الإبداع بين الإنتاج والترويج

الإبداع بين الإنتاج والترويج

الإبداع بين الإنتاج والترويج

 العراق اليوم -

الإبداع بين الإنتاج والترويج

بقلم: آن الصافي

عدد لابأس به من الإصدارات الأدبية والثقافية تعتلي مصاف الأرفف الأولى في المكتبات، بسبب حصولها على جوائز أو التسويق الجيد لها. بطبيعة الحال قطاع المكتبات، يجب أن يعمل على الترويج على نمط الكتب الأكثر مبيعا،ً وكأي قطاع خدمي يهدف لجني الأرباح المادية ويمارس على نطاقه الصفقات المعلنة وغير المعلنة بينه وبين دور النشر والموزعين وقنوات التسويق. هذا أمر جيد ما لم يخل بالقوانين المتعارف عليها.

إذن قطاع الكتابة وما يرافقه من خدمات يعج بالكثير  من الأمور التي تطلب تضافر القائمين عليه لنشر وعرض وترويج ما يكتب بالشكل الذي يعود بريعه الطيب. هذا كما في كل الأعمال الإبداعية التي تقوم حول منتج المبدع (رسم، تمثيل،غناء، كتابة،...الخ) إلى لحظة وصوله إلى المتلقي. في الغالب هناك مرحلة مهمة يتولاها الحقل الصحفي والإعلامي بهدف ترويجي يعد المتلقي لما سيعرض له.

في صيغ التفضيل المسبوق ب (ال) التعريف التي تاتي قبل إسم المبدع أياً كان، نجد كثرة استخدامها من قبل المروجين سواء في الصحافة أو الإعلام أو شبكات التواصل الإجتماعي سواء لمنتج المبدع أو للمبدع ذاته، مثل: الأكبر/الكبير الأنجح الأشهر/المشهور الأفضل الأحسن .....  
لا ضير في ذلك؟

هنا وقفة عزيزي القارئ لمدلولات تستوجب الانتباه إلى أن هكذا استخدامات لغوية تُري شغف المفاضلات في المجتمعات  والذي يجعل المتلقي مشرئب العنق متمعناً  للاسم المروج له قبل عمله في كثير من الأحيان، لنصل لنتيجة واحدة: التصنيفات الغير موضوعية فقاعة تُكتشف من قبل المتلقي طال الزمن أم قصر. وهذا بالطبع يفقد مصداقية حلقة القنوات الداعمة للمنتج الابداعي والمبدع نفسه.

هذا التفاضل المبني بعاطفة المفاضلات الغير علمية والتي تعتمد على ذائقة/رأي/مصلحة أفراد وجهات أياً كانت تؤذي في الصورة العامة المساهمة في ترويج منتج ليس كما تم نعته بكلمات ترغب في الإقبال عليه.  
يؤطر قطاع الخدمات بأنواعها في الكثير من الدول بمرادف مؤسسي لحماية المستهلك. هذا يشير إلى وعي الجهات المختصة بقيمة الفرد في المجتمع؛ بالإضافة إلى الحرص على الصورة العامة في تلك الدول  للحفاظ على قيم بعينها يخضع من ينتهكها للمُساءَلة القانونية.
 
ماذا عن قطاع الانتاج الإبداعي؟
نعم القضية شائكة جداً وتطلب  قبل كل شيء  وعي من المستهلك،  أعني المتلقي ولكن ليتم ذلك بشكل جمعي يتطلب أن تكون هناك ثقافة توعوية من الجهات مختصة توقف إستخدامات صيغ مطلق التفضيلات في الترويج للأعمال الإبداعية والمبدعين بشكل ساذج، والذي حتماً يؤثر في رأي المتلقي ولو لوقت وجيز، ويضر ببقية ما يعرضه المبدعين بشكل إقصائي من المشهد الثقافي، ولا يتيح تناول منتجهم بشكل متساوي، فينالوا حظ الانتباه لوجوده كما غيره. لم لا تكون هناك حيادية من قبل المروجين للحديث عن المنتَج قبل المنتِج بشكل موضوعي  يسرد عن كلاهما ماشاء ولكن مع تجنب إستخدام صيغ التفضيل المطلق المعرضة كلاهما؛ المنتَج والمنتِج لخطر السقوط.

التجربة خير برهان:
يمكنك عزيزي القارئ أن تستحضر من ذاكرتك أو أمام بحثك بالشبكة العنكبوتية لنماذج عدة سواء في اقليمنا العربي وغيره لأسماء: عازف/أغنية /ممثل/رواية/ديوان/فيلم...الخ  سبق ظهور/تدشين المبدع ونتاجه الإبداعي حشد جيد من الترويج ولكن بعد أن واجه وعي المتلقي كانت النتيجة محصلة غير موازية للدعاية والطموحات المرجوة. حتى وإن كان هناك نجاح أهل المبدع و/أو عمله للوصول إلى المصاف الأولى  وهو ليس أهل له، سيأتي وقت لشريحة من المتلقين وتكشف عن هذا الإدعاء والمحصلة بالتأكيد لن تكون في صالح المنتَج والمنتِج ولا من انتقى العمل ووضعه أمام المتلقي كمحكم أو ناقد أوصحفي أو إعلامي أو حتى مدعيي الثقافة بغرض الترويج.

الثقة أمر يُبنى على خبرة، والجودة بتفاوت درجاتها تطلب معيار/معايير في كل ما يعرض لتصنيف مركزها في قائمة موضوعية يرتكز عليها المتلقي أياً كانت خلفيته الثقافية.
ما يبنيه العلم لا يغيره إلا العلم! هكذا نهج الطبيعة في تطور حياة الإنسان، القائم على أمر الفكر والإنجاز الهادف.

iraqtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإبداع بين الإنتاج والترويج الإبداع بين الإنتاج والترويج



GMT 12:16 2019 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

فتاة القطار

GMT 16:24 2019 الأحد ,19 أيار / مايو

أجيال

GMT 19:35 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هذا ما أراده سلطان

GMT 17:50 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

في نسف الثّقافة..

GMT 14:29 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

الحُرّيّة

GMT 17:41 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

​عبدالرحمن الأبنودي شاعر الغلابة

GMT 13:08 2018 الأربعاء ,18 إبريل / نيسان

الموت كتكتيك أيدولوجيّ

GMT 21:09 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 17:33 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

تتحدى من يشكك فيك وتذهب بعيداً في إنجازاتك

GMT 13:45 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

أبرز صيحات موضة بدلات ملونة بستايل عصري وجديد

GMT 13:25 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

مجموعة من مجوهرات عروس فخمة من وحي أهم النجمات

GMT 01:30 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مايكروسوفت تجعل متصفح Edge أسرع وأكثر عملية

GMT 13:00 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

طريقة إعداد حلوى "تشيز كيك اللوتس" الشهية

GMT 19:38 2017 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

واتساب تعلن عن خاصية مشاركة المكان بشكل مباشر

GMT 22:26 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

الشباب يواصل تدريباته على ملعب الأمير خالد بن سلطان

GMT 19:36 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

تحذير أممي من تعرض اليمن لأكبر مجاعة يشهدها العالم

GMT 01:22 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

صيحات مميّزة للحقائب باللون الأبيض لصيف 2018
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq