلطة والتعددية الحزبية على أرضية الدستور والقانون وليس أى سلطة أخرى.

وقد تحوَّلت مصر منذ عام 1976 من نظام الحزب الواحد إلى نظام التعددية المقيدة؛ فأعلن الرئيس السادات قراره بإنشاء 3 أحزاب سياسية حدَّد رؤساءها بنفسه، وحين قرر أن يُغيِّر اسم حزب الدولة الحاكم عام 1978 من «حزب مصر العربى الاشتراكى» إلى «الحزب الوطنى الديمقراطى» هرول كل أعضاء الحزب الأول ونوابه إلى الحزب الجديد الذى قاده الرئيس. صحيح أن حزب الوفد انتزع شرعيته بحكم قضائى إلا أنه جمَّد نفسه نتيجة منع بعض قيادات الحزب التاريخية من ممارسة العمل السياسى بقانون أصدره السادات واستفتى عليه الشعب.

واستمر جوهر نظام التعددية المقيدة طوال عهد مبارك بهامش أكبر مما كان موجوداً فى عهد السادات، وسمح للأحزاب السياسية بالتواجد وزيادة عددها دون أن يسمح لها بتداول السلطة فيما بينها أو مع الحزب الحاكم.

وشهدنا فى المنطقة العربية، وفى كثير من دول العالم، نظام التعددية المقيدة؛ فالمغرب على سبيل المثال فيها نظام هو الأكثر تقدماً بين نظم التعددية المقيدة، بل يصفه البعض بأنه نظام يتحول نحو الديمقراطية؛ لأنه مسموح فيه بتداول السلطة بين الأحزاب السياسية دون المساس بسلطة الملك وصلاحياته، كما عرفت تركيا عقب تأسيس جمهوريتها عام 1923على يد بطلها القومى مصطفى كمال أتاتورك نظام الحزب الواحد حتى عام 1946، ثم تحوَّلت إلى نظام التعددية المقيدة لعقود طويلة، وسمحت بتعددية حزبية مقيدة تداولت فيها السلطة بين الأحزاب العلمانية التى ترعاها المؤسسة العسكرية، واستبعدت أحياناً بالقوة الخشنة والانقلابات العسكرية أى أحزاب سياسية على أرضية إسلامية أو محافظة، وذلك حتى وصول أردوغان للسلطة عام 2002 وإعلانه الالتزام بمبادئ العلمانية والجمهورية التركية.

أما إيران فقد عرفت نظام تعددية مقيدة يسمح بتنافس وتداول للسلطة بين إصلاحيين ومحافظين على أرضية نظام ولاية الفقيه، أى أن مرشد الثورة (رجل الدين الحاكم بأذرعته الممتدة داخل مؤسسات الدولة) وصلاحياته المطلقة هى التى تضع الإطار الذى لا يمكن لأى تيار أن يتجاوزه داخل النظام الإيرانى حتى لو تداولوا السلطة فيما بينهم.

والمؤكد أن نظم التعددية المقيدة لم تخلق ديمقراطية كاملة، ولكنها خلقت نظماً أكثر حيوية وكفاءة من نظام الصوت الواحد أو نظم التعددية المقيدة الشكلية التى لا تسمح بأى تنافس حقيقى من أى نوع.

معضلة المشهد السياسى الحالى فى مصر أنه انتقل من نظام التعددية المقيدة الذى حمل بذوراً للتنافس وتداول السلطة على أرضية النظام القائم، إلى تعددية شكلية ومرشحين للرئاسة يخصمون من رصيد النظام، خاصة إذا قارنَّاه بنظم التعددية المقيدة من حولنا.

المصدر : جريدة المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعددية المقيدة التعددية المقيدة



GMT 09:29 2020 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

حول التطبيع 2

GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 06:59 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

"الدانتيل" لديكور مذهل في حفل زفافك

GMT 00:21 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

مروان حامد مخرج أول أفلام سلسلة "رجل المستحيل"

GMT 22:34 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

كم يوم عمل تحتاجه لشراء هاتف أيفون X ؟

GMT 22:44 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العكايشي يقود الاتحاد إلى التعادل في مباراة الفيصلي

GMT 17:22 2013 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

مقتل وإصابة 30 شخصًا في انفجار عبوة ناسفة بمحافظة ديالي

GMT 22:18 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مشاركة عربية قياسية في نهائيات أمم أفريقيا 2019

GMT 07:10 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

نقوش الحيوانات أحدث إطلالة لمواكبة موضة خريف 2018

GMT 16:29 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

كريم هنداوي أفضل لاعب في بطولة كأس تركيا لليد

GMT 00:42 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

سعر الريال السعودي مقابل دينار كويتي الاثنين

GMT 02:19 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

أفغان يعلنون دفن ضحايا ضربة جوية نفذّتها الحكومة

GMT 08:34 2018 الخميس ,29 آذار/ مارس

مرسيدس C43 AMG 4Matic عائلية من الدرجة الأولى

GMT 09:55 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

كليب وقفة ناصية زمان لأحمد مكي يتصدر قائمة top tracks مصر

GMT 20:56 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

هيدي بفستان مثير في العيد الـ20 لمدينة الإنتاج الإعلامي

GMT 21:29 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

هيونداي تخطط لإطلاق سيارتها ذاتية القيادة بحلول 2021
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq