هكذا ندبر الاختلاف

هكذا ندبر الاختلاف..

هكذا ندبر الاختلاف..

 العراق اليوم -

هكذا ندبر الاختلاف

بقلم: بدر الدين الإدريسي

من طبعي أن لا أعامل الكثير من الظواهر التي تطفو على سطح كرة القدم المغربية بين الحين والآخر لتتحول إلى بؤر ساخنة تغذيها بكثير من الجمار السامة، تناولات إعلامية إما متشنجة وإما متسرعة في إطلاق الأحكام وإما منتصرا لطرف دون الآخر، لذلك لم يفاجئني هذا الذي يقذف به المشهد الودادي من غارات وتراشقات بعد قرار الوداد بالإنفصال عن المدرب حسين عموتا.

لم يفاجئني أن يؤثث المشهد الودادي بكل هذا الفجور والزيف والردح أيضا، لأنني مؤمن أن مسافات كثيرة ما زالت تفصلنا عن «الإحتراف» المذهب والفلسفة والجرأة على اتخاذ القرارات الصعبة والمؤلمة من دون سفك أو إراقة للدماء ومن دون استباحة للأعراض ومن دون النهش في لحم الناس، ولأنني أيضا موقن بأن أكثر شيء تعجز عنه الأندية الوطنية هو تدبير الإختلاف بالشكل الذي لا يبقي للمتخصصين في الصيد في المياه العكرة، فرصة للمتاجرة في الأزمات.

ليس نهاية العالم أن ينفصل الوداد البيضاوي عن مدربه عموتا حتى لو كان الأخير قد حقق للوداد ما لم يحققه مدرب وطني غيره، الجمع في موسم واحد بين لقب البطولة وبين عصبة الأبطال، ولا أحد يمكن أن يسائل أو يلوم عموتا على أنه اتخذ قرارا استباقيا بانفصال مسبق فكر فيه قبل وقت إعلانه بزمن يسير، تحديدا منذ العودة من الموندياليتو لما شعر أن هناك بداية لنصب الخديعة، ولا حق لأي كان أن يعطي لنفسه الحرية الكاملة ليرقص على جسد الوداد وجسد عموتا بلا أدنى وازع أخلاقي، إلا أن الوقوف على ناصية الشارع الإعلامي للتراشق بالتهم للحديث عن مؤامرات حيكت وعن مكائد دبرت في الخفاء، يدل فعلا على أن هناك اختلالا نوعيا في منظومة العلاقات بين الأندية ومدربيها، لا يقدمها بشكل إحترافي ولا يترك فيها ولا مساحة لتدبير الإختلاف أو حتى لتطويق الخلاف، فإن نجحنا في الإلتقاء بالأحضان والورود فإننا غالبا ما نفترق بالوعيد والصدود.

إطلاقا لا أحد يستطيع، وهو يدعي على عموتا أنه افتعل الخلاف ليخرج من قلعة الوداد ليصبح طريقه سالكا لإبرام تعاقد جديد، أن ينال من كفاءة ولا من أهلية الرجل، فالتاريخ سيحتفظ لعموتا بأنه نجح في قيادة الوداد في ظل الكثير من الإكراهات البشرية إلى الفوز بالتاج الإفريقي، ليكون أول مدرب مغربي يجتمع له المجدان معا، مجد الفوز بلقب البطولة ومجد الفوز بعصبة الأبطال، ومن فكر مجرد التفكير في التعدي الصارخ على حق عموتا الكامل في هندسة التتويج الودادي فهو بالتأكيد شارد وسينعت من الجميع بعدو النجاح، ومن سخر عموتا من أجل معاداة الناصري تحت أي ذريعة، قطعا لن يجني من ذلك إلا الهوان.

يرحل عموتا عن الوداد قبل ستة أشهر من نهاية عقده مع الوداد لا اعتراض، وتترك الوداد الربان التقني الذي أهداها ما لا يقدر بمال تحت الإكراه أو ما شابه ذلك فلا اعتراض أيضا، ولكن أن تخرج كل يوم من الجحور سموم ينفثها أصحابها بهدف تسميم الأجواء، فهذا ما أنسبه شخصيا لهواية التدبير وأيضا لعدم القدرة على تدبير الإختلاف الذي إن أفضى للفراق والإنفصال، فإنه لا يمكن أن يفضي لمعارك تجهض فيها القيم، وكما أن مسؤولية الوداد كبيرة في ترك الحبل على الغارب وفسح أكثر من مجال للمياه العادمة لتلوث المشرب الودادي، فإن مسؤولية حسين عموتا كبيرة أيضا، لأنه من غير اللائق أن يسمح للخبثاء بأن يأكلوا الثوم بفمه وأكثر من ذلك أن ينغصوا عليه فرحة كتابة التاريخ.

مرجعية الوداد تفرض بعد كل هذا الذي تداعى على منصات التواصل الإجتماعي، أن توضع نقطة الخاتمة على نص تم اجتراراه وتسفيهه، وأكاديمية وشهامة عموتا تفرض عليه أن يطوي الكتاب ويمضي إلى ما هو أهل له بكفاءته غير آبه بما أصابه من سهام، كثير منها يقوي ولا يقتل.

فإن فعل الوداد وعموتا ذلك سكتت الذئاب عن العواء.

iraqtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هكذا ندبر الاختلاف هكذا ندبر الاختلاف



GMT 12:01 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

رونار وفكر الثوار

GMT 08:49 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

ثلاثة ملفات كبرى

GMT 10:13 2018 الأربعاء ,04 تموز / يوليو

018 ـ 2026: ضربتان موجعتان

GMT 09:54 2018 الأحد ,24 حزيران / يونيو

أبقوا الرؤوس مرفوعة

GMT 10:25 2018 السبت ,09 حزيران / يونيو

مصداقيتنا في مرآة العالم

GMT 22:45 2020 الأحد ,12 إبريل / نيسان

أحوالك المالية تتحسن كما تتمنى

GMT 17:51 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

تنتظرك أحداث مهمة وسعيدة

GMT 16:22 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

داليا البحيري تواصل تصوير مسلسل "للحب قصة أخيرة"

GMT 03:38 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ناصيف زيتون يعلن عن مفاجأة جديدة لجمهوره

GMT 05:10 2017 الأربعاء ,10 أيار / مايو

عرض قميص لاعب عربي في متحف ميسي الخاص

GMT 08:17 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

نبيلة عبيد تكشف عن أصعب شخصية جسدتها في السينما

GMT 22:07 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

عادل عبد المهدي يعرض حكومته رسميًا في جلسة مجلس النواب

GMT 16:19 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

الفنانة شريهان تكشف عن صورة شقيقتها الوحيدة

GMT 19:32 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح أفضل لاعب في مباراة ليفربول وليستر سيتي

GMT 06:42 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

فلاديمير بوتين يسعى لفترة رئاسية جديدة في روسيا

GMT 12:02 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البحرية الليبية تنقذ 299 مهاجرًا غير شرعي قبالة شواطئ زليتن

GMT 17:16 2017 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

جوستافو كونتيروس يطالب برحيل سعد لكرو وحسام غالي عن النصر

GMT 06:07 2017 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

لماذا الإسلام المعتدل؟

GMT 20:53 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجع نياما في المالديف ملاذ للباحثين عن الراحة

GMT 05:47 2017 السبت ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل الأطعمة لمكافحة أمراض القلب والأوعية الدموية

GMT 14:05 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"STC" تبدأ تسليم سيارات "فولكس واجن "للفائزين

GMT 23:00 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الملكة رانيا العبد الله تُطلق فعاليات أسبوع عمّان للتصميم

GMT 02:47 2017 الإثنين ,25 أيلول / سبتمبر

قصف صاروخي على مناطق عدة في مدينة دير الزور
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq