الأصول المصرية الهوية نموذجاً

الأصول المصرية.. الهوية نموذجاً

الأصول المصرية.. الهوية نموذجاً

 العراق اليوم -

الأصول المصرية الهوية نموذجاً

بقلم : مصطفي الفقي

يفتخر كثير من المصريين بأن فيهم (عرقا تركيا)! وقد يكون ذلك صحيحًا؛ فقد ارتبطنا بالخلافة العثمانية والهيمنة التركية لأكثر من سبعة قرون تركت آثارها على الإنسان المصرى دمًا ولحمًا، فكرًا وثقافة، طعامًا وشرابًا.

والواقع أننا نخلط هنا فى مصر بين بعض الأجناس الآسيوية الأوروبية وبين الأتراك، ولعل أبرز مثال على ذلك علاقة المصريين بالمماليك الذين قدموا من (حاميات) الجيش التركى و(انكشارية) السلطان العثمانى.

والواقع أن مصر قد وفدت عليها أجناس كثيرة وجنسيات متعددة، فاستوعبتهم، وامتصت أفضل ما فيهم وأصبح من قبيل المباهاة أن يشير مصرى أو مصرية إلى أصوله الأجنبية معتبرين ذلك تميزًا ورقيًا، بينما الأمر يختلف عن ذلك كثيرًا، فالتفرقة بسبب الأصول العرقية أو الدماء الأجنبية وهم كامل خصوصًا أننا شعب اختلطت فيه الأجناس والأنساب، فلا توجد مبررات للتفرقة بين مصرى وآخر لأسباب تتصل بالعرق أو الجنس أو اللون أو الدين.

ولعلى أطرح فى هذه المناسبة بعض الملاحظات:

أولًا- لا يوجد جنس نقى، فالبشرية اختلطت عبر العصور، وامتزجت الدماء، وتداخلت الأعراق، ولا يوجد دم خالص مائة بالمائة من منظور علم الوراثة أو تحليل الحمض النووى، فالأخير قد أثبت أن 98% من المصريين- مسلمين وأقباطًا- يملكون صفات مشتركة تؤكد أن الجينات المصرية ليس بينها تباينات تسمح بالتشكيك فى أصولهم إذ إن المصريين كبقية الشعوب ينتمون إلى مجموعة واحدة من الأصول والأعراق.

ثانيًا- إن الأصل الفرعونى لمصر القديمة ما زال يحتفظ بشكله فى تكوينه ومظهره، فسماته الأساسية مرسومة فى الصور أو مجسمة فى التماثيل تبدو فيها جمجمة المصرى القديم شديدة الشبه بالرأس المصرى حاليًا خصوصًا فى جنوب البلاد لذلك فإننى ممن يظنون أن الأصل الفرعونى ثابت للمصريين جميعًا أقباطًا ومسلمين.

ثالثًا- إن مصر- وهى إفريقية الموقع عربية اللسان- بحر متوسطية، ويدين شعبها بالإسلام والمسيحية، ولكنها أيضًا ذات الأرض الطيبة التى تعاقبت عليها الديانات وامتزجت فيها الثقافات، وأنتجت فى النهاية سبيكة مصرية متميزة بما لها من تعددية وتفرد فى ذات الوقت.

رابعًا- تؤكد كل الدراسات الحديثة فى علوم الإنسان وطبيعة الأجناس أنه لا يوجد فارق على الإطلاق فى مستويات الذكاء ومعدلات النمو العقلى نتيجة ارتباط بعرق معين أو أصل بذاته، فنحن نولد جميعًا متساوين، ولا يميز أحدنا على الآخر إلا البيئة المحيطة والمناخ الدائم، بالإضافة إلى التعليم والتدريب والثقافة المسيطرة، وفى ظنى شخصيًا أن نسبة عالية من الذكاء مكتسبة، وليست فطرية، فإذا كنا نعترف بالموهبة، فإننا لا نراها وحدها رصيدًا للتقدم ودافعًا للارتقاء، ولا بد من تنميتها والتعب عليها صقلًا ومرانًا وترسيخًا.

خامسًا- إن مصر دولة ملتقى بحكم الجغرافيا ومنطق التاريخ، وهذا الأمر جعلها مدرسة للتعددية ونموذجًا للازدهار البشرى الذى لا يتوقف عند حد معين، لذلك لم يعرف المصريون عبر تاريخهم الطويل صراعات داخلية أو صدامات عنصرية، بل ظل أمرهم دائمًا مرتبطًا بالأرض والنهر، دون تفرقة أو تمييز مهما كانت الظروف السياسية والمشكلات الاقتصادية والأزمات المجتمعية.

إن المصريين من أصول إفريقية وعربية وبحر متوسطية، من بدايات الهجرات من الجنوب والشرق والغرب، وهى تشكل فى مجموعها التكوين الرصين للشعب المصرى بمقوماته المعروفة وأعمدة وجوده الراسخة، وعندما ألحظ محاولة التمايز غير الموفق بين المصريين بالحديث عن (أشراف) وبشر عاديين تبدو أمامى دولة الهند التى عشت فيها 4 سنوات، وأدركت خطورة التمييز الطبقى الذى يقسم الأمم، ويمزق الشعوب، وحمدت الله أن الكنانة بعيدة عن ذلك، وسوف تظل عصية على التقسيمات الوهمية، لأنه لا توجد دماء نقية أو خلايا شريفة.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأصول المصرية الهوية نموذجاً الأصول المصرية الهوية نموذجاً



GMT 04:55 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

السباق على استعمار القمر

GMT 04:46 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

نتانياهو متهم والولايات المتحدة تؤيده

GMT 04:40 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

فى حياته.. ومماته!

GMT 13:45 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلام والدولة.. الصحافة الورقية تعاني فهل مِن منقذ؟!

GMT 22:12 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 22:06 2020 الأحد ,12 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 09:45 2021 السبت ,20 شباط / فبراير

سياحة إفتراضية على متن مركب شراعي في أسوان

GMT 13:01 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

دراسة تكشف فوائد وسلبيات حمية البيض لفقدان الوزن

GMT 19:53 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن النقاش والجدال لتخطي الأمور وتجنب الأخطار

GMT 16:08 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

صحيفة بريطانية تكشف عن قاتلي الأميرة ديانا

GMT 22:46 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

​طارق لطفي يبدأ تصوير فيلم "122" السبت المقبل

GMT 02:23 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

فلة الجزائرية تكشف أنها ستغني طالما هناك أنفاس في صدرها

GMT 11:45 2015 الإثنين ,19 كانون الثاني / يناير

مصر تبدء تسليم أراضي القرعة العلنية في "برج العرب"

GMT 03:05 2016 الإثنين ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

مجوهرات "كارتييه" ​Cartier تُكسب المرأة جمالًا ملفتًا للنظر 

GMT 03:37 2017 الجمعة ,06 كانون الثاني / يناير

"البحر المتوسط الغذائي" يمنع انكماش الأدمغة لكبار السن

GMT 00:29 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

ريم مصطفى تخشى الزعيم وترفض تكرار تجربة "هبة رجل الغراب"
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq