طلقة مزابية

طلقة مزابية

طلقة مزابية

 العراق اليوم -

طلقة مزابية

بقلم : حسن البصري

سألت حارس السيارات في مدخل حي كاليفورنيا، وكان يرتدي سترة صفراء أكثر اختناقا بالعلامات الإشهارية من قميص فريق محترف، عن منزل البرلماني عبد اللطيف مرداس الذي قتل رميا الرصاص، فطلب مني ركن سيارتي جانبا في زنقة طرابلس والسير على القدمين لأن الفيلا توجد في زنقة بنغازي.

تراقصت أمام عيني أحداث ليبيا، وتساءلت عن سر هذه المفارقة، وما إذا كانت زنقة بنغازي مساحة مستقطعة من مشهد الدم الذي لازال يضرب أرض عمر المختار، قبل أن يتبين بأن الأمر مجرد صدفة خير من ألف ميعاد مع برلماني، وأن الكتيبة التي نفذت التصفية الجسدية لا علاقة لها بفصائل حفتر أو الموالين لأنصار الشريعة.

قبل أن تجف دموع أفراد أسرة البرلماني، طمأن بلاغ رسمي الجميع حول دواعي الجريمة، وألغى شبهة الجريمة السياسية، وصنفها في خانة جرائم الشرف إلى أن يثبت العكس، بينما كان “عاجل” الجزيرة يحمل نبأ “تصفية معارض سياسي” دون أن تعرف القناة القطرية أن المعارضة والأغلبية في عطلة مدفوعة الأجر. وذهبت قناة مصرية بعيدا في تحليل الواقعة حين صنفت الحادث العرضي في خانة العمل الإرهابي، وقالت إن البحث جار عن “أشخاص تسللوا إلى البلاد” في اجتهاد “عبيط” كله عهر ورخص وابتذال، في ما تساءل محلل نبيه عما إذا كانت السفك بدم مرداس ستنهي عقدة البلوكاج الحكومي.

لكن للقضية جزءا آخر تكسوه العتمة ويلفه الصمت، فالراحل كان يرأس لجنة برلمانية تم تشكيلها سنة 2012، للتحري حول حقيقة داء السمنة الذي امتد لراتب المدرب البلجيكي إيريك غيريتس وما إذا كان معفى من الاقتطاعات الضريبية، في عهد علي الفاسي الفهري.

تردد مرداس بمعية أعضاء لجنته على مقر الجامعة، وفتشوا في أوراق وأقمصة المنتخب المغربي، وفي اليوم الموالي توقفت اللجنة عن الكلام، لأن الصدف شاءت أن يصدر المجلس الدستوري قرارا بإلغاء مقعدين بالدائرة التشريعية لسطات من بينهما مقعد عبداللطيف مرداس رئيس لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، نجا الفهري من المساءلة وردد في قرارة نفسه “يحيا العدل”.

لكن مرداس لم يفقد الأمل وأصر على استعادة لقب برلماني، ودخل معسكرا سياسيا مغلقا وعزز هجومه بعناصر متمرسة على سبيل الإعارة الانتخابية، وقرر خوض المباراة في ملعب مزاب مقبرة السياسيين، ورهان الثأر من الهزيمة أمام غيريتس يسكنه ويطرد النوم من جفنيه، رغم أن المدرب البلجيكي دخل في نفس ليلة مقتل مرداس إلى مصحة ببروكسيل نتيجة جلطة دماغية، لا يستبعد أن يستفيق منها حين يعلم بخبر تصفية البرلماني الذي تسلل إلى كشف حسابه البنكي.

يعرف أبناء مزاب بحسهم الهجومي وإيمانهم بأن الهجوم خير وسلية للدفاع، وظلوا حاضرين في المخيال الشعبي القبلي بنزعتهم الحادة، وإيمانهم القوي برائعة مطرب المنطقة ولد قدور التي يقول مطلعها “شدي المكروح بغا يطيح روح”، في مزاب الشيء الوحيد القادر على وقف إطلاق النار بين أبناء المنطقة هي الوتار خاصة إذا أعاد إلى عقارب الدماغ رائعة “العلوة”.

لازال البحث جاريا عما إذا كان حادث زنقة بنغازي معفى من نوايا التصفية السياسية، خاصة بعد ظهور امرأة في مسرح الجريمة، وتورط وسائط التواصل الاجتماعي في القضية، مما يفرض على كثير من سياسيي هذا البلد الاستعانة بسترات واقية من الرصاص، حتى لا يصبحوا عرضة لرصاص لا يفرق بين الأرنب البري والبرلماني، لكن ما نخشاه هو أن يصنف الزعيم الاستقلالي شباط مقتل عبد اللطيف في خانة الجرائم السياسية، ويحرك من جديد ملف سياسيين لف الغموض رحيلهم.

شخصيا أستبعد فرضية التصفية السياسية أو الجنسية لأنه شتان بين سنوات الرصاص وسنوات قلم الرصاص.

iraqtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طلقة مزابية طلقة مزابية



GMT 20:41 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

"الفار المكار"..

GMT 13:29 2019 الجمعة ,10 أيار / مايو

كأس المدربين وليس كأس الأبطال..

GMT 04:37 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

صرخة حزن عميق ومرارة....

GMT 16:50 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

مهلا يا رونار

GMT 16:21 2019 الأحد ,17 آذار/ مارس

أسد يهدد عرش الفرعون

GMT 10:57 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

الاتحاد «بخروه» من «العين» القاتلة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 21:48 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 21:28 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 20:47 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتسرّع في خوض مغامرة مهنية قبل أن تتأكد من دقة معلوماتك

GMT 18:12 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

شاهدي مجموعة مِن أجمل وأروع حمّامات غرف النوم الماستر

GMT 03:21 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

هنا الزاهد تكشف عن أحدث أعمالها

GMT 11:10 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة يفتح أبوابه لـ"علي حسين" ويعِده بمباراة اعتزالية

GMT 14:44 2017 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

اشتباكات بين "درع الأقصى" و"داعش" في مخيم اليرموك

GMT 02:11 2017 الجمعة ,16 حزيران / يونيو

د.ممدوح غراب يكشف خطة تطوير مستشفى جامعة السويس

GMT 07:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

تصاميم فساتين زفاف ناعمة بدون تطريز لإطلالة مثالية
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq