مائة عام على ميلاد عبدالناصر

مائة عام على ميلاد عبدالناصر

مائة عام على ميلاد عبدالناصر

 العراق اليوم -

مائة عام على ميلاد عبدالناصر

بقلم - عمرو الشوبكي

لماذا يحتفل الناس بمئوية عبدالناصر؟ بالتأكيد لا يحتفل الناس بنظام عبدالناصر، إنما بمبادئه وبالقيم والأفكار التى دافع عنها ومثلها، فهم لا يحتفلون بالتنظيم الواحد وبتجاوزات الأجهزة الأمنية وبهزيمة 67، فهو مثل كل زعيم كبير فى العالم قدم مشروعاً فكرياً وسياسياً، طبقه من خلال أدوات عصره، ودخل فى معارك انتصر فى كثير منها (حرب 1956 ومعارك التحرر والاستقلال) وهزم فى أخرى (1967).

وعادة ما يحتفى الناس بالمشروع والمبادئ والأفكار، ولو بعد ألف عام حتى بالنقد، فى حين أن النظام والأدوات والأساليب هى جزء من الماضى الذى لا يستدعيه الناس ولا يكون مصدر احتفالهم.

صحيح البعض فى مصر يقدم نموذجاً نادراً فى التعامل مع عبدالناصر، فهو يستبعد جوهر مشروعه، وربما هو يكره مبادئه ولا يسعى لتطبيق أى جانب منها، ولا علاقة له بقيم العدالة والتحرر والكرامة، إنما هو يحن لنظام عبدالناصر، فيتغزل فى الصوت الواحد والإعلام الواحد والحزب الواحد، وحتى رموز نظام عبدالناصر التى اتسمت بالكفاءة والمهنية لم تعد موجودة فى ساحة من يستدعون النظام لا المبادئ، لأن رموزهم هى رموز الشتائم والتسريبات وانعدام المهنية والأخلاق.

مدهش أن يتصور البعض أن قوة عبدالناصر فى أدوات نظامه وليست فى مبادئه، وأن هذه الأدوات كانت بلا أدنى شك أدوات عصر التحرر الوطنى الذى عاش فيه فتقبلها الناس مثلما فعلوا مع كل تجارب التحرر فى العالم الثالث كله (ما عدا الهند) حين كان نظام الحزب الواحد هو السائد.

مبادئ عبدالناصر كانت حقيقية، ولم تكن مجرد شعارات جوفاء بمعنى أن كل معاركه التى أصاب وأخطأ فيها كانت معارك غير مزيفة، فهو لم يرفض إعطاء الاستقلال للسودان فى الوقت الذى يناضل فيه من أجل تحرر بلاده وكل دول العالم الثالث من الاستعمار، فيتحول إلى سلطة احتلال لكى يرضى من يتباكى بجهل على «تفريطه» فى السودان، ولم يفرض الوحدة على سوريا بالقوة ويكرر مأساة صدام حسين فى الكويت، لأنه آمن بأن الوحدة خيار شعبى، فتقبل الانقلاب على الوحدة حتى لا يتقاتل المصرى والسورى. وعبدالناصر لم تكن ثوريته مستمدة من خطب الكلام الفارغ والشعارات الفارغة، بل هو أول من عرف الثورة بكلام «غير حنجورى» حين قال إنها: «علم تغيير المجتمع».

عبدالناصر الحقيقى هزم فى 67 وهو يحارب إسرائيل وليس ليبيا أو السودان وتحمل المسؤولية واستقال، ولم يقل عبدالناصر إن الغرب يتآمر علينا وفى نفس الوقت سعى للحصول على قرض صندوق النقد الدولى بدعم غربى، ولا يمكن أن يقارن البعض مؤامرات الغرب ضدنا (التى تعنى فى الأساس خططا وسياسات) عقب تأميم عبدالناصر قناة السويس ثم الحصار والعدوان الثلاثى على مصر، ببعض مشكلاتنا الحالية مع الغرب حول قضايا لا علاقة لها بالنضال ضد الاستعمار ولا بالتحرر الوطنى إنما بالأداء والحرفية والسياسات الشفافة.

مبادئ عبدالناصر عابرة للزمن دعما أو نقدا، أما نظامه فلا مستقبل له، سواء على يد ناس لا علاقة لهم بمبادئ الرجل أو آخرين مؤمنين بها، فالنظام ابن عصره والمبادئ عابرة للعصور.

المصدر :جريدة المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مائة عام على ميلاد عبدالناصر مائة عام على ميلاد عبدالناصر



GMT 09:29 2020 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

حول التطبيع 2

GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 11:34 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

10 " ميداليات ذهبية " في سباق رماية القرية التراثية

GMT 00:36 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

منة الله سامي تكشف جمال المساحات الشاسعة في البلدان

GMT 15:10 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

مدرب يد تونس يكشف عن قائمة اللاعبين استعدادًا لمعسكر سوسة

GMT 01:33 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعة يؤكد أن دوره في "الممر" مختلف عن "يوم مصري"

GMT 23:33 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على عدد زيجات عمر الحريري في ذكرى رحيله

GMT 12:41 2015 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد الفراولة للمساعدة على التئام الجروح

GMT 22:09 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تفاصيل خطوبة هنادي مهنى وأحمد خالد صالح

GMT 12:40 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

أحدث موديلات الفساتين المميَّزة لوالدة العروس
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq